رواية “سراديب الوعد”.. هاجمت الكسالى وخصص ريعها لـ “جمعية بسمة”
لم يكن تخصيص ريع رواية “سراديب الوعد” لمؤلفها أحمد السح لجمعية بسمة لدعم الأطفال المرضى بالسرطان وليد اللحظة، وهي التي تمّ توقيعها مؤخراً في دار ألف نون للفنون، حيث بيَّنت عفراء هدبا صاحبة دار دلمون للنشر في تصريح لـ “البعث” أنه ومنذ البداية أراد مؤلفها أن يكون ريع هذه الرواية لجمعية بسمة، وقد كان هذا الموضوع مؤثراً كثيراً بالنسبة لها، مؤكدة أنها لم تتردّد في طباعة التجربة الروائية الأولى له، وهي التي كانت أول من قرأ كتاباته وأول المشجعين له لطباعة ما يكتبه قبل تأسيس دار نشرها دلمون، واتجه حينها إلى الهيئة العامة السورية للكتاب وطبع أول ديوان شعر له ومجموعة مسرحية، وحين تأسّست الدار تبنّت ديوانه الشعري الثاني لإيمانها به كشاعر موهوب لديه همّ عام، ويمتلك مخزوناً ثقافياً كبيراً تجلّى في أعماله السابقة وفي روايته “سراديب الوعد”. وأوضحت هدبا أن الدار تشجّع المواهب الشابة وتتبنى أعمالهم وتجاربهم الأولى، لأن أيّ كاتب من كتّابنا الكبار كانت لديه تجربة أولى وانطلق بعد ذلك، دون أن تنكر أن ذلك لا يخلو من المغامرة التي تقوم بها الدار التي تأسّست لدعم الشباب، مع تأكيدها أن عنصر المغامرة محصّن بوجود لجنة أدبية تقرأ الكتب المعروضة عليها ومن ثم توافق على نشرها إن توفّرت الشّروط المناسبة لذلك، وفي حال عدم توفّر هذه الشروط فهي لا تتبنى الكتاب في ظل غلاء الورق ومواد الطباعة، وبالتالي فإن الدار اليوم تطبع ما هو ذو قيمة.
مدينة افتراضية
وأشار أحمد السح إلى أنه أراد أن يكون ريع الطبعة الأولى من الرواية لدعم الأطفال المصابين بالسرطان، في محاولة ألا تكون مجرد عمل روائي وإيماناً منه بدور الأدب في المجتمع، موضحاً أنه سبق وأصدر عدة مجموعات شعرية وكتاباً في المسرح، أما الرواية فقد كانت مشروعاً مؤجلاً مع أنها كُتِبَت تزامناً مع كتابته الشعر، وقد بدأ بكتابتها منذ 12 سنة كي يختبر نفسه في كتابة فن الرواية من خلال سرده لحكاية بدأتْ تكبر شيئاً فشيئاً أثناء الكتابة، مبيناً أنه عندما اتّخذ قراره في أن تبصر النور وألا تبقى حبيسة داخله توقف عن الكتابة، وهو اليوم سعيد بأنها أبصرت النور ليتلقفها الجمهور وليتحرّر منها لإنجاز مشاريع أخرى يشتغل على بعضها منذ سنوات، منوهاً بأنه لا يفكّر كثيراً في الشكل الذي ستظهر فيه فكرته لأن المضمون برأيه هو الذي يفرض الشكل الذي يليق به “رواية، شعر، مسرح”، مع إشارته إلى أن أجمل ما في الرواية أنها تستوعب كل الفنون والأساليب الكتابية، وروايته كذلك تعتمد هذا الخلط ويسودها السرد الروائي والحدثي، وفيها الحوار حاضر ويتماهى مع السرد نفسه، معتمداً فيها على التقطيع السينمائي بتكنيك كتابة النص. ولم ينفِ السح أن الشاعر فيه كان حاضراً في روايته، مع محاولته ضبطه كما ضبطه في الكتابة المسرحية والصحافة، لكنه تسلّل إليها مع محاولته قدر المستطاع أن يُخلِص لطبيعة الشخصيات التي جعلها تحكي بمنطقها كأبناء عين الزرقاء، فهم ليسوا شعراء ومثقفين، بل بسطاء يحكون بلغة فجة تشبه بيئتهم الفجة التي لم تعرف المطر، مشيراً إلى أنه في رواية “سراديب الوعد” هاجم فكرة الكسل حين هاجم أبناء عين الزرقاء الكُسالى، وهي مدينة لها قيمها التي لا تشبه قيمنا بكثير من التفاصيل ولكنها تشبه تصرّفاتنا، مؤكداً أن الرواية تقوم على أحداث متواصلة ومشوّقة للقارئ في حال دخل اللعبة التي يقوم بها الكاتب الروائي، حيث تدور أحداثها في عالم افتراضي ومدينة افتراضية بزمن افتراضي يدخل إليه القارئ ويعيش مع الشخصيات التي تحكي جذور الأشياء، فهي لا تحكي عن الحب وإنما عن جذوره، في حين أن مبادئ وقيم المدينة لا تتقاطع مع مبادئ وقيم مجتمعاتنا، وهي مدينة عين الزرقاء التي تدور فيها الأحداث، ولها قوانينها لدرجة أنه ليس فيها اقتصاد وإنما تعتمد المقايضة “جذور الأشياء وبداياتها”، وقد أرادت الرواية أن تؤكد من خلال القيم المطروحة أن ما يؤَسَّس على باطل ووعد منكوث لا يستمر ويذهب بنا إلى المتاهة كما نهاية الرواية، متمنياً أن تحظى الرواية باهتمام نقدي وجماهيري.
يُذكر أن أحمد السح من مواليد مدينة سلمية، درس هندسة الحاسبات في جامعة حلب ويعمل في مجال الإعلام المرئي.
أمينة عباس