في مؤتمر تكنولوجيا التمويل والتأمين..حاكم المركزي يتحدث عن مساع لتحقيق الشمول المالي!
دمشق – فاتن شنان
لم ينج مؤتمر تكنولوجيا التمويل والتأمين الذي عقد اليوم بمشاركة واسعة من الوزارات المعنية وحضور وزراء “المالية والاتصالات والتجارة الداخلية وحماية المستهلك والاقتصاد” من حملة انتقادات شديدة اللهجة لغياب الأسس المفترض تواجدها كبنية تأسيسية لتوطين مشاريع الكترونية، ونشر ثقافة التكنولوجيا الرقيمة المرتبطة بالدوائر الحكومية، فمع غياب أو سوء جودة شبكة الانترنت وانقطاع الكهرباء وغياب الثقة بالتعامل المصرفي وما يحكمه من تذبذب بالقرارات والسياسات المالية، يبدو الحديث عن توطين التكنولوجيا الرقمية كأرضية لكافة التعاملات الحكومية أشبه بسراب لا يروي عطشاً..!.
معظم الحضور طرحوا تساؤلات عن جدوى التحول الرقمي في ظل تدني جودة الانترنت التي تعيق تنزيل تطبيق أو متابعة معاملة عبرها، وهو السؤال الذي تحفظ وزير الاتصالات والتقانة الدكتور إياد الخطيب عن الإجابة عنه خلال تصريحه للصحفيين، بالتوازي مع إشكاليات فتح الحسابات المصرفية اللازمة للدخول ضمن منظومة الدفع الالكتروني وما يتبعها من إجراءات مقعدة قد تحتاج وقت ومراجعات عديدة لإتمامها..!
كما أنه لم ينحصر التساؤل والانتقاد في جموع الحضور، بل جاءت الاسئلة التي تبنئ عن ضياع الفكرة أو صعوبتها على لسان مدير عام مصرف التوفير رغد مصعب بكيفية التعاقد مع شركات المدفوعات الالكترونية والتي أصبح عددها ثمانية شركات وكيفية الاختيار فيما بينها، وكيفية تعامل المركزي مع خدمات الدفع المرخصة بشركات الخليوي وهي ليست حسابات مصرفية، وغيرها العديد من المعيقات أمام نشر وترويج التحول الرقمي لكافة شرائح المجتمع..!
لن ننظر أحدا..!.
بالعودة إلى جدول أعمال المؤتمر المتضمن أربع جلسات لمناقشة عدة محاور منها تكنولوجيا الضرائب والتأمين وسوق الأوراق المالية، بين حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور عصام هزيمة في كلمته أنه يتم حالياً الربط بين جميع المصارف ووزارة المالية، وحتى الآن تم الربط بين ثمانية مصارف، وهناك سعي لتحقيق الشمول المالي بين كل المصارف عبر تطوير الأدوات، قائلاً: “نحن على أبواب الشمول المالي ولن ننتظر أحداً، من يسير معنا نحن معه ومن يتحجج بالعقوبات وغيره لن ننتظره”.
خارطة طريق
أما وزير الاتصالات والتقانة إياد الخطيب اعتبر أن المؤتمر معني بوضع خارطة الطريق لتنفيذ كافة الإجراءات المتعلقة بالتحول الرقمي، ووضع اللمسات الأخيرة لتنفيذ مشروعي الإدارة المالية والربط الالكتروني الذي تعمل عليه وزارتي المالية والاتصالات ومصرف سورية المركزي، مضيفاً أن رقمنة العمليات الحكومية هي الهدف الأساسي للحكومة وهي استكمال لأعمال بدأت في عام 2017 اعتمدت الحكومة الالكترونية للتحول الرقمي، وفي عام 2021 تم الانتقال إلى المرحلة الثانية منه، ورغم الصعوبات والتحديات سيتم استكمال كافة الإجراءات المتعلقة بالمشروع.
14 مليار
بدوره وزير المالية الدكتور كنان ياغي اعتبر المؤتمر فرصة لاستمزاج الرؤى والطروحات لتطوير العمل المالي عبر تكنولوجيا المعلومات التي تعبر أداة رافعة للارتقاء بنوعية الخدمات التي تقدمها مؤسسات الحكومية وتبسيط الإجراءات، سيتم الاخذ بمقترحات الخبراء والمختصين في المؤتمر لتسريع وتطوير العمل الحكومي.
