رشا الخضراء: الكتاب المدرسي أولاً و”الوافِر” متمم للأفكار الأساسية
البعث الأسبوعية-أمينة عباس
من يتابع مسيرتها المهنية في تدريس مادة اللغة العربية يدرك مدى حبها للّغة العربية والذي ترجمته عملياً بتدريس هذه المادة الهامة في مدارسنا من خلال منهج تدريسي محبب لقلوب الطلاب بهدف إشراكهم في حبلغتهم الأم، إضافة إلى إصدارها مجموعة من الكراسات والمراجع، كان آخرها كتيّب “الوافر” بعد أن كانت قد أصدرت سابقاً مرجعاً شاملاً في اللغة العربية بعنوان “لغتي هويتي”.
*حبذا لو تعطينا فكرة عن الكتيّب وأهميته بالنسبة للطالب؟.
**”الوافِر في اللغة العربية” موجه لطلاب الصّف التاسع، صدر عن دار أفنان وهو كُتيّب يحتوي بين دفتيه أساسيات قواعد اللغة والإملاء والبلاغة وأساسيات النصوص الأدبية، شرحها وإعرابها ودروس قواعد اللغة والإملاء الموجودة ضمن المنهاج والطرق المبسطة لكتابة التعبير، وكل ذلك بأسلوب حديث مُبسط يجعل الطالب بعيداً عن التخبط والقلق من صعوبة المنهاج ليتجه به إلى البساطة وحب مادة اللغة العربية.
*كيف ولِدَت فكرة كتيّب “الوافر”؟
**كنتُ منشغلة بتحضير ديوان شعر بعنوان “ياقوت اليمامة” وهو الديوان الثامن لي، وأثناء امتحانات الصف التاسع لجأت إليّ مجموعة من الطلاب لمراجعة مادة اللغة العربية قبل تقديمها بأيام قليلة، ورغم أنني لم أعتد أن أفعل ذلك مع طلّاب لم أؤسسهم ولا أعرف ما هو مستواهم اضطررتُ إلى مساعدتهم، خاصةً وأن مادة اللغة العربية مادة مرسّبة، وكنتُ متوقعة أن الطلاب خلال هذه الفترة يكونون قد انتهوا من حفظ المادة استعداداً لتقديمها، ولكنني لامست عندهم فقدان المعلومات الأساسية التي تعتمد على مرحلة التأسيس، وكان التحدي بالنسبة لي هو كيف أرمّم ذلك خلال ثلاثة أيام، وقد استفدتُ كثيراً من توجيهات الموجهين القائمين على دورة تثبيت الوكلاء التي اتبعتُها على مدى عامينوالذين كانوا يركزون على استراتيجيات مهمة لحالات طوارئ، منها استراتيجية خرائط المفاهيم التي تفاعل معها الطلاب بشكل كبير، وحين لمستُ التحسن الكبير لديهم وسعادتهم بتقديم هذه المادة في الامتحان بشكل جيد ولِدت فكرةُ الكتيّب ليستفيد منه كل طالب لديه ضعف في تعلم أساسيات اللغة العربية، فقمتُ بإعداده ليكون على مبدأ (التغذية الراجعة) إضافة إلى تطوير أسلوب طرح الأفكار باعتمادي على خطط ممنهجة في طرائق التعليم في الميدان التربوي لاعتماد أسلوب خرائط المفاهيم لأُبعد الطالب عن التعقيد في حفظه للمعلومة، إضافة إلى ملامستي خوف الطالب من الإعراب وابتعاده عن مصطلحات لغوية تربطه بشكل مباشر بأسلوب المحاكاة المبسطة ليطبقها على المفردات ضمن النصوص الأدبيّة ليسهل عليه الإعراب، وقد استخدمتُ أثناء شرحي للدروس كافة الأمثلة المبسَّطة.
*هل يمكن أن يكون هذا الكتيّب بالنسبة للطالب بديلاً عن الكتاب المدرسي؟
**بالتأكيد لا لأن الكتاب المدرسي أولاً وأخيراً هو الأساس، أما الكُتيب فهو المتمّم للأفكار الأساسية أو الدروس الصعبة التي قد يقرأها الطالب دون جدوى، لكن وجود هذا الكُتيب سيجعل الطالب في مرحلة الشهادة يبتعد عن صعوبة فهم أي معلومة.
