ثقافة

الجيش في السينما

أمينة عباس

> منذ سنواته الأولى شكّل الفن السينمائي مرجعاً هاماً ومادة توثيقية حية لكافة المنعطفات التاريخية الأساسية، التي مرت بها البشرية عبر تاريخ طويل من الصراعات والحروب التي أدت إلى نشوء دول وزوال أخرى، فكان لا بد من وجود آلية تساعد على حفظ الحدث من الضياع، فكان الفيلم الروائي الدرامي والفيلم التسجيلي والفيلم الوثائقي الأكثر قدرة على توثيق تلك الأحداث، وعلى الرغم من أن الفيلم التسجيلي والوثائقي هما الأكثر صدقاً في تناول الحدث والإحاطة بتفاصيله وظروفه وحيثياته، إلا أن الفيلم الدرامي الروائي بقي الأكثر رسوخاً في الأذهان والأكثر قدرة على الاستحواذ على الاهتمام، باعتبار أنه الأكثر تشويقاً وقدرة على التواصل مع المتلقي الساعي إلى المتعة والمعرفة في آن معاً.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى أواسط القرن الماضي وجدنا عشرات الأعمال التي استلهمت أحداث الحرب العالمية الثانية مادة دسمة لها، ومن أشهر هذه الأفلام وأكثرها تأثيراَ يبرز فيلم “امرأة في برلين” المنتَج في العام 2008 وهو يحكي عن ما تعرضت له النساء الألمانيات في ظل غياب أزواجهنّ، كما يبرز فيلم “المزورون” المنتَج في العام 2007 وهو يتحدث عن عامل طباعة مسجون لتزويره هويات مواطنين لحمايتهم من الترحيل. ومن الأفلام التي تناولت تلك الحرب أيضاً نذكر فيلم “السقوط” الذي قُدِّم في العام 2004 وهو يكشف النقاب عن الأيام العشرة الأخيرة من حياة ألمانيا النازية، وهي بمجملها أفلام اعتمدت على العناصر المشهدية المبهرة، وقد وجِّهت العديد من الانتقادات للأفلام الروائية التي تناولت موضوعة الحروب عامة والحرب العالمية الثانية خاصة، متهمة إياها بالانحياز إلى جانب المنتصر.
وفي سينمانا السورية وثّق سينمائيونا الروّاد بطولات جيشنا العربي السوري بعد ثلاثة أعوام فقط من الاستقلال، حيث قام الرائد السينمائي أحمد عرفان بتقديم فيلم بعنوان “الجيش السوري في الميدان” عرض فيه لمشاركة الجيش السوري في معارك فلسطين عام 1948، وفي الخمسينيات تأسس قسم السينما في الجيش العربي السوري وعمل فيه سينمائيون مرموقون كرشيد جلال وخالد حمادة ومحمد الرواس وإسماعيل أنزور، الذين قدموا مجموعة من الأفلام ذات الطابع الأخباري، وفي السبعينيات قدّم المخرج أمين البني فيلم “حتى الرجل الأخير” الذي يحكي قصة صمود في وجه العدو الصهيوني، وبعد حرب تشرين التحريرية عام 1973 قدّمت السينما في الجيش عدداً من الأعمال الهامة مثل “حول معارك تشرين” و”التحرير” و”النازية الجديدة” و”معرض تشرين الخاص” و”أهلاً بكم في دمشق” وحتى لا ننسى” و”تل الفرس” و”جولان جبل الشيخ”.
واليوم وجيشنا يخوض أنبل وأشرف المعارك يبدو تقديم أعمال سينمائية مواكبة لبطولات جيشنا أمراً ضرورياً لتصوير اللحظة وتوثيق الخبر حتى تطّلع أجيالنا القادمة على مدى التضحيات التي قدمها جيشنا دفاعاً عن الوطن.