أخبارصحيفة البعث

أمن الطاقة بين الابتزاز الغربي وتعدّد الخيارات في الشرق

تقرير إخباري:

بعدما شهده العالم من صراعات ونزاعاتٍ تسبّب فيها اللاعب الأمريكي وإلى جانبه الدول الغربية، تقول الدول على المحور الآخر والأقطاب المتعدّدة الجديدة كلمتها، فهي تعمل على تعزيز أمن الطاقة وخاصة للدول الصديقة والحليفة، واستمرار إمدادها عبر اتفاقات ومواثيق ثنائية ومتعدّدة، في حين تستمرّ الدول الغربية بصبّ الزيت على النار لتفجير سوق الطاقة ظنّاً منها أن ذلك سيساعد سياساتها الابتزازية القديمة المتجدّدة تجاه دول العالم الأخرى.

وفي السياق، أكد وزير النفط الإيراني جواد أوجي أن بلاده على استعداد للمساهمة في عرض النفط ومشتقاته لضمان أمن الطاقة في العالم بعيداً عن التسييس، مؤكداً حرص بلاده على عرض النفط والغاز والمشتقات النفطية لضمان أمن واستقرار سوق الطاقة العالمي في ظل ارتفاع سعر الغاز الطبيعي في السوق الأوروبي، ما يدفع المستهلكين إلى التحوّل إلى النفط ومشتقاته ما سيزيد الطلب عليها.

وقد عكس منتدى الشرق الاقتصادي تحت عنوان “نحو عالم متعدّد الأقطاب”، الرغبة الدولية في عمليات التغيير العالمية التي تؤدّي إلى تشكيل أنموذج اقتصادي جديد، وخاصة في مجالات الطاقة، حيث أكد وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولغينوف عزم روسيا مواصلة إمدادات موارد الطاقة إلى الدول الصديقة وإعادة توجيهها حتى لو فرضت دول مجموعة السبع “حدّاً أقصى” للنفط والغاز الروسيين، وهو ما يعكس الرغبة الحقيقية لدى روسيا في كسر تسييس سوق الطاقة من تلك الدول، وتجاوز حدوث العجز الاقتصادي لدى الدول الصديقة.

وتتجه الآن المساعي الروسية إلى إعادة توجيه موارد الطاقة ليس فقط إلى دول آسيا والمحيط الهادئ بل أيضاً إلى الشرق الأوسط وإفريقيا مهما تطلب ذلك من الزمن والجهود.

ولذلك أكدت شركة غازبروم مراراً وتكراراً ضمانها لأمن الطاقة في القارة الأوروبية، لكن العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا عرقلت نظام صيانة خط غاز التيار الشمالي وعطلت وحدات التوربينات والتجمّعات التي تضمن الضخ.

وأشارت الشركة إلى أن تسرّب الزيت هو فشل نظامي لوحدات “سيمنز” في خط أنابيب “السيل الشمالي”، كما تم تسجيل تسرّب مماثل سابقاً في وحدة ضغط الغاز رقم 14، واستمرار تشغيل وحدة ضخ الغاز، دون إصلاح المشكلات التي تم تحديدها يخلق خطر نشوب حريق أو انفجار، وهذا يؤثر في السلامة الصناعية للمحطة بأكملها.

وادّعت شركة “سيمنز” الألمانية بالمقابل أن “مثل هذه التسريبات لا تؤثر في العادة في تشغيل التوربين ولا يمكن أن تكون سبباً لإيقاف تشغيله”، وهذا الادّعاء يقودنا إلى كشف مدى الحقد الأوروبي على موارد الطاقة، فهم مستعدون لتشغيل منشأة غاز ضخمة تحت الخطر وإعادة مفاعلات نووية غاية في الخطورة إلى العمل في سبيل فرض آرائهم السياسية على العالم، إذ أعلنت ألمانيا أنها ستبقي محطتين نوويتين في وضع الاستعداد إلى ما بعد نهاية العام بخلاف التوجّه الذي كان قائماً في السابق. وعلى الرغم من المطالبات العديدة من المتظاهرين في ألمانيا بتشغيل خط أنابيب “السيل الشمالي-2” وعدم إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، إلا أن الحكومة الألمانية تُصمّ آذانها عن المطالب بل على العكس تقرّ مساعداتٍ مالية للاجئين الأوكران.

وطالب كريستوف ماير، عضو برلمان ولاية بافاريا عن حزب “البديل من أجل ألمانيا” بإطلاق خط “التيار الشمالي-2″، بينما دعا ستيفان بروتشكا إلى أن تكون ألمانيا قادرة على التحدث بالتساوي مع روسيا والولايات المتحدة، في إشارة إلى أن سياسة ألمانيا مرتهنة للإرادة الأمريكية حتى اللحظة رغم المآسي الاقتصادية التي تتحرّك نحوها البلاد.

أما المستشار الألماني أولاف شولتس فهو يواصل كبرياءه مبشراً المواطنين بأسعار جديدة للطاقة والكهرباء، وملمّحاً إلى أنه قد يضطر إلى إجراءات مثل قطع الكهرباء والغاز، دون أية إجابة للمطالب المثارة منهم.

وبالمحصلة، نستشف أننا الآن أمام محورين الأول ساعٍ لتقوية وتعزيز السلم والأمان العالمي وليس فقط أمن الطاقة، في حين نرى المحور الآخر المبتزّ سياسياً الذي استخدم عملاته سابقاً كأداة سياسية واليوم يحاول استخدام الطاقة وأسعارها كعنصر لبث الكراهية وإتمام مطامحه الفاشية.

بشار محي الدين المحمد