كما قدم ملخصاً لكافة المشاريع التي أنجزتها المالية عبر اعتماد التكنولوجيا الرقمية منها إعادة النظر في مجمل التشريعات المالية والضريبية، فالنظام الضريبي كما هو معروف يعود إلى خمسينيات القرن الماضي، لذلك تم العمل على الانتقال إلى نظام ضريبة المبيعات والضريبة الموحدة على الدخل باستخدام تكنولوجيا المعلومات والتي تمكن الإدارة المالية من العمل بشفافية ومصداقية عالية، وتساهم في مكافحة الفساد وتبسيط الإجراءات، كما تعمل الوزارة على أتمتة العمل الضريبي بمشروع الربط الالكتروني لتعزيز الثقة المفقودة بين طرفي العملية المكلف ومراقب الدخل، والتي تعتبر من الإشكاليات الأساسية التي مازالت تعيق مسار العمل، لافتاً إلى أن هناك آلاف المنشآت قد نفذت عملية الربط مع الإدارة الضريبية، كما سيتم تشميل كافة الفعاليات الاقتصادية، موضحاً أن الإشكال لم يكن في المطرح الضريبي بل في الرقم الحقيقي لأعمال المكلف، كما كشف ياغي أنه بنهاية العام الحالي سيتم اعتماد الطابع الالكتروني الذي يساهم في توحيد كافة الرسوم على المعاملات المالية، وتطرق ياغي إلى قانون البيوع العقارية والذي كشف حجم السيولة المتواجدة في السوق العقارية إذ بلغت خلال عام واحد 14 ألف مليار وهي نسبة عالية ولكنها لم تكن واضحة بل كشفها وحدد قيمتها قانون البيوع العقارية، منوهاً بحسب الفكر الاقتصادي بأن الإشكالية ليست في السيولة إنما في إدارتها وانسيابها في اتجاه واحد وعدم مساهمتها في قطاعات إنتاجية واقتصادية، بالإضافة إلى ذلك تم العمل على منح براءة الذمة المالية والتي وصفها بأعقد العمليات أمام المواطنين لتصبح جاهزة خلال 50 ثانية إن لم يكن هناك إشكال آخر، وبالنسبة لسوق دمشق للأوراق المالية فقد تم اعتماد التداول الالكتروني عن طريق التطبيقات الالكترونية.
حماية البيانات
ناقشت الجلسة الأولى دور التكنولوجيا المالية في تحقيق العدالة الضريبية والحد من التهرب الضريبي ومجمل الخطوات التي تمت في هذا المسار، إذ بين مدير عام الهيئة العامة للضرائب والرسوم منذر ونوس مجمل الخطوات التي نفذتها الهيئة في تحقيق العدالة الضريبية عبر الربط الالكتروني وتعميم الخدمات الالكترونية لتوثيق البيانات وإدارة المعلومات والتحول الرقمي الكامل، وبين أن الهيئة قدمت حساب ضريبي مؤتمت بالكامل وتستقبل كافة الاستفسارات وتعالج كافة الإشكاليات التي تواجه المكلفين الذين تم الربط الالكتروني معهم.
أما خبير تكنولوجيا المعلومات والبيانات الضخمة الدكتور أنس ذهبية أكد أن التحول الرقمي ليس تكنولوجيا فقط بل أسلوب عمل جديد، لذلك لابد أن يكون هناك دورات نوعية للكوادر العاملة لإدارة قاعدة البيانات وحمايتها وحماية خصوصيتها، وتحفيز المواطنين والجامعات لنشر ثقافة المعلوماتية بالتوازي مع التأكيد على أهمية استثمار الذكاء الصنعي في التطوير والارتقاء في تقديم الخدمات.
تقاعس الإدارة الضريبية
وعلى الرغم من إنجاز العديد من مشاريع وزارة المالية إلا أن الدكتور محمد خير العكام سجل ملاحظات عدة على تقاعس الإدارة الضريبية المتراكم لعدم القيام بواجباتها والذي بدوره أدى إلى وجود تهرب ضريبي واسع، منتقداً ربط جزء من المكلفين بمشروع الربط الالكتروني وإفساح المجال أمام الآخرين للتهرب الضريبي ريثما يتم الربط معهم، ما نتج عنه عدم التكافؤ بين المكلفين وبالتالي لا يحقق الربط الجزئي عدالة ضريبية بين المكلفين، مؤكداً أن الإدارة الضريبية قادرة على الربط مع جميع المكلفين معاً وهو الافضل، كما بين أن ضريبة الأرباح يتم تقديرها وفقاً لمعايير كل مهنة على حدا ونسب الأرباح التقديرية موضوعة بموجب قرارات صادرة من وزير المالية ضمن قانون ضريبة الدخل ولكن هذه القرارات لم تعد تصلح للتطبيق لأن نسب الربح الذي نصها قانون حماية المستهلك قانون 14 لعام 2021 مختلفة عن نسب الربط الالكتروني في وزارة المالية وهي نسب أعلى لدى المالية داعياً وزير المالية لإعادة النظر في هذه القرارات بالسرعة اللازمة ليتوافق مع القانون.