*المعلم هو الأساس في العملية التربوية، فما هي الخطوات الأساسية التي يجب أن يتخذها للنجاح في تدريس مادة اللغة العربية؟
** الحديث عن كيفية التأسيس والأساليب التي يمتلك ناصيتها الطالب ليبحر في مجال اللغة ويكسر حاجز الخوف والرعب من مادة اللغة العربية كمادة أساسية في جميع المراحل الدراسية يعني التحدث أولاً عن المعلّم وعن الخطوات الأساسية التي يجب أن يتخذها للنجاح في عمله، والبداية تكون مع التخطيط المحكم للدرس للوصول بشكل ناجح لمحاوره، كما يجب على المعلم أن يواكب عملية تطور المناهج من خلال أسلوب تدريسه لأن التدريس هو فن توصيل المعلومة إلى الطالب من خلال طريقة إعطائهباستخدام طرائق تعليمية واستراتيجيات كثيرة، مع الإشارة إلى أن هناك بعض المدرّسين يعتقدون أن استخدام هذه الاستراتيجيات غير ضروري للطلاب في الصف التاسع باعتبار أنهم كبار، وهذا أكبر خطأ يرتكبونه لأن هناك استراتيجيات عديدة تُستخدم في هذه المرحلة مثل استراتيجية العمل الجماعي والتعليم التعاوني واستراتيجية المناقشة والحقيبة التعليمية والمشاريع، إضافةً إلى استراتيجية التدريس الاستقرائي وخرائط المفاهيم، وهي استراتيجية استخدمتها في كُتيّب “الوافر” مع التأكيد على أن أي معلومة تُقَدَّم للطلاب يجب أن تبقى في ذاكرته، وهذا لا يتحقق إلا عندما يقوم المعلّم في بداية كل عام دراسي بعملية تغذية راجعة ليستطيع الطالب مراجعة معلوماته تمهيداً لاستقبال المعلومات الجديدة، إضافةً إلى اهتمامه بالطالب ضمن حجرة الصف بعيداً عن الفروق الفردية، بمعنى أن هناك العديد من المعلّمين الذين يختارون الصفوف التي تضم طلاباً ممتازين في اللغة، والسؤال هنا إذا كان الطلاب في الأساس ممتازين فعلامَ يقول المعلّم أنه ناجح؟ من هنا تبدو أهمية أن يكون ضمن الصف مستويات مختلفة من الطلاب، وهنا تظهر مقدرات المعلم لمراقبة الطلاب ذوي المستوى الضعيف ومعرفة إن كان هناك تحسن لديهم، وإن تحقّق هذا لديه بعد فترة يحق له أن يقول عن نفسه أنه معلّم ناجح.
**ما أهم الأخطاء التي يقع بها طلابنا وخاصة في مادة اللغة العربية؟
**أهم خطأ يرتكبونه هو أن أي معلومة تُقدّم لهم يكتسبونها مؤقتاً بغرض تقديمها في الامتحان، وما أن ينتهي الامتحان حتى تُرمى هذه المعلومة من ذاكرتهم، في حين يجب أن يعرف الطالب أن مادة اللغة العربية هي سلسلة مترابطة من المعلومات.
*ما هي الرسالة التي توجهينها لمعلمي مادة اللغة العربية؟
**أوجه رسالة إلى كل معلم وأقول له أن الطلاب أمانة في عنقك، لذلك من الضروري السعي لتكون مادة اللغة العربية مادة محببة ليكون الطالب قادراً علىالوصول بنفسه للتعليم الذاتي فيها، وهو لا يستطيع أن يتعلم ذاتياً إلا إذا كان المعلّم قد أسسه بشكل صحيح من خلال اتباعه الاستراتيجيات التي تحدّثتُ عنها، مع تعزيز ثقة الطالب بنفسه لأن الطالب حين يتعلم ذاتياً لا يلجأ إلى الدروس الخصوصية.
*ماذا عن اللقاء الذي جمعك بوزير التربية والذي خصص للحديث عن “الوافر”؟
**أشاد وزير التربية د.دارم الطباع بهذا الكُتيب بعد أن اجتمعت معه بوجود لجنة ضمت د.عبد الحكيم الحماد معاون وزير التربية، وأ.سامر الخطيب مدير التنمية الإدارية، ومديرة الإشراف التربوي الأستاذة إيناس ميه، ومدير التعليم أ.عماد هزيم، وأسعدني جداً أن وزير التربية وجه في هذا الاجتماع إلى ضرورة توجيه الكُتيب للمعلم أولاً ومن ثم الطالب، وقد أُعجِب باعتماد خرائط المفاهيم القائمة على الأشكال والرسم والتلوين والأسهم لسهولة قراءته من قبل الطالب،كما كان لي شرف لقاء د.لبانة مشوح وزيرة الثقافة ودار الحديث بيننا حول دواويني الشعرية وكتيّب “الوافر” الذي وضعته في مديرية حماية حقوق المؤلف وكان لقائي معها طويلاً ودار حول أمور كثيرة تتعلق بواقع تدريس اللغة العربية خاصةً وأنها عضو في مجمع اللغة العربية.
يُذكر أن رشا الخضراء من مواليد دمشق مدرّسة لغة عربية وشاعرة، صدرت لها عدة مجموعات شعرية، منها “فلسطينية أنا” وأوراق على جدار الزمن” ونالت عدداً من الجوائز، منها جائزة الإبداع الأدبي من الشارقة وجائزة القلم العربي من العراق وهي عضو في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في سورية.