“نكون أو لانكون”.. أطفال يحلمون بمسرحهم
سلوى عباس
انتهت منذ أيام تظاهرة مسرح الطفل التي تضمنت عروضاً مسرحية سبق أن عُرضت في وقت سابق، وتأتي هذه التظاهرة في وقت أكثر ما يحتاج فيه الطفل الخروج من واقع الخوف الذي عاشه على مدى سنوات أربع لتؤكد أن هناك صوتاً آخر يعلو على صوت الخوف هو الفن والثقافة الذي كان على مر الزمن السلاح الأقوى في محاربة الأذى والقبح.
لكن ما يستحق التوقف عنده هو هل تُغني هذه التظاهرة بما قدمته من عروض مسرحية فكر الطفل، أم أننا نحتاج إلى عمل فني يومي يساهم الطفل في صنعه؟، فإذا عدنا بذاكرتنا إلى الوراء قليلاً نستذكر حالة من التفاعل المسرحي بين الطفل والمسرح عبر مهرجانات مسرحية كانت تُقام للأطفال، هذه المهرجانات التي كانت من الأهمية بحيث أننا نتساءل أين غابت الآن، ولماذا لا تُقام مهرجانات مماثلة، وهنا يحضرني مهرجان “الربيع” الذي أقيم في عام 2006 بإشراف المخرج المسرحي عدنان سلوم الذي شكّل مسرح الطفل هاجساً لاهتماماته، منذ بداية مشواره الفني، فأخذ بالبحث والتقصي عن الأفكار التي يمكن أن تطوّر هذا المسرح وتنهض به خاصة وأنه مؤمن بما يملك الأطفال من طاقات كبيرة تحتاج لمحرّض حتى تتبلور وتخرج إلى النور، وكانت الانطلاقة الأولى من فكرة إعداد الأطفال لمسرحهم بأنفسهم خاصة وأن المسرح فن تفاعلي ومن الطبيعي أن ينخرط هؤلاء الأطفال في المسرح ليتعرفوا عليه بشكل علمي وعملي، ويشاركوا في إعداده، ولا تزال حاضرة في الذاكرة تلك الطفلة التي اعتلت خشبة المسرح تطلب من المخرج المشرف على المهرجان السماح لها ولرفاقها بتقديم عرض مسرحي، قائلة: إن كنتم أنتم الكبار لا تستطيعون التعبير عن أحلامنا، فنحن قادرون على أن نعبّر عنها بأنفسنا، وقدّم حينها الأطفال عرضاً مسرحياً بعنوان “حلم وحرف” الذي كان مدرجاً ضمن عروض مهرجان “الربيع”، وقد أخذ الأطفال من خلاله يرسمون أحلامهم وأمانيهم، عبر حروف الأبجدية، حيث حمل كل حرف أمنية شكّلت بمجموعها تجربة ناجحة لأطفال يقومون بأنفسهم بإعداد مسرحهم الذي ينطلقون فيه من قناعة أنهم أقدر من الكبار على التعبير عن أنفسهم، فكان هذا العرض صورة تؤكد ارتباط المسرح بالفنون الأخرى من العلوم والأدب من خلال الديكور والنص واللغة والغناء، فبعد أن اعتاد الأطفال واعتدنا نحن معهم أن يقدّم مسرحياتهم ممثلون كبار يتقمّصون أدوارهم وشخصياتهم ويتحدّثون عن أحلامهم وأفكارهم، فيقتصر دور الأطفال على الحضور دون التوقف عند رأيهم أو انطباعهم إذا كان ما يقدم لهم من مسرح يعبّر عنهم فعلاً، أم أن لهم رأياً آخر، نتوقف عند مبادرات متعددة لأعمال تهدف إلى إشراك الطفل في العمل المسرحي عبر ورشات عمل شكّلت الأساس لفكرة تأسيس “نادي الأطفال” الذي يضم أطفالاً بأعمار مختلفة، وقد عبّرت تجربة الأطفال هذه عن إدراكهم العميق للمسرح ودوره في تحريض الفكر للبحث والسؤال، وهنا نتساءل ما مصير المشاريع التي كانت مطروحة آنذاك سواء حول نادي مسرح الطفل أم نادي فن العرائس خاصة وأن هذا النادي أنتج عملين هما (لعبة عرائسية وطائرة الألوان) من إعداد الأطفال ولاقى إقبالاً جماهيرياً من قبل الأطفال وذويهم، وهنا نسأل لماذا لاتولي وزارة الثقافة لمسرح الطفل اهتماماً أكبر بحيث تكون هناك حالة تفاعلية بين الأطفال والمسرح بإعادة تفعيل نادي مسرح الأطفال ليستعيد الأطفال الذين يشكلون النواة الحقيقية لمسرح حقيقي يعبّر عن أمانيهم وأحلامهم حالة التفاعل بينهم وبين مسرحهم ولسان حالهم يقول: أعطونا فرصة أن نكون.