مجلة البعث الأسبوعية

الموسم الجديد على الأبواب… كرة القدم باتت تحتاج إلى الضبط لاستمرار نشاطها وقضية الملاعب لم تعد من الكماليات!

البعث الأسبوعية – ناصر النجار

أيام قليلة ويعلن انطلاق الموسم الكروي الجديد بثوبه الجديد ولوائحه الجديدة وإجراءاته الحازمة والحاسمة الموعودة.

المشاهد التي أظهرتها المباريات التي جرت في هذا الشهر وخصوصاً مباريات كاس الجمهورية دلت على أن القادم قد يكون أسوأ إن لم تتم المعالجة الفورية والسريعة لكل حالات الشطط والفوضى والشغب التي أظهرتها المباريات الرسمية، ليكون التساؤل اليوم: ما الحل؟ وهل ستبقى المباريات تحت رحمة الفوضى الكروية التي يمارسها البعض من اللاعبين وكوادر الفرق؟ وإلى متى ستبقى أنديتنا غير مقتنعة بأن الرياضة فوز وخسارة؟

 

تصفية حسابات

بعض الفرق تحاول تصفية حساباتها على أرض الملعب وعلى حساب قدسية الرياضة وأخلاقية كرة القدم، وللأسف بعض اللاعبين يفتعلون الشغب من أجل إزاحة مدرب، أو تعكير أجواء الإدارة أو ممارسة الضغط من أجل شيء ما، أيضاً نسمع عن تصفية حسابات مع بعض الحكام، لأن هذا الحكم أو ذاك كان له موقف سلبي مع أحد اللاعبين في موسم سابق، أو إن الفريق خسر بصافرته في مباراة قديمة، والكلام نفسه ينطبق عن الفرق وما تحمل في ذاكراتها من مواقف قديمة تجاه بعضها.

كل هذا أصبح مكانه أرض الملعب فصار العبء كبيراً على كرة القدم بحد ذاتها التي تقلت أحمالها من كثرة المتهورين والعابثين بالقانون الرياضي.

ويبقى الجمهور الحزين ضحية هذه المواقف، وقد يتدخل على مبدأ نصرة فريقه ودفاعاً عن لاعبيه!.

وكل ذلك لأن الثقافة الكروية غائبة عن ملاعبنا، ومغيبة في أنديتنا، والحقيقة التي يجب أن نقتنع بها أن الرياضة عبارة عن فوز وخسارة، فكما نفرح بالفوز علينا تقبل الخسارة، وللخسارة فوائد كثيرة من أهمها تصحيح الأخطاء ومعالجة الثغرات، ودوماً في المفهوم العام فإن خسارة مباراة أفضل من خسارة موسم، وأفضل من عقوبات قاسية تلحق بالفريق والنادي الويلات والخسائر المعنوية والمادية.

 

الخطوة الأولى

من أجل مكافحة الشطط والشغب في المباريات فإن الخطوة الأولى تبدأ من الفريق بالذات، (لاعبين وكوادر) وكما نرى ونشاهد فإن فتيل الشغب يبدأ من أرض الملعب عندما يعترض اللاعب بشدة على الحكم، وعندما يتدخل رئيس النادي والمدرب والإداري وبقية الطاقم وهذا كله يمنح الإذن للجمهور بالتحرك السلبي والشتم الجماعي إضافة إلى رمي أرض الملعب بكل شيء تقع عليه أيدي الجمهور،  ولو أن الفريق بما يضم من عناصر كانوا منضبطين على أرض الملعب لما حدث الفوران الجماعي، وهنا نجد أن الأمثلة كثيرة والجميع شاهد عليها ولا داعي لذكرها وتعدادها.

وهذا الأمر يهدد كرة القدم والنشاط المحلي ونخشى أن نصل إلى مرحلة تقام فيه المباريات بلا جمهور فتفقد كرة القدم نكهتها أو يتوقف الدوري لامتداد الشغب خشية من عواقب وخيمة لا يعرف مداها وعواقبها، وإضافة لذلك فإن امتهان الشغب لا يساهم في بناء كرة نظيفة أو متابعة مباراة جميلة أو رؤية موسم متميز على صعيد الانضباط والتحلي بالروح الرياضية والأداء الجيد.

ومن هنا لا بد من الالتزام بالاختصاص والمهام المفترضة من كل أركان اللعبة، فالفرق مهمتها أداء المباريات بنظافة وإقناع الجمهور بالأداء الجميل وتقديم المستوى الراقي  الجيد، والنتيجة في المحصلة العامة تأتي كحصيلة حتمية لما تم من أداء وجاهزية، فليس من المنطق أن يكون دور الفرق الاعتراض على الحكم أو الخشونة غير المبررة على الفرق المنافسة،  فالأندية تدفع مئات الملايين للاعبيها وكوادرها من أجل تقديم أفضل المستويات وليس من أجل الشغب وجلب العقوبات على النادي، ولو اهتمت فرقنا بما يخصها من مهام لانتهت أغلب مشاكل الملاعب ومتاعبها.

موقف مسؤول

اتحاد كرة القدم أمام مهمة تقويم اعوجاج البعض من خلال المتابعة الحثيثة والدقيقة لكل مفاصل اللعبة وأركانها، والمفترض أن تطبق القوانين بصرامة على كل من يخالف هذه القوانين بغض النظر عن موقعه، والمصلحة العامة تغلب المصلحة الفردية فالأمانة الموكلة لاتحاد كرة القدم تفرض عليه أن يكون مع القانون وأن يبتعد عن الحسابات الضيقة، فلسنا بوارد مشاكل قد تقضي على كرة القدم ونشاطاتها، ولا حرج في تطبيق القانون على الجميع دون النظر إلى حجم النادي وموقعه وكثافة جمهوره.

