اقتصاد

نقطة ساخنة قرارات استثنائية

الظروف الاستثنائية التي تعيشها سورية اليوم تحتاج من الوزارات قرارات استثنائية، تتعامل مع الوضع وفق الانعكاسات التي يتركها على المواطن، سواء من الناحية النفسية أو الاقتصادية أو الأمنية.
وإذا وقفت القوانين والمراسيم أمام المسؤول حائلة دون اتخاذ المواقف والتدابير اللازمة لمواجهة أمر “اقتصادي” طارئ -على اعتبار أن مجال حديثنا هنا الاقتصاد- فلا مناص عندها من اللجوء إلى نظرية الظروف الاستثنائية التي تولي السلطة القائمة صلاحيات استثنائية تجيز لها تالياً اتخاذ قرارات استثنائية لحماية المواطن من جشع التّجار، ومن القائمين على محطات الوقود الذين يبيعون “المازوت” بسعر السوق السوداء دون أي رادع قانوني، ومن ملاك “التكسي” التي تجاوزت قيمة تعرفتهم “الخدمية” المحررة سعرياً ما يُحصّلْ في لندن وطوكيو ونيويورك الأعلى أجراً في تلك الخدمات.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، وقد يثير استهجان الكثيرين: كيف يُحرّم على جهات تعدّ مهامها مهمة جداً في الأزمة (منع الاحتكار والرقابة والمنافسة، الضرائب)، اتخاذ قرارات استثنائية، وتمنع “علناً” من تجاوز صلاحياتها، بينما يسمح للمصرف المركزي –على سبيل المثال- الخروج بقرارات رادعة لم ترد بقانون بحق كل من يتاجر بالقطع الأجنبي، أو يصدر قرار تحت عنوان “استثنائي” صادر عن رئاسة الحكومة بالموافقة لأصحاب مركبات نقل البضائع العمل حسب الأسعار الرائجة، إضافة إلى قرارات أخرى مماثلة تتعلق بضغط النفقات، وتمويل الواردات.. الخ؟!.
عندما تتضخم أسعار البضائع خمسة أضعاف عما كانت عليه قبل الأزمة دون مبرر اقتصادي موضوعي، وأجور نقل الركاب ثلاثة أضعاف، والمازوت بمقدار الضعفين، مع توقعات لمؤسسات محلية وإقليمية تشير إلى تزايد معدل الفقر في سورية، عندها يجب إطلاق العنان للمسؤولين لاتخاذ قرارات استثنائية في هذه الظروف الاستثنائية لمواجهة تحديات استثنائية، ليست قابلة للتنفيذ فحسب، بل هي أيضاً محصّنة سياسياً واقتصادياً ضد المتنفذين والفاسدين العاملين دوماً على إبطال مفعول مثل هكذا قرارات.
ولأن المجال الاقتصادي أُدْخِل في باب الرهان منذ بدء الأزمة.. وتحديداً عبر بوابة الوضع المعيشي للمواطن، فالقضية تستوجب الجرأة والشجاعة في قرارات تدخل ضمن إثبات الوجود كونها تتعلق بمصير البلد كله وليس بمدينة أو محافظة ما، والعمل بها، دون أدنى شك يحدّ من التأثيرات النفسية التي تتركها الأحداث على المجتمع، ولذلك لا ضرر من رفع الحدّ الأعلى من عدد القرارات الاستثنائية المسموح بها، بناء على التطورات والمستجدات المتسارعة التي يصعب على مشرّعي القوانين والمراسيم تداركها ومعالجتها بالسرعة القصوى، كما هي مفاعيل القرارات “الاستثنائية”في مثل هذه الظروف.

سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com