ثقافة

وارث الـمنافي

بديع صقور

ترثُ سيفاً
أرثُ زهرةً
في غابة الرمل
تاهت روحك
من البحر جئت أنا
لم أرث من المنافي سيفاً
ولا رايةً
في حلكة هذي الحرب
سرق الحقد بقايا أهلي
وأهلك بقايا مزق
من شاهق هذا الموت
بددتنا رياح الحرب معاً
يومَ كنتَ يافعاً..
تذكرت شجرة الجوز؟
كيف هوت ؟
سرق الدود نسغها
كيف ارتمت ؟
لم تحرك الريح فيها ساكناً
عندما قتل أهلَكَ أهلي
على أبواب المغيب.
رمل..
يصادف أنك قربان آلهة الظلام
يصادف أنهم رموك من شاهق الغيم
يصادف أنك على موعد مع الموت
وأنّ قبرك ضاع
في غيهب الليل ..
رمل..
وابتعدتَ كفجر
كيف ابتعدت كفجر ؟
هم أبعدوك؟!
رملٌ يسِّورُ معصمَ الياسمين
رمل يهلل للسواطير
من يصلي مع الغرابُ علينا
إذا ما قُتِلنا معاً !!
رملٌ
وطارت عصافير الدوالي
واحترقت تلك الغصون
إن تعدْ
لا شأنَ للريح فيما فعل القاتلون
لا شأن للسماء فيما اقترفتْ أياديهم..
رملٌ
إن تأنقت في الغياب !
إن رجعت
مَنْ سواك يهبني نبعَ الحكايات
من لي سواك على هذا الطريق
تقصُّ عليَّ حلم الجبال
وحلم الوعول …
أقص عليك..
كيف تسربت فراشات دمي
وكيف طارت كالهمساتُ في المغيب
رملٌ..
وطارت فراشاتُ الحنين
أحبك مثل روحي
مثل طلوع شمس
مثل شلال نور
وأسكب ماء روحي
لأغسل أغصان روحينا ..
رملٌ
و يمدُّ المساءُ لي أصابعه
تغاوي الوحشة دمعتي
أراك ربيعاً ..
تردني لصيف بعيد
أعطر روحك بالندى
كيف دمي لا يوافق  دم النعامات؟
من قال : إن دمي مثلُ سبخةٍ
ومثل زجاج قابلٍ للكسر !؟..
مثل ذرات رمل في مهب الذوبعة ؟!
مثل المداد على صفحات كتاب عتيق
رملٌ
تبددنا الفجيعة..
يقظة القتل تباعدنا
تصير حجراً
وأنا النجم أسقطُ فوقهُ
أطلع من خصره ..
أتلاشى كتجاعيد غيمة
تبعدني عن نهر أمسي
وجعي يغيب في ردهة المنافي ..
أغيب ليظهرَ ظلُكَ..
تبقى لك شطآن الطحالب
وأبقى غريباً، وفرداً كنخلة
رملٌ
وعلى حين ثمر
تجـيء الحرب فتقطعني  .