دراساتصحيفة البعث

فاتورة ضخمة لتمويل الموت والدمار

سمر سامي السمارة

في الوقت الذي تكثف فيه “إسرائيل” هجومها الكارثي على قطاع غزة، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي، بدعم من قرابة الـ 80٪ من أعضاءه، حزمة مساعدات خارجية واسعة النطاق تشمل 17 مليار دولار من المساعدات العسكرية غير المشروطة لحكومة الكيان الصهيوني.

حصل التصويت النهائي على الحزمة البالغ قيمتها 95 مليار دولار، والتي تشمل أيضاً مساعدات عسكرية لأوكرانيا وتايوان، بأغلبية 79 صوتاً مقابل 18 صوتاً، ثلاثة فقط من الكتلة الديمقراطية في مجلس الشيوخ عارضوا مشروع القانون، وهم السيناتور بيرني ساندرز  وبيتر ويلش، وجيف ميركلي– و15 جمهورياً.

وصف ساندرز يوم التصويت في مجلس الشيوخ بأنه “يوم مظلم للديمقراطية”، مندداً برفض المجلس حتى السماح بالتصويت على تعديله المقترح لخفض المساعدات العسكرية الهجومية “لإسرائيل” من التشريع.

وفي بيان له عقب التصويت بيّن ساندر أنه “صوت بـ “لا” الليلة على حزمة المساعدات الخارجية لسبب واحد بسيط وهو أنه لا ينبغي لدافعي الضرائب الأمريكيين تقديم مليارات إضافية لحكومة نتنياهو المتطرفة لمواصلة حربها المدمرة وعدوانها ضد الشعب الفلسطيني، حيث أدى العدوان إلى استشهاد ما يزيد على 34 ألف فلسطيني، كما أصيب77 ألفاً، 70% منهم نساء وأطفال.

وأضاف: “لقد تم تدمير المنازل والبنية التحتية في غزة، كما تم تقويض الرعاية الصحية والنظام التعليمي، لقد طفح الكيل، فلا مزيد من الأموال لآلة نتنياهو الحربية”.

من جهته، أشار المجلس الوطني الإيراني الأمريكي إلى أن موافقة الكونغرس على مليارات الدولارات لشراء أسلحة جديدة “لإسرائيل” ستستخدم لتدمير غزة، ويمكن استخدامها في حرب ضد إيران، وهذا أمر مقلق للغاية”.

يرى مراقبون أن دعم الكونغرس والبيت الأبيض الساحق، للكيان الصهيوني من خلال إرسال الأسلحة والدعم العسكري، يتناقض بشكل صارخ مع الرأي العام الأمريكي، والذي تحول بشكل متزايد ضد العدوان الإسرائيلي على غزة في الأشهر الأخيرة مع تفاقم عدد الشهداء المروع، والحالة الإنسانية الطارئة وتزايد الأدلة على جرائم العدوان الإسرائيلي.

ففي يوم التصويت، احتشد الآلاف من سكان نيويورك، خارج منزل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، للتعبير عن غضبهم جراء التواطؤ المتزايد للمشرعين الأمريكيين في العدوان العسكري “الإسرائيلي”.

في السياق، أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “غالوب” الشهر الماضي أن 55% من الناخبين الأمريكيين – بما في ذلك 75% من الديمقراطيين، و60% من المستقلين، و30% من الجمهوريين  لا يوافقون على العدوان الإسرائيلي على غزة، كما أظهر استطلاع منفصل أجراه مركز البحوث الاقتصادية والسياسية أن غالبية الناخبين الأمريكيين يؤيدون وقف شحنات الأسلحة الأمريكية إلى “إسرائيل”.

وفي انتهاك للقوانين الأمريكية التي تحظر إرسال الأسلحة إلى الدول التي تنتهك حقوق الإنسان أو تمنع المساعدات الإنسانية الأمريكية، وافقت إدارة بايدن منذ تشرين الأول الماضي على أكثر من 100 عملية بيع أسلحة “لإسرائيل”.

بدوره، قال السناتور بيتر ولش بعد التصويت ضد حزمة المساعدات: “إن إرسال الذخائر إلى حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لاستخدامها لتدمير غزة، أصبح أمر لا يمكن قبوله، فمن غير المعقول أن تقوم “إسرائيل” بشن حملتها العسكرية بالطائرات والدبابات والقنابل والمدفعية التي ترسلها لها الولايات المتحدة، بينما تعيق وصول شاحنات المساعدات إلى المدنيين المعوزين الواقعين تحت احتلالها”.

وأضاف، إن الدعوات العاجلة للسلام يتردد صداها بصوت عالٍ في جميع أنحاء البلاد، ولكن يبدو أنها لا تجد أذاناً صاغية في الكابيتول هيل”.

جدير بالذكر، أن العثور على مقابر جماعية في المجمعين الطبيين اللذان قامت قوات الاحتلال بمداهمتها وتدميرها، سبق تصويت مجلس الشيوخ بأيام قليلة، وهو ما استدعى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بطلب إجراء تحقيق دولي في المقابر الجماعية، حيث أشارت إلى العثور على جثث فلسطينيين عارية تماماً تم دفنها عميقاً في الأرض وتغطيتها بالنفايات.

كما أكد أحد المسؤولين الفلسطينيين، إنه تم العثور على 300 جثة في مقبرة جماعية بمجمع ناصر الطبي في خان يونس، وأن هناك علامات على إعدامات ميدانية.

بدورها، كتبت المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن سارة ويتسن، “إن الإدارة الأمريكية تقوم بتسليح نظام يقوم بإنشاء مقابر جماعية في غزة، مما يحول غزة بأكملها إلى مقبرة جماعية”.

وفي أعقاب تصويت مجلس الشيوخ، قالت منظمة كود بينك المناهضة للحرب في بيان لها بعد تصويت يوم الثلاثاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، إن الدعوات العاجلة للسلام يتردد صداها بصوت عال في جميع أنحاء البلاد ولكن يبدو أنها لا تجد آذاناً صاغية في الكابيتول هيل، مضيفة أن الناس والكوكب بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية والإسكان والعدالة المناخية، وليس إلى مزيد من الانحدار إلى الظلام من خلال فاتورة الحرب الضخمة هذه التي تمول الموت والدمار، لذا فإن كل من صوت لصالح مشروع القانون هذا أيديه ملطخة بالدماء.