ثقافة

مشروع تخرّج قسم الرقص رجلان وامرأة في “المختبر الخامس عشر”

اقتصر مشروع التخرّج للسنة الرابعة في قسم الرقص بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي يُقدَّم الساعة الرابعة مساء اليوم وغداً على مسرح فواز الساجر في المعهد، ولأول مرة على طالب واحد هو أحمد جودة، وأوضح رئيس القسم والمشرف على المشروع معتز ملاطيه لي أن مشروع التخرج اعتاد أن يشارك فيه مجموعة من الطلبة، لكن وللظروف الصعبة التي نعيشها اقتصرت السنة الرابعة لهذا العام على طالب واحد الذي يقدم مشروع تخرج تحت عنوان “المختبر الخامس عشر” وهو اسم مادة “مختبر وتصميم”، التي تُدرَّس في المعهد في السنة الرابعة والتي يتعلم فيها الطالب في هذه المرحلة تصميم الرقص بكل أنواعه، من ألِفِه إلى يائه، فيأتي مشروع التخرج ليكون حصيلة ما تعلمه الطالب من مواد، كالديكور والإضاءة والسينوغرافيا والمكياج، وبالتالي إنجاز عمل راقص كامل على صعيد الشكل.

أبلغ من الكلام
ويأسف الطالب أحمد جودة لأن رغبته الحقيقية كانت في أن يتناول في مشروع تخرجه الآشوريين وتاريخ سورية القديم، ضمن عرض يُقدَّم في المسرح المكشوف في المعهد إلا أن المشكلة التي واجهته كانت في عدم قدرته على الاستعانة براقصين من طلاب المعهد، لانشغال معظمهم بالامتحانات الجامعية.. من هنا اضطر كطالب وحيد في السنة الرابعة لتغيير فرضية مشروعه باتجاه العلاقات الإنسانية، من خلال قصة حبِّ رجلين لامرأة واحدة، أحدهما يخاف عليها ويحميها ويحبها حباً حقيقياً، والثاني يحبها لأغراض أخرى، فنرى في العرض كيف تنخدع الفتاة بالثاني، موضحاً أنه اعتمد الرقص المعاصر للتعبير عن هذه الحكاية، وهو الرقص الذي يمكن من خلاله التعبير عن مشاعرنا الداخلية، منوهاً إلى أن الرقص لغة أبلغ من الكلام، والراقص لديه طريقة في الإقناع إذا كان صادقاً ومحترفاً، ونجاحه في هذا مرهون بخبرته وتجاربه وعدد المرات التي رقص فيها، وبين جودة أن الرقص أسهل طريقة للتواصل، والراقص قادر على جعل المتلقي يعيش حالات الفرح والحزن والقلق.. الخ والتي يعبِّر عنها، وهو لا يقوم بذلك كما الممثل، فالراقص ليس ممثلاً –برأيه- ويجب ألا يكون كذلك، بل أن يعيش الحالة تماماً بكل صدق، وكلما كان صادقاً كان حقيقياً ومقنعاً.

فرصة حقيقية
وبالعودة لسنوات الدراسة الأربع التي تجاوزها، يشير جودة إلى أهمية الاختبارات العملية التي شارك فيها عبر سنوات الدراسة، ويرى أن أي اختبار في الحياة وبكل المعايير مفيد للإنسان، وكراقص فإن هذه الاختبارات تغني تجربته وتطور من التقنيات التي يتعلمها في المعهد، بالإضافة إلى إغناء تجربته بالوقوف على المسرح والرقص أمام جمهور ولجنة مختصّة، خاصة وأن الراقص معرَّض للمشاركة في العديد من المسابقات. ولا ينكر جودة أن الاختبار فرصة حقيقية لا بدّ منها لأن يعبِّر الطالب عن طاقاته وإمكانياته، وخاصة على صعيد التكنيك، منوهاً إلى أنه وإن كان الاختبار واحداً بالنسبة لجميع الطلاب، إلّا أن كل راقص لديه فرصة ليبتكر طريقته في الرقص.
أما المطبّات التي يمكن أن يقع فيها طالب الرقص في سنوات دراسته فهي -كما يشرح جودة- كثيرة، وهي تتعلّق بطريقة تعامل الراقص مع جسده، خاصة وأن لكل رقصة تكنيكاً وطريقة حركة معينة، والراقص يحتاج لوقت طويل حتى يتمكن من إتقانها كلّها، ومن ثم الفصل بينها.. ويحزن جودة أن قسم الرقص في المعهد العالي بحاجة ماسة لخبراء في مجال الرقص بشكل عام ومجال رقص الباليه بشكل خاص، معترفاً أن في القسم أساتذة محترفين في مجال الرقص المعاصر، في حين يفتقد هذا القسم لخبير رجل في رقص الباليه ليعمل مع الطلاب الذكور باعتبار أن حركات الباليه بالنسبة للذكور تختلف عن حركة الباليه بالنسبة للفتيات، في حين أن طلاب الرقص من الذكور في القسم ما زالوا يتعلمون على أيدي مدرسات مما يؤدي إلى وجود ثغرة لدى الطلاب الذكور، ولسدّ هذه الثغرة كان جودة يحاول بشكل شخصي تطوير نفسه من خلال اطلاعه على فيديوهات من خلال اليوتيوب، مشيراً كذلك إلى أن وجوده لوحده في السنة الرابعة خفّف من روح المنافسة التي يمكن أن تتواجد في حال وجود أكثر من طالب في السنة الواحدة.

لا فرص حقيقية
وقد دخل جودة قسم الرقص لحبه الكبير لهذا الفن، وقد مارسه من خلال فرقة إنانا، مؤكداً أنه استفاد كثيراً من دراسته في المعهد الذي تعرّف فيه على كافة أنواع الرقص، فأصبح يفرِّق بين نوع وآخر وقد تحول فيه جسده من راقص باليه إلى راقص معاصر، خاصة وأن المعهد يضم قاعات غير موجودة خارجه وهي مناسبة جداً للتدريب بكل أشكاله، معترفاً بالوقت ذاته أنه وضمن الظروف الحالية التي تمر بها سورية ليس أمامه سوى السفر بعد التخرج، وهذا ما فعله عدد كبير من زملائه لعدم وجود فرص حقيقية للراقص بعد التخرج، على الرغم من كثرة المهرجانات والفعاليات التي يمكن أن يشاهَد فيها، إلّا أن هذا لا يحدث لأن من يعمل في هذا المجال لا علاقة له بالرقص، وما يؤلمه في فعل ذلك هي الواسطة والمحسوبيات، بينما الخريجون لا عمل لهم، أما التدريس في المعهد فلا يغريه اليوم لأن التدريس يحتاج لخبرة، وهذه لا تتكون إلا بعد عدة سنوات، لذلك هذا الأمر مؤجل كثيراً.

أمينة عباس