ثقافة

حقوق.. تبحث عنها الإنسانية

لا أستطيع أن أتصور إنساناً يعمل مدة أربع وعشرين ساعة متواصلة! فحتى في وقت نومه المحدد له والذي يقترب عن موعده أحياناً ويبتعد أحياناً أخرى، لدرجة أنه قد لا يمكن تحديده بالراحة المطلوبة له كما لغيره في هذه الحياة، ألا وهو الخادم أو الخادمة وأحدد أكثر هنا: الخادمات المنزليات!.
ولا أستطيع أن أتصور أيضاً أن عاملاً أو موظفاً يعمل وبهذا الشكل الرسمي والنظامي والدائم، ودون أن يجري تحديد سنوات عمله، متى تبدأ ومتى تنتهي وإعطاء رب العمل كل الحرية في إنهاء عمله متى شاء ودون أية حقوق ولا أي تعويض كما يحدث مع الخادم أو الخادمة، وأخص بالحديث هنا أيضاً: الخادمات المنزليات!
كما لم أستطع أن أتصور أو أتخيل أو يخطر في بالي أو في بال غيري، أن هناك حكومات توافق على ذلك وكذلك مكاتب لتسهيل ذلك، وأمام مرأى ومسمع من كل دوائر التشريع والقانون، و مجالس البرلمانات والبرلمانيين، ودوائر الإعلام المقروء ماشاء الله!. والمسموع ماشاء الله! والرقمي أيضاً وماشاء الله أيضاً!.
فالعامل له رب عمل واحد أما الخادمة فلها كل أفراد الأسرة أرباب عمل وكذلك كل أقرباء أفراد الأسرة أرباب عمل وآمرون أيضاً!
ماذا بقي من صفات الاستغلال وعدم احترام الإنسان وحقوق الإنسان وكرامة الإنسان أكثر من ذلك؟ خاصة وأنها تعيش حياتها على أحلام المرأة في الحب والزواج والإنجاب، وإن تحت ضغط الاستغلال والتهميش والاعتداء بأنواعها أحياناً!
إن الخدم أو الخادمات، إنما هم في الحقيقة (عمال منزليون) والعامل إنسان محترم وعامل محترم وموظف محترم وله كامل الحقوق والكرامة والمكانة!
نحن نعلم أن حقوق العمال المنزليين، وإن لم تكن قد حصلت على هذه التسمية (العمال المنزليون) قد خطت خطوات كبيرة بل ومتقدمة في كثير من دول العالم، ولكنها لم تأخذ مكانة وحقوق الموظف أو العامل بعد. وفي معظم دول العالم وبيوت العالم أيضاً !.  وكل ما نطلبه هنا ويطلبه الشرع والقانون كذلك، إنما هو الحصول على كل هذه الحقوق التي للعامل، ألا وهي التأمينات الاجتماعية وتحديد وقت للعمل، وكل دقيقة بعده إنما هي عمل إضافي، وكذلك الراتب التأميني بعد انتهاء العمل، بل والقدرة على ضم الخدمات إذا كانت هناك خدمة غير كافية للحصول على راتب التأمينات، وثمة خدمة غير مضمومة، والأهم وصول هذه الحقوق وبشكل قانوني إلى بلد الخادم أو الخادمة، حيث كانت وبشكل نظامي ورسمي وقانوني حين تبدأ راحة ما بعد سن التقاعد!
أنا لا أدري ولا أعلم ولا أفهم كيف أن حياتنا الإنسانية الحالية والتي وصلت إلى حقوق الإنسان وأقرتها وكل حقوق العامل والموظف وقد أقرتها، كيف تترك الخدم والخادمات في المنازل دون ذلك؟! ثم وهو الأهم لماذا الإبقاء على هذه التسمية: الخدم والخادم والخادمة؟!. لماذا وهو عمل ويمتلك كل صفات العمل الحقيقي وفي كل مجالات الحياة؟! لماذا لا تكون التسمية: العمال المنزليون والعامل المنزلي والعاملة المنزلية، علماً بأن ذلك لا يتعارض مع أي حق من حقوق رب العمل، بل بالعكس فهو يؤكد حقوق رب العمل ولا يتعارض معها في شيء! وأرجو أن أستطيع في النهاية ومع كل الحب والتقدير لرب العمل أن أمرر هذه العبارة: (وعقوبة رب العمل في حال الاعتداء الشخصي، أو الضرب أو الإهانة) وهذا هو ما تقره وتؤكد عليه الشريعة والقانون وحقوق الإنسان والإنسانية جمعاء! خاصة وأنك وهذه هي النصيحة اليوم: إذا تركت حق إنسان واحد من كل البشرية، فإن الإنسانية ستبقى ناقصة حق إنسان واحد! ولا يرفض ذلك بل ويحاربه سوى أعدائنا وأعداء الشعوب!
أكرم شريم