اقتصاد

نقطة ساخنة لمواجهة حروب الطقس..؟!

من جملة التحديات التنموية المستقبلية التي ستواجهنا، التشابك المصيري بين الطلب على المياه وبين حوامل الطاقة ومنها الكهرباء، وعلى التوازي الزراعة بكل أوجه نشاطاتها.
هنا يطالعنا مشروع تحلية مياه البحر وبقوة، كقضية أكثر من مُلحّة ومستعجلة، هذا ما تؤكده الإحصائيات الرقمية والمؤشرات المستخلصة منها، كما يؤكده خبراؤنا ويعطونه الأهمية القصوى..
تقول الأرقام -على سبيل الاستشهاد-: إن استهلاك محطات الكهرباء من المياه بلغ 70.8 مليون م3 عام 2011، وسيرتفع ليصل إلى 217 مليون م3 عام 2030.
أما في القطاع الزراعة فتقول: إن زراعتنا ستواجه مستقبلاً ضعفاً في الموارد المائية، ولاسيما المتجدّد منها وعدم كفايتها للمساحات المزروعة إنتاجياً، إذ تبلغ نسبة التبخر والفاقد المائي الذي لا يمكن الاستفادة منه نحو 77% وسطياً من إجمالي الهطولات في سورية، في الوقت الذي تشكل واردات سورية المائية السنوية نحو 45.5 ملياراً من مياه الأمطار، يضاف إليها نحو 33 مليون متر مكعب من مياه الأنهار والينابيع، هذا ناهيكم عن الكميات التي تذهب هباء في البحر.
هذا غيض من فيض المؤشرات التي أخذت تقرع ناقوس الخطر، والذي قد نتلمس تجاهه بشيء من الأمل والتفاؤل، هو تلك الأصوات الخبيرة التي بدأت تتعالى مطالبة –كخطوة أولى وأولوية في رحلة ميل مشروع التحلية لمياه بحرنا– بإحداث مؤسّسة لتحلية المياه وإعداد الكوادر والفرق المتخصّصة بالدراسات المطلوبة لهذا المشروع الجديد.
من تلك الدراسات إعداد دراسة جدوى اقتصادية لمحطة مركزات شمسية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، علماً أن هناك أماكن تمتلك كل المؤهلات لنجاح المشروع.
والسؤال الحالي هو: هل تدخل سورية ميدان التحلية الذي تؤكد المعلومات أن أغلب الدول العربية سبقتنا في هذا المجال؟ والأهم: متى سنبدأ..؟، إذ لا بد من دراسة موضوع التوليد المشترك للكهرباء والماء، إضافة لاستخدام المركزات التي ذكرناها آنفاً، للتغلب على التكاليف الاستثمارية العالية واستخدام المزيد من الوقود الأحفوري اللازمين لمشاريع التحلية.
إن موضوع تحلية مياه البحر واسترداد المياه العادمة وشبه المالحة وحصاد الأمطار.. مشاريع تطرحها اليوم التغيّرات المناخية ومعدل التزايد السكاني في سورية، على قائمة الأولويات المستحقة التي لا تحتمل التأجيل.
وخير بداية في مواجهة زيادة الطلب على المياه يتمثّل بترشيد استهلاكها وحسن استخدامها، واستصدار قوانين للمياه تتواكب مع ضرورات مواجهة اسحقاقات اليوم والمستقبل.. هذا إن أردنا فعلاً الاستعداد لحرب الطقس المقبلة الجاهزة لنا.

قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com