محليات

حكمة “حكمية” الجمركية؟!

درجت العادة على أن يكون مصدر النصيب الأكبر من النقد الموجّه للقطاع الجمركي عبر الفعاليات الاقتصادية والتجارية التي لا تتوانى عن توجيه سهامها باتجاه “جباة” وحراس الضريبة الجمركية.. لكن أن يخرج مدير عام الجمارك بنفسه ليتعرّض بالمحاسبة الذاتية للتعرفة الحالية ويصفها بالمشوّهة، فإن التصور المباشر الذي يتشكل لدى المتابع يقول إن ثمة بوصلة شفافية جديدة باتت تحكم العمل الجمركي تخلو من ألوان التسويق والدعاية بأدوات عملية قائمة على التوجّه المصلحي الذي يخدم الاقتصاد الوطني بخزينته وتجاره وسوقه ومستهلكيه!.
مدير الجمارك لم يتوانَ في تصريحات صحفية منسوبه له عن توصيف الواقع، لا بل ونقله بميزان العدالة المتوازنة لمدير بدا متأبّطاً التصالح مع الذات ليقول إن التعرفة الحالية تحمل في طياتها مجالات عديدة لارتكاب الأخطاء والتواطؤ بقصد أو غير قصد، في دلالة واضحة على ترجل الإدارة عن كرسي النرجسية وعزوفها عن الرياء الذي يقفز فوق المشكلات والتجاوزات.
ثمة حكمة فعلاً في تعاطي إدارة الجمارك الحالية عندما تطرق المدير العام إلى أهمية ضغط شرائح الرسوم الجمركية بهدف تسهيل العمل الجمركي، ما ينعكس إيجاباً على المستوردين ولاسيما أن خفض الرسوم يشجعهم على التصريح عن بضائعهم بشكل حقيقي، الأمر الذي يحقّق موارد مباشرة للخزينة ويحدّ من التهريب الجمركي، وهذا بدوره ينعكس إيجاباً على مصلحة المواطن والصناعي والتاجر والخزينة العامة للدولة، ويحدّ من الفساد والخلل ويزيل التشوهات ويضمن في الوقت نفسه سهولة وعدالة تحديد الرسوم.
الحل كما نقل مدير الجمارك بما انتهت إليه المؤسسة من إعداد مشروع القانون الخاص بالشرائح الجمركية الجديدة ليصبح جاهزاً، وهو قيد العرض على اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، والكلام الأهم الذي ساقه حكمية هو أن الالتفاف على القانون الجديد لن يكون في مصلحة المستورد أبداً.
إذاً ثمّة تعرفة “طازجة” تدعم الصناعة الوطنية وتحمي القاعدة الاجتماعية الشعبية ومستلزمات المعيشة برسوم منخفضة ومتدنية.. وهنا “القفلة” التي تنشد التنمية على أصولها؟.
قصارى الكلام.. الجمارك بالنهج الجديد الذي خرجت به لن تكتفي بتنفيذ القوانين فقط،  ما لم تعد تقبل به.. بل لها –حسب حكمية- دور استشرافي للمخاطر الاقتصادية والتدخل بقرارات الحكومة وتقديم المقترحات لتكون صانع قرار اقتصادي، ولاسيما أن الفترة الماضية شهدت حراكاً غير مسبوق بوضع إستراتيجية واضحة الأهداف القريبة والبعيدة، عنوانها العريض مكافحة التهريب والقضاء على مسبّباته مع الفساد الإداري بوصفات تحصين العاملين ورفع الحوافز المالية واعتماد آليات ذكية للمحاسبة.
فعل إن تجسّد وتبلور وتحقّق سنترحم على سمعة قديمة ليست بيضاء لقطاع كانت تحوم حول عناصره وخفره وموظفيه.. علامات استفهام؟؟.
علي بلال قاسم