اقتصادتتمات الاولى

“مزاجيته” أربكت جهابذة الاقتصاد قطاعنــا العقــاري يفــرز المخملييــن إلى فئتيــن.. وإليكــم التفاصيــل

لم تنجُ مضاجع رجالات الطبقة المخملية من قضّ أسعار العقارات، فعلى ما يبدو أضحى قطاعنا العقاري معياراً لفرز شريحة الأغنياء إلى فئتين الأولى (ملتي مليونير)، والثانية (ملتي ملياردير)، ولكي لا يتهمنا القارئ بانحيازنا إلى الطبقة المخملية من الأثرياء في هذه المادة، نوضح أن القصد من هذا العرض هو الخوض ما أمكن في تفاصيل هذا القطاع الزئبقي غير المتوازن بأسعاره، والمحكوم بشكل كبير بمزاجية أربكت كبار جهابذة الاقتصاد.

مشاهدات
“البعث” وخلال جولتها على بعض المكاتب العقارية في ريف دمشق، رصدت بعض المشاهدات واستقرأت عناوين مثيرة للجدل، أشارت إلى أن الراغبين بالحصول على فلل سكنية من التّجار والمستثمرين ليقضوا فيها قيلولتهم بعد عناء يوم عمل شاق، ليسوا بنفس السوية، حسب ما تبيّنه أسعار الفلل المعروضة للبيع في سوقنا العقارية، فلكل مستوى منها زبائن من طراز معيّن تحدّده إمكانياته المالية، وحسب أهل الكار العقاري فإن أسعار الفلل السكنية لشريحة الأغنياء العاديين تتراوح ما بين 25– 35 مليون ليرة، بينما تلامس أسعار الفلل المخصّصة لكبار التجار ورجال الأعمال الرقم 700 مليون ليرة سورية، وفق ما أكده أحد تجار العقارات، معتبراً في حديثه لـ”البعث” أن أسعار الفلل في سورية تضاهي أسعار بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا التي يبلغ متوسط الأسعار فيها 500 ألف دولار!.

من مزرعة إلى قصر
أوضح التاجر أن أغلب الفلل السكنية الموجودة في سورية بُنيت بشكل مخالف وغير قانوني، وخاصة في ريف دمشق وضواحي المدن الرئيسية، حيث تمّ بناؤها في أراضٍ زراعية غير منظمة على شكل مزارع صغيرة لقضاء أوقات العطل والفراغ فيها والهروب من ضجة المدينة، ومن ثم تطور بناؤها بعد أن بيعت لأكثر من شخص، وأصبحت عبارة عن فلل محاطة بالأشجار المثمرة وبعض الملاعب الصغيرة إلى جانب وجود مسبح عائلي، تؤجر في الصيف بشكل يومي وليس شهرياً وبأسعار عالية، مضيفاً: إن دخول كبار المستثمرين العرب والأجانب إلى سورية خلال السنوات الأخيرة التي سبقت الأزمة، ساهم بشكل واضح بارتفاع أسعار الفلل التي تحوّل بعضها إلى قصور حقيقية، كما هي الحال في مناطق الصبورة ويعفور التي يبلغ متوسط الأسعار فيها نحو500 مليون ليرة سورية.
هروب
تاجر آخر أكد أن الترخيص لبناء أي فيلا يخضع لشروط كبيرة أهمها: أن تُبنى على مساحة 4 دونمات، وألا تتجاوز مساحة البناء الـ 200 متر مربع، مشيراً إلى أن سعر الدونم الزراعي يصل إلى 6 ملايين ليرة ويزيد أحياناً، بينما سعر الدونم المُنظم نحو الـ 30 مليون ليرة وأحياناً يتجاوز هذا الرقم حسب المنطقة والمكان، لذلك يفضّل التاجر استثماره على أكمل وجه فيلجأ إلى بناء عمارة من عدة طوابق لعدة أسر، على أن يبني فيلا واحدة لأسرة واحدة فقط، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، كما أن الدولة تشجع البناء المتعدّد الطوابق لتأمين أكبر قدر ممكن من الوحدات السكنية، ناهيك عن أن الراغب بالحصول على فيلا يفضّلها خارج المدينة أو التجمعات السكنية، إضافة إلى أن أغلب التجار لا يحبذون التوجه نحو هذا النوع من الأبنية هرباً من الضرائب العالية المترتبة عليها.

فشل
وعرض التاجر تجربة تنظيم الفلل في منطقة الزاهرة الواقعة ضمن حدود مدينة دمشق التي أثبتت فشلها من جهة تأمين وحدات سكنية لأكبر عدد ممكن من الأسر، ومن جهة ارتفاع أسعارها بشكل جعل الحصول على واحدة منها أمراً غاية في الصعوبة لكثير من الشرائح، علماً أنها لا تتمتّع بالمواصفات الحقيقية للفلل المعروفة بجمالية بنائها ووجود مساحات خالية حولها، بل هي أقرب إلى البيوت العربية منها إلى الفلل، لذلك يحرص أغلب التجار على التوجّه إلى الأرياف لبناء الفلل، لانخفاض أسعار الأراضي مقارنة بالمدن ولوجود المساحات الواسعة.
دمشق– حسن النابلسي