ثقافة

في معرض “فلسطين أمس واليوم وغدا” صور من تاريخ فلسطين.. تكاد تنطق

إنها لقمة القلب وموئل شغفه، صبية خالدة يتكئ التاريخ على ظلها الندي، ليسرد فاكهة الحكايا عنها، عن فلسطين وماضي أيامها الآتية، حكايا ومواويل قديمة، أوقفها الزمن في صور بالأبيض والأسود لتكون وثيقة بصرية لا تفنى عن حياة مازالت تنبض بتلك الصور، امرأة تقطف برتقال تكاد رائحته تنفذ من مسامات الورق وتشق القلب، طفل يركب دراجة هوائية، قليلا وتصير السماء طريقا أيضا لعجلة قلبه، عجوز يلف سيجارة في خيال مئذنة، طفلة تربي شعرها في خاطر مشط.
هي حياة فلسطين في معرض حمل اسمها “فلسطين أمس واليوم وغدا” صور تكاد تنطق.
تضمن المعرض ما يقارب الـ خمسمائة صورة فوتوغرافية، وثّقت لتاريخ فلسطين قبل وبعد النكبة، حيث عرضت مجموعة من صور الجغرافيا المكانية والطبيعية للأقضية الفلسطينية قبل النكبة، ونقلت من خلال تلك اللحظات الخالدة، للعديد من الأنشطة المختلفة في حياة المدن الفلسطينية، كـ “حيفا ويافا واللد والرملة والكرمل”، كيف مرت الحياة على تلك المدن بمآذنها وجوامعها بمدارسها وميادينها العامة، بأسواقها ودورها الثقافية، بمقاهيها وشوارعها العامة، ببرتقالها اليافاوي الشهير وعيون أبنائها الطيبة.
صور لا يزال نبض شعبنا الفلسطيني نابض وبقوة، بما تتضمنه من تفاصيل طازجة ليوميات هذا الشعب الأبي، من الطبيب والمعلم، والفلاح والعامل والطالب، صور للمرأة الفلسطينية الأم والعاملة والمثقفة والمزارعة، الأم التي أنجبت أجيالا من المقاومين الميامين، من سيعيدون فلسطين مع الشرفاء من الأخوة إلى بيتها الآمن، المطهر من كل رجس ودنس استعماري.
قدمت العديد من الصور للحياة الفلسطينية التي اشتغل الصهاينة على محاولة إنهائها بعد نكبة 1948، وثائق حية ونادرة تظهر وحشية هذا الكيان الغاصب وجرائمه بحق كل ما هو فلسطيني، من الناس والهواء والحجارة وحتى التاريخ، تاريخ فلسطين العريق، من تسعى للأسف العديد من الدول العربية قبل الغربية، لمحاولة محوه من ذاكرة الشعب الفلسطيني والعربي، تمهيدا لمحو قضية العرب الأولى من ذاكرة أبناء المنطقة العربية وما سيلي ذلك من عمل على إزالة اسم فلسطين وخريطتها من الذاكرة الإنسانية برمتها.
حرص معرض “فلسطين أمس اليوم وغدا” على عرض مجموعة من الخرائط لفلسطين المحتلة بمختلف مدنها و أقضيتها، بالإضافة لعرضه للعديد من الوثائق التاريخية التي صدرت في فلسطين والمنطقة العربية قبل النكبة، من تلك الوثائق وثيقة نادرة فعلا وهي عبارة عن بيان صادر من حزب البعث العربي في سورية في الثاني من أيار لعام 1946، بعنوان “لتكن نصرة فلسطين أول امتحان لاستقلالنا”، حيث دعا هذا البيان وبصوت عال الأحزاب والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية في سورية والوطن العربي، للإضراب استنكارا لإباحة الهجرة الصهيونية إلى فلسطين، وليكون هذا الإضراب بمثابة صرخة رافضة يسمعها العالم جميعا وتسمعها بريطانية وأمريكا، صرخة تستنهض همم العروبة لبذل الدم في سبيل فلسطين.
ومن تلك الوثائق أيضا وثيقة صادرة في 3-12-1584، تستغرب سبب زيادة المعابد اليهودية  في بلاد الشام، ووثيقة بتاريخ 13-10-1901 تحمل قرارا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من الوثائق التي عرضها “فلسطين أمس واليوم وغدا” وثقت في عهد السلطان عبد الحميد،الذي تآمر عليه يهود “الدونما” ونفوه وحكموا تركيا حتى هذا التاريخ.
تمام علي بركات