البيت الأزرق يحتضن معرض النحاتين السوريين
أمينة عباس
يحتضنُ غاليري البيت الأزرق حالياً أعمالاً لنحاتين سوريين من أجيال مختلفة. وبيَّنت صاحبة الغاليري عفاف السالم أن الدافع الأساسي لإقامة معرض للنحت هو أنّ فنّ النحت جزءٌ من كلّ، لذلك كان الهدف من المعرض أن نسلّط الضوء عليه، وهذا ما نهدف إليه من كلّ النشاطات الفنية التي نقيمها في البيت الأزرق، مشيرة إلى أن الغاليري انطلق بنشاطاته منذ سنة تقريباً، وهي لم تكن تتوقع أن يكون لها صدى بهذا الشكل، وخاصة في هذه الظروف، منوهة بأن الفكرة انطلقت كونها تنتمي إلى عائلة فنية، فوالدتها فنانة تشكيلية، لذلك حين اشترت البيت رفضت تأجيره أو تحويله إلى مطعم، وأول ما خطر لها هو إقامة معرض للوحاتِ والدتها، وهكذا كانت البداية، مبيّنة أن لديها خططاً كثيرة لإقامة ورشات مختلفة تتعلق بالأمور التراثية.
عمل ناقص
وأكد الفنان مصطفى علي في تصريح لـ “البعث”، وهو أحد المشاركين في المعرض، أن أهمية المعرض أنه يتيح المجال لخلق نوع من الحوار والتواصل بين النحاتين المخضرمين والنحاتين من الأجيال الجديدة التي تحتاج إلى أن تثبت نفسها في هذا المجال، موضحاً أن النحت شيءٌ معقّد وصعب، وهو يحتاج إلى جهد كبير، معبّراً عن سعادته لأن فنّ النحت أصبح له حضور، وهذا ما يذلل الصعوبات أمام النحاتين الشباب بعد أن أصبحت المنحوتة موجودة في البيوت والشوارع، مشيراً إلى أهمية تجارب الشباب في هذا المجال، وهو في مرسمه يعمل على تشجيعها وتعريف الناس بها، منوهاً بأنه يشارك في المعرض من خلال منحوتة استوقفت الكثيرين، وبناءً على ذلك رأى أن الفنان يعكس الحالة الراهنة بشكل غير مباشر، ومنحوتته عبّرت عن حالة القلق وقدرة الإنسان على المغامرة والموت للخروج من قوقعته أو سجنه، وهو بشكل عام لا يعمل ضمن عناوين معينة، حيث الأحداث المحيطة به تؤثر وتنعكس في المعنى العميق والعريض في أعماله بعيداً عن المعنى الضيّق، وانطلاقاً من ذلك يؤمن علي منذ أن كان شاباً أن العمل الذي لا يحاور المُشاهد هو عمل ميت وناقص.
حوار بصري وثقافي
وعبّر الفنان أكثم عبد الحميد عن سعادته بما تضمّنه المعرض من تجارب مهمة لفنانين شباب، مشيراً إلى أن المعرض أتاح الفرصة للفنانين الشباب أن يجتمعوا مع الفنانين المخضرمين عبر حوار بصريّ وثقافيّ يدرك فيه الشباب مكانتهم ويكتشفون من خلاله تجاوب الناس مع ما يقدمونه، مبيناً أهميةَ وجود معارض تخصصية لفن النحت دون لوحات تسرق المشهد البصري، حيث اعتيد أن توضع المنحوتات فيها بزوايا ميتة، ومن هنا تبرز أهمية مثل هذا المعرض الذي يحتفي فقط بفنّ النحت، منوهاً بأن فنّ النحت تطور عندما نزل إلى الميدان في الساحات والشوارع بفضل الملتقيات الخاصة به، وملتقى النحت ساعد الفنانين الشباب على أن يكونوا مساعدين لفنانين سوريين وأجانب، فاكتسبوا الثقافة التقنية وكيف يتعامل الفنان مع الأدوات الحديثة التي لم تكن متوفرة، وفي الوقت ذاته ساعدت هذه الملتقيات برأيه في رفع الذائقة البصرية للناس الذين كانوا يتعرفون على النحت على أرض الواقع. كما بيّن عبد الحميد أن معرض النحت المقام حالياً في البيت الأزرق يضمّ أعمالاً لفنانين شباب تنبئ عن احترافية على صعيد التعامل مع المواد المستخدمة واحترام المادة والموضوع، وهو يدلّ على فكرٍ جيد وقدرة على طرح أفكار جريئة وجميلة جداً وغير تقليدية، ورأى أن ما ينقصهم هو المشارَكات الدولية التي غابت بسبب الحرب، وهي ضرورية لهم من أجل التواصل مع الآخرين في الخارج.
وحول مشاركته في المعرض، أوضح عبد الحميد أنه ومنذ عشر سنوات أصبح هاجسه العائلة وهي أهم نسيج في المجتمع، وقد عانت من الفقد والهجرة والتفكك، لذلك كان حريصاً طوال السنوات الماضية ومازال على الاشتغال على هذا الموضوع في ملتقيات نحتية كبيرة في الخارج، ليؤكد من خلال أعماله أهمية التماسك العائلي وعلاقة الإنسان بالمكان، وهو ما عبَّرت عنه منحوتته في المعرض.
نشر الأعمال والتعريف بها
وأشارت الفنانة أمل زيات إلى أنها سعيدة بمشاركتها في المعرض الذي يتيح لها التعرّف على مواضيع مختلفة وأساليب متنوعة وتقنيات جديدة، موضحة أنها لا تميل إلى موضوعات معينة وهي تعمل باستمرار على تنويع موضوعاتها وموادها وأفكارها، ورأت أنه ما من صعوبات تواجه النحات في عمله إن كان متمكناً، باستثناء صعوبات التسويق بعد الانتهاء من العمل، ومن هنا برأيها تأتي أهمية إقامة المعارض والملتقيات، لأنها تساعد على نشر الأعمال والتعريف بها.