دراساتصحيفة البعث

طيارو أمريكا… تجار الموت

ترجمة : هناء شروف

“مرة أخرى نجد أنفسنا في حرب باردة مع روسيا، تركزت هذه المرة على حرب شديدة الحرارة في أوكرانيا، الجمهورية السوفيتية السابقة، ومع ذلك إن هذا الصراع البعيد لا يؤدي إلا إلى إثارة مخاوف جديدة من كابوس نووي يمكن أن يدمرنا جميعاً”.. بهذه الكلمات لخص ويليام ج. أستور من أكاديمية القوات الجوية الأمريكية التاريخ الحقيقي للقوة الجوية الأمريكية، حتى أنه زاد على ذلك بالقول: “ماذا يمكنني أن أخبرك عن ما لم تسمعه من قبل في جميع الفصول الدراسية التي حضرتها وجميع المحاضرات التي تحملتها؟”. ويتابع، ألا ينبغي لنا نحن الطيارين أن نفكر في قصف ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية الذي أسفر عن مقتل  ما يقرب من 600 ألف مدني، ولكن لم يثبت أنه حاسم في هزيمة أدولف هتلر؟

في الواقع، تستحق القوات السوفيتية نصيب الأسد من الفضل هناك، يجب أن نفكر ملياً في القصف بالقنابل الحارقة في طوكيو، والذي أسفر عن مقتل أكثر من  100 ألف شخص من بين 60 موقعاً آخر ألقيت بالقنابل الحارقة، والقصف الذري لهيروشيما وناغازاكي على حد سواء على الفور و مع مرور الوقت، قتل ما يقدر بنحو 220 ألف ياباني. وخلال الحرب الكورية  قامت قواتنا الجوية بتسوية كوريا الديمقراطية بالأرض،  ومع ذلك انتهت تلك الحرب بمأزق مستمر حتى يومنا هذا.

منذ أن بدأت الحرب العالمية الثانية، قتلت القوات الجوية للولايات المتحدة ملايين الأشخاص حول العالم. ومع ذلك وهذا هو الشيء الغريب، لا يمكننا حتى أن نقول إننا انتصرنا بوضوح في أي حرب.

في حرب فيتنام، قصفت قوتنا الجوية فيتنام ولاوس وكمبوديا، وأطلقت العنان لمواد شديدة الانفجار ونابالم وسموم مثل العامل البرتقالي ضد العديد من الأبرياء المحاصرين. ومع ذلك فقد سادت النسخة الفيتنامية من الشيوعية  حتى مع استمرار معاناة شعوب جنوب شرق آسيا ،وموتها من سيل الدمار الذي أمطرناه عليهم منذ نصف قرن.

بالانتقال إلى الأحداث الأخيرة،  تمتع الجيش الأمريكي بتفوق جوي كامل في أفغانستان والعراق وساحات معارك أخرى،ومع ذلك أدى هذا التفوق إلى قتل المدنيين وخسارة الحروب. لقد أدى إلى مقتل عشرات الآلاف على يد القوة الجوية، لأنه  للأسف لا توجد أشياء مثل قنابل الحرية أو صواريخ الحرية.

يؤكد ويليام ج. أستور أنه إذا أصبحت ضابط إطلاق نووي في صومعة في وايومنغ أو داكوتا الشمالية، فقد تصبح تاجر موت من نوع لا يمكن تصوره، حتى لو قمت بتحليق طائرة بدون طيار أثناء جلوسك في مقطورة على بعد آلاف الأميال من هدفك فإنك تظل تاجر موت.

تذكر أن آخر هجوم بطائرة بدون طيار شنته الولايات المتحدة في أفغانستان عام 2021 أسفر عن مقتل  10 مدنيين من بينهم سبعة أطفال، وأنه  لم  تتم محاسبة أي شخص في سلسلة القيادة. بعد كل شيء لماذا تلك الطائرات بدون طيار، أو  كما نفضل أن نسميها  الطائرات الموجهة عن بعد. على مر السنين تم تسميتها بأسماء مثل بريداتور وريبر.

ومثل العديد من الطيارين الذين سبقونا،سنتمتع بقوة كبيرة على الحياة والموت في الحروب والصراعات الأخرى القاتمة للغاية في هذا القرن. هل أنت مستعد حقاً لمثل هذا العبء، خاصةً أن القوة والسلطة غير خاضعين لرقابة الأخلاق والنزاهة والتي ستقودك أنت وبلدك إلى طريق مظلم للغاية بالفعل؟.