اقتصاد

نقطة ساخنة بأيّة حال عُدت..؟!

لا يمكننا ونحن على مشارف توديع أيام هذا الشهر الفضيل والتحضّر لملاقاة عيده، إلاّ الوقوف ولو للحظات مع ذواتنا لنتفكّر..
مطلب لا يوازيه مطلب برأينا، والمُطالب به وبإلحاح حصراً ذلك السوري الذي تورّط أو اشترك وساهم فيما وصلنا إليه من أوضاع اقتصادية ومعيشية واجتماعية، بقصد أو دون قصد، عامداً متعمّداً أم مغرّراً به، لا يهمّ فالنتيجة واحدة والمستفيد معروف ومعرّف.
لحظات من التفكر كما أمرنا الله الذي باسمه -وحاشا- استبحتم وطنكم ودمّرتم ما باركه لكم وجعله حضناً للأمن والأمان، فما ردّكم أنكم “نسيتم الله فأنساكم أنفسكم”، وهدرتم نعماً وثروات نفيسة، كان العالم كله يحسدنا عليها، وخسرتم مستقبلاً لو تفكّرتم لحظة وما تعجّلتم لكنتم وكنا من الفائزين.
بين ما كان قبل أكثر من ثلاثة أعوام من الحرب المدمّرة الظالمة، بما أظهرته وكشفته من ضلال وجاهلية، أعادت وطن الرسالات والحضارات والتاريخ والمنعة والخير، إلى شظف العيش وقلّة الحيلة، وطناً كان يتجاوز بمساحة حبّه وتسامحه وإغاثته واحتضانه للأخ والصديق والغريب، حدود العقل ولأجل ذلك أراده أعداؤنا مصلوباً معذّباً لا لذنب –وإن كان منه شيء– إلاَّ لأنه استطاع أن يرسم صفراً في ديونه الخارجية في وجه من يريدونه تابعاً عبداً.
وطن وافر خيره بدأ يعمّ العالم حين أخذ ينتزع المراتب الأولى في العديد من المنتجات الزراعية ولا يزال رغم كل هذا الإرهاب والحصار، فضرعه الدافق صدّر منذ بداية هذا العام نحو 8 أطنان من مادة الجبن، قد لا يصدق الكثير لكنها حقيقة مؤكدة، ولتسألوا الأردنيين، من أين كنتم تتسوّقون يومياً مأكلكم ومشربكم، ولتسألوا اللبنانيين والعراقيين، والخليج عن طيب لحوم ضأننا وطيور وبيض مداجننا وطهارة خضارنا وفاكهتنا…
وطن نافست صناعاته وخاصة الألبسة ولا تزال أشهر الماركات العالمية، والدليل تدمير المعامل والمنشآت وسرقة الآلات والكل يعرف قصة “لصّ حلب”.
وطن كان ينتج من النور أكثر من 11 ألف ميغاواط، ويقدّمه للسوري بأسعار مدعومة جداً، وفوق هذا يصدّر طاقته، واليوم نحو 95% من تلك الطاقة دمرته أدوات الفتنة وأعداء النجاح.
وطن وهو ليس من الدول النفطية، كان ليتر المازوت فيه بليرات لا تتعدى أصابع اليدين، وأكثر من ذلك البنزين، كانت الرحلة بين دمشق ودرعا مثلاً 50 ليرة، واليوم أضحت 500 ليرة وربما أكثر.
وطن كانت فيه الألف ليرة تشتري 5 فراريج بروستد مع مكمّلاتها، أما اليوم فلا تشتري واحداً.
وطن قضى على شلل الأطفال منذ عقدين، وأرجعتموه لأطفالكم، كانت مشافيه قبلة لأهله مجاناً، وقبلة للسياحة الصحية التي أخذت تشق طريقها..، فقطعتموه وهجَّرتم بإجرامكم خيرة الخبرات العلمية والطبية.
وطن لو أردنا أن نعدّد ونقارن ما كان عليه قبل بضع سنوات، وكيف دمّرتموه بأيديكم، لحق فيكم قول تلك الملكة العربية الأندلسية التي قالت لابنها: “ابْكِ كالنساء ملكاً لم تحافظ عليه كالرجال”.. ورحمى لمن قال: “قوة الرجل فوق كتفيه”، فهل تعود إلى التفكر تلك العقول؟ لا أريد أن أشكّ.
قسيم دحدل
qassim1965@gmail.com