الاتحاد الأوروبي يعاقب نفسه والعالم
هناء شروف
فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا بسبب “عمليتها العسكرية الخاصة” في أوكرانيا، اعتقاداً منها أن العقوبات ستضعف الاقتصاد الروسي وتنهي الصراع، ومع ذلك فإن الوضع على الأرض يخون مثل هذا الاعتقاد، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي أطلق العنان لست جولات من العقوبات القاسية ضد روسيا.
تعرّض الاقتصاد الروسي لضربة بلا شك، ولكن من ناحية أخرى تعززت قوة الروبل الروسي، فقد شهد أقوى سعر له منذ سبع سنوات مقابل الدولار الأمريكي منذ أيام، ونتيجة لذلك، سلّطت “الايكونوميست”، وبعض وسائل الإعلام الغربية الأخرى الضوء على مرونة الاقتصاد الروسي في مواجهة العقوبات القاسية، وأرجعوا الفضل إلى عائدات الاقتصاد الروسي المرتفعة التي يجنيها بسبب ارتفاع أسعار السلع، وبالتالي فإن المتضرر من العقوبات هو الاتحاد الأوروبي نفسه، فقد بلغ معدل التضخم في الاتحاد الأوروبي 8.8 في المئة في أيار الماضي، وفي المملكة المتحدة بلغ 9.1 في المئة في 12 شهراً حتى أيار، وهو أعلى معدل في 40 عاماً، وفي الولايات المتحدة ارتفع معدل التضخم إلى 8.6 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ كانون الأول من عام 1981، كما أن أسعار الغاز في الولايات المتحدة تحوم حول 5 دولارات للغالون، ما دفع الرئيس جو بايدن إلى اتخاذ منعطف في سياسته من خلال الإعلان على عجل عن زيارة إلى السعودية في منتصف شهر تموز المقبل في محاولة لتخفيف إمدادات النفط.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، صُدم زعماء الاتحاد الأوروبي بعد أن أعلنت ألمانيا والنمسا وهولندا أنهم سيعيدون إحياء محطات الطاقة التي تعمل بالفحم لتعويض انخفاض إمدادات الغاز من روسيا، وهو ما يمثّل ضربة محتملة لـ “الصفقة الخضراء” للاتحاد الأوروبي.
إلى جانب ذلك، حث الرئيس السنغالي ماكي سال، رئيس الاتحاد الأفريقي، الاتحاد الأوروبي على السماح للدول الأفريقية بدفع ثمن الحبوب والأسمدة المستوردة من روسيا التي استُبعدت بنوكها من نظام الدفع “سويفت” كجزء من عقوبات الاتحاد الأوروبي.
وقال بن سميث الرئيس التنفيذي لشركة الطيران الفرنسية “كي ال أم” لشبكة “سي إن إن” الأسبوع الفائت: إن إغلاق المجال الجوي الروسي بالمثل مع الاتحاد الأوروبي أجبر العديد من الرحلات الجوية على الطيران لساعات إضافية، ما يقوّض مكافحة تغير المناخ.
علاوة على ذلك، خفّضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو العالمي خلال العامين المقبلين، حيث تجنب الأمين العام للمنظمة ماتياس كورمان الإجابة عما إذا كانت العقوبات المفروضة على روسيا قد أثرت على الاقتصاد العالمي، وألقى باللوم على روسيا فقط في المشكلة، كذلك كان رد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مشابهاً عندما سئل قبل أيام عما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيعيد التفكير في عقوباته بسبب الجروح التي تسببها لاقتصاد الاتحاد الأوروبي.
لطالما تم استخدام العقوبات الاقتصادية كأداة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للتنمر على الاقتصادات الأصغر، لكن عقوباتهم لم تساعد في تلبية متطلباتهم، سواء كان ذلك في جمهورية كوريا الديمقراطية، أو إيران، أو فنزويلا، وآخرها فشلهم في العقوبات على روسيا، ولكن ما نجحوا به للأسف هو فقط معاقبة المدنيين الأبرياء، خاصة النساء والأطفال في الدول المستهدفة.