والنقطة الأولى في هذا السياق تكمن في ضبط فوضى الملاعب واللاعبين والكوادر والمشاغبين من الجمهور عبر قرارات تحاكي الواقع وتردع الشغب المتنامي مباراة بعد أخرى.

والنقطة الثانية هي اختيار المراقبين من ذوي الخبرة القادرين على تحمل المسؤولية ومواجهة الصعاب وأن يكونوا من النزيهين الذين لا يتأثرون بالعواطف أو الضغوط، ولا بد من توقيف أي مراقب يتقاعس عن تأدية مهامه على أكمل وجه.

أما النقطة الثالثة فهي متابعة الحكام وجميع القرارات التحكيمية بالتعاون مع لجنة الحكام، وكما نطالب دائماً بدعم الحكام وحمايتهم فإننا نطالب بمحاسبة المقصرين منهم بعقوبات رادعة.

تعاون الجميع في مصلحة اللعبة يضع كرة القدم على السكة الصحيحة، وعلينا أن ندرك أن المنتخبات الوطنية هي حصيلة النشاط المحلي فكلما كان النشاط المحلي يتمتع بالمصداقية والشفافية والانضباط والأداء الجيد والاحترام المتبادل بين كل أركان اللعبة انعكس ذلك على المنتخبات أخلاقاً وسلوكاً وتفانياً.

تحكيم وملاعب

اتحاد كرة القدم كان قد أخطأ بالسماح باستقدام حكام من الخارج لأن ذلك سيؤذي تحكيمنا وحكامنا وقد لا يطور العملية التحكيمية إلا إذا كان ذلك على شرط تبادل الحكام مع الدول الشقيقة والصديقة.

والحديث عن الملاعب الرياضية ذو شجون وهموم، ونحن نتكلم عن هذا الموضوع لأن الملعب أحد أركان اللعبة وبدونه لا يمكن أن تقام مباراة كروية، ودوماً يتم الحديث عن الملاعب، والشكوى من الجميع موجودة ودائمة عن سوء أحوال الملاعب ومدى جاهزيتها لاستقبال المباريات ولو بأدنى الحدود، وهذه مشكلة مزمنة قد لا يكون لها حل في الأفق القريب.

في كل عام نسمع عن صيانة هذا الملعب أو ذاك، المشكلة أن الصيانة قد تشمل العشب بالكامل، أي من يقوم بهذه الصيانة عمله غير متقن ولو كان متقناً لما وجدنا ملاعبنا متصحرة، وليس من الطبيعي والمنطقي أن نجد في كل موسم ملاعبنا جرداء وتحتاج إلى الزراعة من جديد وما شابه ذلك من نقطة الصفر!.

لذلك لابد من إيجاد الحلول الناجعة لزراعة جيدة لا نجد فيها العشب الضار ولا يعكرها (الصلع) في كل مكان، وهذا يؤكد أن من يقوم بالإشراف على العمل ليس خبيراً به، ونحن حتى لا نضطر للاستعانة بالشركات الأجنبية لابد من البحث عن الخبرات الوطنية، وهنا نسأل: هل التعاون مع وزارة الزراعة أمر مستحيل حدوثه؟.

هناك الكثير من الخبرات الوطنية في وزارعة الزراعة في اختصاص زراعة العشب والحدائق يمكن الاستعانة بخبرتهم في هذا المجال، وهو أفضل بكثير من هدر المال على الملاعب بشكل سنوي دون أن تتحقق الفائدة، ولدينا العديد من الأمثلة حول الملاعب التي لم تحافظ على نضارتها وجودتها أكثر من شهر أو شهرين كملعب المدينة الرياضية في اللاذقية، وملعب طرطوس وملعب تشرين وغيرها كثير فالقائمة طويلة.

وإذا تجاوزنا موضوع العشب فإن أغلب ملاعبنا تفتقد إلى التجهيزات والمستلزمات والمرافق الصحية الصالحة للاستعمال، وإذا كانت أوضاع بعض الملاعب مقبولة بحدودها الدنيا فإن ملاعب الدرجة الأولى والفئات في وضع يرثى له، حتى إن بعض الفرق وطواقم الحكام تضطر لتغيير ملابسها وسط الملعب، ناهيك عن غياب المياه ودورات المياه.

هذه الملاعب بكل مواصفاتها لا تساعد اللاعبين على أداء مبارياتهم بروح معنوية عالية، ولا تساعدهم على تقديم أفضل ما عندهم من مهارة فضلاً عن أن سوء أرضية الملاعب تساهم بإصابات متنوعة يدفع ضريبتها اللاعبون.

ولا بد من الإشارة إلى أن كرتنا من الممكن أن يُرفع عنها الحظر، وهذا الأمر متوقع مهما طال الزمن أو قصر، وعلينا أن ندرك أن رفع الحظر له شروط عديدة منها صلاحية الملاعب، فلو تم رفع الحظر ولم يكن لدينا ملاعب صالحة معتمدة من الاتحادين الآسيوي والدولي فإننا لن نحظى بشرف استضافة المباريات أو البطولات الكروية، مع التنويه إلى أن الملاعب الصناعية باتت مرفوضة خارجياً وممنوع اللعب عليها وأغلب ملاعبنا للأسف صارت صناعية!.

قضية الملاعب يجب أن تأخذ حيزاً من النقاش الجدي عند القائمين على الرياضة لتجد الحلول الجذرية التي تجعل ملاعبنا خضراء نضرة نفتخر بها أمام الآخرين وتوقف هدر المال الذي يستنزف بلا طائل على صيانة هذه الملاعب.

وأخيراً: هل من الجيد أن نُري العالم ملاعبنا المهترئة ونحن ننقل مباريات الدوري الممتاز على الفضائيات؟.