الانقسام بين جمهوريّ وديمقراطي يحدّد وجهة انتقال الأمريكيين في البلاد
البعث – تقارير:
بدأت علامات ومؤشرات التشرذم في المجتمع الأميركي بعد سلسلة من القرارات التي اتخذتها الحكومة الأمريكية، تأخذ منحى بعيداً عمّا يرغب ويؤمن به معظم الأمريكيين، كقرارات حمل السلاح وغيرها من القرارات والإجراءات التي لا تمثل رأي الأغلبية، والتي دفعت إلى فكرة الفصل بين مؤيدي الديمقراطيين ومؤيدي الجمهوريين.
وبوجود هوّة واسعة بين سياسات الحزبين حول مجموعة من القضايا الأساسية، أصبح الانقسام داخل المجتمع الأمريكي يأخذ طابعاً حزبياً إلى حدّ ما، على اعتبار أن القضايا التي يؤمن بها ويتبناها أحد الطرفين يرفضها الآخر، وبالتالي يتسارع الفصل الذاتي الأيديولوجي داخل مجتمعات الولايات المتحدة الأميركية، وذلك حسب دراسة أعدّها موقع “أكسيوس” الأميركي.
وتبيّن الدراسة أن الديمقراطيين الذين يفكّرون في الانتقال إلى ولاية أخرى يختارون ولاياتٍ يسيطر فيها الديمقراطيون على الأغلبية، والعكس صحيح، حيث يفضّل الجمهوريون الولايات التي يوجدون فيها بأعداد أكبر.
هذا الفصل الذي يسعى إليه الأمريكيون كانت له أسباب أخرى أيضاً لعبت دوراً في تحديد الولايات التي يمكن الانتقال إليها، حيث ذكرت الدراسة أن حقوق الإجهاض والمساواة العرقية وحماية المثليين كانت الأكثر عرضة للتأثير في عملية صنع القرار لدى الديمقراطيين، في حين كان الجمهوريون يختارون الولايات التي يوجد فيها ضرائب أقل.
يفقد معظم الأمريكيين إحساسهم بالانتماء إلى مجتمع يفرض عليهم مفاهيم يرفضونها تماماً، وخاصة تلك التي ترتبط بالأخلاقيات الدينية كالإجهاض والمثلية وهي ذاتها ما تسبّبت بالخوف في كثير من المجتمعات في العالم لما لها من مخاطر كبيرة على الأجيال القادمة، ويقول خبير استطلاعات الرأي في “إبسوس”، ونائب الرئيس الأول كريس جاكسون: “بالنسبة للجزء الأكبر، يتطلع الناس إلى الذهاب إلى مساحة آمنة لهم، ولهويتهم الأيديولوجية”، كما قال جاستن جيست، الأستاذ المشارك في جامعة جورج ميسون الذي يدرس سياسات التغيير الديموغرافي: إنه على الرغم من أن “السياسة ليست عادةً السبب الرئيسي وراء تحرّك الناس”، إلا أن “الأشخاص الذين لديهم أسباب أخرى لتحديد موقعهم، يختارون بناءً على احترام قيمهم”.
وبشكل دقيق يتابع جاستن جيست: ذكرت الدراسات الإحصائية أنه كان الديمقراطيون أكثر عرضة للتفكير في الانتقال إلى الولايات الزرقاء (48٪) من الولايات الحمراء (25٪) أو الولايات المتأرجحة (27٪).
وقال: أكثر من نصف الجمهوريين (58٪) والديمقراطيين (55٪) يفكرون في الانتقال إلى ولاية تعكس فيها الحكومة قيمهم السياسية بشكل أفضل، في حين فضَّل 69٪ من الديمقراطيين و65٪ من الجمهوريين، الانتقال إلى ولاية تتوافق بشكل أوثق مع قيمهم الثقافية والاجتماعية، أما سكان الولاية المتأرجحة فكانوا منقسمين بالتساوي بين الانتقال إلى ولاية زرقاء أو ولاية حمراء أو ولاية متأرجحة أخرى. كذلك، قال 38٪ من الذين يتطلعون إلى خطوة الانتقال: إنهم مهتمون بولاية “ستحتسب” فيها أصواتهم أكثر.
ولابد لنا أن نذكر أن هناك أسباباً أكثر إقناعاً في انقسام المجتمع الأميركي ورغبته في الحصول على الأمان، منها تكلفة المعيشة التي كانت أحد أكثر الأسباب التي تستدعي الانتقال، حيث فكّر 63٪ من الجمهوريين بهذه الخطوة و45٪ من الديمقراطيين. ويلي تكلفة المعيشة أسباب مثل الأسرة وأسباب شخصية أخرى والوظائف والضرائب أيضاً.
بالإضافة إلى ذلك، قال 38٪ من الجمهوريين و23٪ من الديمقراطيين: إن المخاوف المتعلقة بالضرائب كانت تشجّعهم على فكرة الانتقال، لكن اعتبرت القضايا الاجتماعية من العوامل المهمّة جداً بالنسبة للديمقراطيين، حيث أخذ الإجهاض (24٪) والعرق (23٪) وقضايا المثلية (18٪) من أسباب تحديد المكان الذي يريدون الانتقال إليه. أما بالنسبة إلى الجمهوريين، فكان هذا صحيحاً بدرجة أقل.
وبالمحصلة، لم يعد الانقسام في المجتمع الأمريكي معتمداً فقط على مسائل اللون والعرق والمستوى الاجتماعي، بل تجاوز ذلك إلى انقسام حاد بين جمهوري وديمقراطي، الأمر الذي يهدّد باضطرابات سياسية واجتماعية في المجتمع تغذيها إلى حدّ ما مشكلات مزمنة مثل انتشار السلاح والعنف والجريمة المنظمة.