ثقافة

“الحرب الإعلامية على سورية”.. ورشة عمل في نادي المراسلين الشباب

استضاف نادي المراسلين الشباب في دمشق د. حياة حويك عطية ضمن ورشة عمل تناولت فيها أبعاد الحرب الإعلامية على سورية والإستراتيجيات المستخدمة ومراحل تطور مواجهة الإعلام السوري لهذه الحرب الكونية. وبدأت د. عطية حديثها بالقول: إن الحرب الإعلامية على سورية ليست وليدة الأزمة التي تشهدها منذ ما يقارب الأربع سنوات، بل بدأت قبل ذلك بكثير منذ أن أصبحت الشاشات العربية تزخر ببرامج تقليد الغرب ونقل ثقافتهم لنا، فالمعسكر الأميركي سعى دائماً إلى إلحاق الشرق الأوسط به لعدة أسباب، أولها وجود قرارات للدفاع عن إسرائيل وحمايتها من أجل وضع اليد على النفط والهيمنة على الموقع الإستراتيجي للشرق واجتثاث الحركات الثورية.
والحرب على الوطن العربي هي حرب لم تتوقف يوماً، هذا ما أكدته د. عطية بقولها: منذ 1948 أي الحرب العربية والإسرائيلية بجميع تفرعاتها (اللبنانية، العراقية، السورية وغيرها) فنحن نعيش حالة حرب منذ انتهاء الاحتلال العثماني، وفي كل فترة تتركز الحرب في منطقة، وحالياً تتركز في سورية التي تعيش أقسى حالات الألم، واعتبرت عطية أن الإعلام خلال الحرب هو سلاح لا يقلّ عن سلاح الجيش، فالإعلام كعلم تطور خلال حاضنتين هما الحرب والانتخابات الديمقراطية، ونحن بموازاة الحرب العسكرية مطلوب أن نقاوم أسباب الحرب، وأسباب الانجرار الكبير لدى الجماهير ومحاربتها خطابياً، وهذا ما يطرح تساؤلين حول دور الإعلام في مواكبة الحرب الحاصلة على الأرض، ودوره بعد انتهاء الحرب.

إستراتيجيات إعلامية
ورأت عطية أن دور إعلام ما بعد الحرب إستراتيجي يمكن تنفيذه بوعي وتروٍ، ولكن الأهم هو دوره خلال الحرب، إذ يجب أن تضع الدولة إستراتيجيات وطنية لمواجهة الأزمات على أن تضم شق إستراتيجي إعلامي، فالإعلام خلال الحرب يجب أن يعمل على عدة محاور أهمها المحور المعنوي على اعتبار أن الحرب النفسية هي جزء مهم وخطير، وذلك من خلال رفع معنويات المواطن وكسر معنويات العدو ومحاربة حواضن الأعداء، فالمذهبية والجهل والفقر كلها حواضن يجب محاربتها بطريقة ذكية وغير مباشرة بعيداً عن الوعظ، كذلك وضع برامج تحاكي المشاهد بطريقة غير سياسية وتبدو محايدة لنتمكّن من إيصال رسالتنا، كما أوضحت أن التوعية تختلف حسب الجمهور المخاطب، فعندما نتكلم مع شريحة مؤيدة يجب أن نكون ناقدين، ومع شريحة معارضة نستخدم خطاباً تكتيكياً سيسيولوجياً، أما عندما تكون الشريحة رمادية فنستخدم خطاباً نكسبها به.

الإعلام غير محايد
وبما أن مقولة (الإعلام المحايد) سقطت منذ زمن فليس هناك وسيلة إعلامية لا تملك أجندة معينة، فقد أوضحت د. عطية أنه على الرغم من عدم وجود إعلام محايد، إلا أنه يجب أن يكون الإعلام قادراً على إخفاء (لا موضوعيته) كي لا يشعر بها المشاهد، من خلال استخدام الفنون الإعلامية، وشدّدت على أهمية الإملاء على من نسأل الجواب الذي نريده، لأن شهادة الضيف دائماً لها مصداقية أكثر من ممثل الوسيلة الإعلامية، بل الذكاء أن نجعل الضيف يقول ما نريد دون إملاءات.

تحطيم مصداقية القنوات
وعن المراحل التي مرّ بها الإعلام السوري، رأت عطية أن الإعلام في بداية الحراك الذي تحوّل إلى تمرد تدميري كان هناك اضطراب في مواجهة شيء غير متوقع، لكن تدريجياً ومع الوقت ارتقى الأداء وخاصة عندما أصبح هناك عرض أفلام ساعدت في امتصاص أكاذيب القنوات المعادية وحطمت مصداقيته، فالإعلام السوري ساهم في كشف زيف هذا الإعلام، حتى تلك القنوات بدأت ترتكب أخطاء قاتلة ساهمت في تحطيم صورتها لدى المتلقي، وأشارت عطية إلى وجود تراجع في الفترة الأخيرة في خطاب هذا الإعلام، لذلك لابد من العودة إلى تفكيك الخطاب الكاذب ومعرفة ما يريده الجمهور.
بدورها قالت الإعلامية ميساء نعامة مديرة نادي المراسلين الشباب: إن الغاية الأساسية لوجود النادي هي توعية الشباب السوري، وبالتنسيق مع المجلس الوطني للإعلام استثمرنا وجود د. عطية لتمتعها بفكر قومي عروبي وإعلامي متطور، ولاسيما أنها من داخل سورية سترى المشهد بطريقة إعلامية صرفة، وذلك استكمالاً للغاية التي وجد من أجلها النادي ولخلق توعية وتوسيع أفق لدى الشباب لكي يتمكنوا من رؤية المشهد بشكل كامل.

تجسيد حيّ
من جانبه اعتبر د. نبيل طعمة أن الحالة الإعلامية هي حالة من استدعاء الوعي ونحن السوريين نتباهى أننا كنّا ومازلنا نتميز بالوعي الذي ربما غاب عن البعض، ولكن نجد أننا نستعيده بسرعة لما حملته سورية من شعارات جسدت فكرها النوعي، ويحضر دور الإعلام ليفرد المصطلحات القومية وضرورة إعادة تفعيل المفردات النوعية والإستراتيجية التي آمنت بها أطياف سورية كلها، وما يقوم به الإعلام هو تجسيد حي لما نريد أن نصل إليه في الغد باستحضار الوعي وعرض لمجريات الأمور وتضافرنا لنقدم على الشاشة الصورة والحقائق.
لوردا فوزي