ثقافة

الفن يخرج من صالات العرض إلى أماكن حياتية جديدة

تمتلك اللوحة الفنية القدرة على اختراق أي مكان، ولم تبق محكومة بصالات العرض فقط، فهل هناك أجمل من أن ينتشر العمل الفني  في كل مكان، حيث يتحول الشارع والمدرسة والجامعات إلى صالات تحتضن الأعمال الفنية فتقربها من الناس وتجعل رؤيتها أمراً مألوفاً اعتيادياً لتلغي الفارق بين المتلقي والفنان، فتنتشر الثقافة الفنية في المجتمع، وترتقي الذائقة. عندها يصبح الفن متاحاً ويضيف لمسة جمالية لكل مكان يلامسه ويحتضنه ويصبح كل مكان هو بحق  صالة عرض فنية ، ويتحول العمل الفني لتفصيل نصادفه  في حياتنا كظاهرة إيجابية يجب تشجيعها ،فما الذي يمنع أن يكون الفن وجهتنا الدائمة حتى لو كان مركزاً طبياً كما فعلت الفنانة نهى جبارة التي اتخذت من مركز جبارة التخصصي لجراحة الفم والفكين التجميلية مكاناً لإقامة معرضها الفردي الأول، في تجربة جديدة تعكس إيمانها بأنه لا حدود للفن وأنه غير مرتبط بجدران صالة العرض، فاللوحة كالفراشة لا تحب القيود ولا تؤمن بها ويغريها الضوء حيثما وجد، وهي فرصة لعرض اللوحات لجمهور غير متوقع  واستقطاب فئة جديدة لرؤية اللوحات الفنية والتعرف على الفن التشكيلي، حيث يرى زوار المعرض والمركز اللوحات  ويقدموا انطباعاتهم عنها كردود فعل أولية  تستفيد منها الفنانة في معارضها المستقبلية، وترسخ فكرة أن اللوحات الفنية أصبحت معلماً قائماً  منتشراً في كل مكان كما تنتشر التماثيل في الساحات العامة.
وكما ارتبطت عيادات  طب الأسنان في مخيلة الأغلبية  بالخوف من زيارتها وبالألم الشديد  الذي يتهرب منه المرضى ويحاولوا تأجيله دوماً، كذلك كان في مخيلة نهى -على الرغم من انتمائها لعائلة  يتكون معظم أفرادها من أطباء أسنان– ولهذا أرادت أن  تشجع الناس على تخطي هذا الخوف الذي يسكنهم كما كان يسكنها، وتخفف من الوجع عبر نشر لوحاتها الفنية في المركز لكي تجذب بجمالها الزائرين علّها تخفف عنهم وتجعلهم ينسون آلامهم، وقد ركزت نهى لوحاتها في جميع مداخل المركز وغرفه، وبشكل خاص على  وضع بعض لوحاتها في سقف الغرف  كي تقع عين المريض عليها إثناء  العلاج، فيسرح في تفاصيلها ومعانيها وينسى ألم للعلاج، ليغدو الفن وجماله وسيلتها الأقوى لكسر الحاجز بين المريض وطبيب الأسنان بعيداً عن القلق.
فكرة المعرض خلاقة، ومن خلالها تسعى الفنانة لربط الفن بالمجتمع  متجاوزة مقولة الفن للفن، بل يحمل رسالة اجتماعية إنسانية تخدم المجتمع دون أن تلغي دوره في  إضافة  الجمال لكل ما يمر به، وهي دعوة ليكون الفن رفيقاً للناس بمختلف شرائحهم، فالفنّ خُلق  ليكون حراً طليقاً بعيداً عن قيود الأمكنة.
لوردا فوزي