ثقافة

الإعلام العربي وتجارة المسلسلات في رمضان!.

أكرم شريم يتابع المشاهدون العرب في مختلف دولهم ومدنهم هذه المسلسلات المعدّة خصيصاً لشهر رمضان المبارك على اعتبار أنه موسم للمشاهدة، سواء بعد الإفطار وطوال السهرة أو كما عند مشاهدين آخرين موسم للمشاهدة والطعام طوال الليل، خاصة وأن كثيراً من هؤلاء المشاهدين ينامون في النهار أو في معظمه، وذلك من أجل أن يسهروا بعد الإفطار طوال الليل وحتى السحور أحياناً!.
والسؤال الكبير هنا ماذا تقدم هذه المسلسلات التلفزيونية الرمضانية والمنتشرة في بلادنا مثل كثرة الأطعمة على موائدنا العامرة والتي تقدم لأصحابها كل ما يشتهون أثناء جوع الصيام وعطشه، خاصة وأن مدة الصيام في هذا الشهر تمتد نحواً من ست عشرة ساعة حيث تبدأ من الرابعة صباحاً كما نعلم إلى الثامنة وقت آذان المغرب، وربما إلا خمس دقائق أقل أو أكثر!. إذن فإن مدة الصيام في هذا الرمضان الصيفي الحرارة وفي حزيران وتموز نحو ست عشرة ساعة! ولكن وكما نعلم فإن الصائم الأصيل والمعتاد ينسى مدة الصيام  ومقدار الحرارة ولا يكترث بشيء من ذلك!.
المهم وبعد هذا الصيام الحراري -إذا جاز لنا التعبير- والطويل، والتعبير جائز هنا لأنه صحيح ومن النادر أن يأتي صيام بهذه الساعات كلها، أقول في هذا الصيام الحراري والطويل، يفطر المشاهدون العرب ثم يتفرجون على المسلسل المعروض، أو بمعنى أدق يتفرجون وهم يفطرون فماذا يشاهدون؟! .
هذا شاب يريدون أن يعرضوه لنا على أنه مظلوم فتبدأ المبالغات التي تخرج كلها عن مستوى الإقناع ومن المعروف أنه إذا ضعف عنصر الإقناع أو كان المعروض غير مقنع فإن التلقي يضطرب! ومسلسل آخر يعرض نجماً كبيراً في مسلسل كله يعتمد على هذا الممثل النجم، علماً بأن الدراما حكاية، فأنت تقدم في المسلسل حكاية، فحتى لو وضعت فيها عشرين نجماً مثله، وكان النص ضعيفاً أو الحكاية ضعيفة فإن هذا النجم لن يستطيع حماية أو رفع ليس العمل كله، ولا حتى حلقة واحدة منه أو ربع حلقة، لأنه يبقى ممثلاً، وكل المشاهدين يتفرجون على الحكاية، حكاية المسلسل وأحداثها ومفاجآتها، وهل هي حلوة وهل أحداثها محبوبة من القلب، ومعبرة وإلى حد كبير عما نعرفه أو نعيشه في حياتنا؟!. وباختصار إن هذا غير موجود في هذه المسلسلات وثمة عمل صار في الجزء أو “التكرار” السادس وقد يصل إلى العاشر أو العشرين.. لماذا؟! لسبب واحد وواضح وهو أن تكلفة الجزء الثاني وما بعده تصبح أقل بكثير، بل أقل من ربع التكلفة فيما لو كان مسلسلاً جديداً أو غير مكرور والسبب أن ديكورات الجزء الأول هي نفسها في كل الأجزاء وكذلك الملابس وكل البناء الذي تم في الجزء الأول يبقى هو نفسه فما بالك إذا أضفنا أن الممثل يأخذ نصف أجره وما بالك وأكثر من ذلك إذا تابعنا الحديث عن كل المسلسلات العربية المعروضة في هذا الشهر الكريم إنه عمل الإعلام العربي هذه الأيام إذن! عسى أن يستطيع كشف هذه الروح الاتجارية في هذا الشهر الكريم. ثم أين الحديث عن شعبنا، عن عاداتنا، عن تقاليدنا، عن هذه الرابطة الأسرية الحميمة التي باتت تحتاجها بل وتتمناها معظم شعوب الأرض وهكذا تكون النصيحة اليوم أن نقف موقف المدافعين عن شعبنا وعلاقاتنا الاجتماعية قديمها وحديثها في وجه هذا التزوير والتشويه الإعلامي، والذي قد يصل إلى إسقاط كبار المسؤولين المعنيين في إعلامنا وثقافتنا في الوطن العربي إذا استمر الحال كذلك!.