محكمة صوْرية في كلية الحقوق بجامعة حلب
حلب – غالية خوجة
“محكمة”، “رفعت الجلسة”، “من فضلكم لا داعٍ لأي شغب”، كلمات لم نكن، لحظتها، نسمعها من الإذاعة وبرنامج “حكم العدالة” للمحامي هائل اليوسفي، بل هي كلمات رددتها أصوات طلبة كلية الحقوق على مدرج “الحضارة”، وهي تناقش الدعوى أساس 309، ضمن قانون العقوبات السوري، ومواده، ومنها المادة رقم 535، في محاولة للبحث عن قاتل فتاة وجدت جثتها في أحد الأماكن بحلب، ليقف خطيبها المشتبه به، أمام المحكمة، وهو ينكر ما ينسب إليه رغم الكثير من الشبهات التي تشير إليه، ليتبين أنه الفاعل لكنه مريض نفسياً أيضاً.
فما أجمل أن يطبق الطلاب ما يدرسونه نظرياً على الواقع العملي بأسلوب فني مناسب لاختصاصهم الجامعي.
وهذا ما بادرت به كلية الحقوق بجامعة حلب من خلال مسرحية صوْرية، تنقل الطلاب إلى عالم القصر العدلي ومحاكمه وتطبيقه للقانون بين محامي الدفاع وممثل النيابة العامة والمتهم والشهود، مما جعل منصة المدرج قاعة محكمة لطلاب أجادوا تقديم الأدوار بطريقة مسرحية، تنقل العالم الخارجي إلى عالم الكلية الداخلي.
ورغم أن سيناريو المسرحية عانى فنياً من بعض الإنشائية، ورغم بعض الأخطاء النحوية من الطلاب الممثلين، إلاّ أنهم أقنعوا وجذبوا الحشد الهائل من الحاضرين الذين ورغم حرارة الظهيرة واصلوا المتابعة البصرية الصوتية للمشاهد، وهذا يعني أن الجاذبية موجودة في مسرحية “جريمة القتل” التي أقامها الاتحاد الوطني لطلبة سورية – فرع جامعة حلب، ومكتب التعليم العالي وقضايا الطلبة، والهيئة الطلابية لكلية الحقوق، وكانت من إعداد المعيد حذيفة اسكيف بالمشاركة مع عمر حجازي، محمد فاضل، مصطفى الجابر، وسيم السلوم، محمد نور خطيب، بلال بو فاعور، صبا حبو، محمد عميد الدوش، عبد الكافي خانطوماني.
الفن يساهم في ترسيخ المعلومات
وعن هذه المبادرة قالت د. مارال سركيس، نائب رئيس جامعة حلب لشؤون البحث العلمي والدراسات العليا: إنها المسرحية الأولى، مسرحية أقرب إلى جلسة عملية من أجل اعتياد الطلاب على الواقع الحياتي خارج الجامعة والدراسة، وتساهم في تطبيق المواد القانونية بذكاء يعتمد على شخصية طالب الحقوق الذي سيتخرج ليكون محامياً أو قاضياً أو ممثل نيابة عامة.
وتابعت بابتسامة راضية: كأنني كنت بجلسة محكمة حقيقية.
أمّا ماذا تتوقع بعد هذه التجربة؟ وما اقتراحاتها؟
فأجابت: أن نقدم الأفضل، خصوصاً وأن طلاب جامعة حلب يسعون إلى كل جميل وجديد، ومشهود لهم بالتفوق التعليمي والعلمي والواقعي.
أقترح مسابقة مركزية
وبدوره، قال د. عبد القادر هبّاش، عميد كلية الحقوق، إنها باكورة مبادرتنا في هذه الكلية، وسننتقل إلى محاكمات أخرى في مجالات أخرى، مثل المحكمة الجزائية، والمحكمة العسكرية، ومحكمة الأحداث والجانحين.
وتابع: فكرة تأسيس محاكمة صوْرية للتدريب هي من رؤية الكلية من أجل أن يعيش الطالب في وقائع الحياة، وسوق العمل ضمن وأثناء التعليم، لاكتشاف المهارات العملية بعد اكتساب المهارات العلمية والتعليمية، ما يساهم في تطوير الشخصية الذاتية والمهنية، ويمنحها المزيد من الثقة بالنفس العارفة التي تضيف للحياة إنتاجاً للعدالة ضد الظلم.
وعن اقتراحاته لمزيد من استمرارية هذه المبادرة وتطويرها، أجاب: أقترح أن تنتشر هذه المبادرة في كافة الكليات وكافة الجامعات السورية، وأن تكون هناك مسابقة على مستوى القطر العربي السوري.
شاشة عرض داخلية وخارجية
ومن الآراء التي استطلعتها “البعث” بعد انتهاء المسرحية، أخبرنا الطالب وسيم سلوم بأن دور الطالب الذي أدّى دور المتهم أقنعه، وتمنى لو كانت هناك شاشة عرض داخل القاعة وخارجها ليشاهد العمل أكبر عدد ممكن من طلاب الجامعة لأنهم اكتظوا في القاع بازدحام خانق.
بينما أكثر ما جذب الطالبة سيما زيادة هو التمثيل الذي جعلها تعيش جو المحكمة، أمّا الطالبة دعاء فتوح، فقالت: لقد تعلمت أحكام عقوبة “القتل”، وأعجب الطالب محمد ذهني بدور كل من الطالبين الذين أدّيا دور القاضي والنيابة العامة كونهما كانا أكثر إقناعاً، وركّز الطالب عمار حج علي على الطريقة الجديدة في تقديم المواد القانونية بشكل مسرحية جميلة.