محليات

بين قوسين شياطين الإنكار!

بالرغم من الانتصارات التي حقّقها ويحقّقها الشعب السوري في مختلف الميادين، إلا أن هناك من يحاول إنكار تلك الحقيقة وتغطيتها بالأكاذيب التي تنهش بأنياب خداعها وادّعاءات صانعيها آمال السوريين المتطلعين ليوم الخلاص والولادة الجديدة التي تعدّدت مخاضاتها في ميادين الحياة المعاشية وعلى أرض السيادة والشهادة، وتلوّنت انتصاراتها بألوان العلم الوطني الذي يمثّل كل مواطن شريف.
ويبدو أيضاً أن محاكمة صمود الشعب بسياسة الإنكار وقلب الحقائق، باتت السيناريو الأكثر حضوراً في جحور الأزمة وأنفاقها وأبواقها الإعلامية التي تحاول بنعيقها المضطرب التشكيك بشرعية الاستحقاق الرئاسي والطعن بالحقيقة التي ستصدح بها صناديق الاقتراع وبنتائجها التي ستكون بوابة العبور الآمن إلى سورية المتجدّدة.
ومع انكشاف مخطّطات الإنكار والتآمر، وبالاقتراب أكثر من حقيقة الاستهداف الممنهج لبلدنا، شعباً وقيادة وحضارة وتاريخاً وهوية، وباستحضار التاريخ استحضاراً يكون من شأنه أن يجعلنا قادرين على قراءة الواقع قراءة صحيحة، وعلى استجلاء معالم الخارطة التي يحاولون فرضها علينا.. ندرك تماماً حقيقة تلك الهجمة البربرية الوحشية على المواقع الأثرية التي صوّبت حقدها ووجّهت أدوات فكرها الظلامي المسموم باتجاه استهداف شواهد التاريخ وأوابده لتمحو ذاكرة شعب ولتقطع جذوره المتأصلة في حضارة عمرها أكثر من سبعة آلاف عام.
وما يدعو للسخرية أن من يوجّه بوصلة استهدافها وتدميرها يعتقد أنه قادر على استنطاقها بطريقة الممالك المحكومة بقوانين عمياء صماء بكماء، تختلف تماماً عن دولة الديمقراطية المحكومة بقوانين المواطنة والإرادة الشعبية القادرة على ترويض الواقع وتطويعه، وعلى تغييره وتبديله، وتحديد خياراتها بما يتوافق مع مصالحها الوطنية والقومية التاريخية.
وحين نمعن النظر جيداً في كل ما جرى ويجري خلال سنوات المحنة فيما يخصّ حماية المواقع الأثرية، فإننا نمسك بالطرف الآخر للحقيقة التي يجب ألا تغيب عنا، والتي يعني تجاهلها إنكار التقصير والتقاعس الحاصل من قبل الجهات المختصة في الحفاظ على كنوزنا الأثرية، وخاصة في المنطقة الشرقية التي كان من الأجدى جمع القطع الأثرية الموجودة فيها في مكان آمن لحمايتها من السرقة والتخريب.
وبالمحصلة.. فإن استهداف المواقع، سواء كان من بعض الخارجين عن القانون أو من الإرهابيين والدول المتآمرة، هو استهداف لشخصية وتاريخ المواطن وضياع معالمه وتهشيم ذاكرته وتجريد ماضيه وضياع منجزاته التاريخية ضمن مخطط شيطاني يقوم على فكرة “من لا يمتلك تاريخاً لا يمكنه إعادة نهوضه ولا يصل لبناء مستقبله”.

بشير فرزان