ثقافة

في عيدكم.. نتلاشى أمام أبديتكم

أخيلة وألوان من سماءات مضاءة بالحياة تغمر المكان، قصص وحكايات تحضر في وجوههم الصامتة.. تعجز الكلمات عن أن تطاول شموخ هاماتهم، فللسنة السادسة على التوالي، تأتي ذكرى “عيد الجيش” ونحن نعاني ويلات حرب عالمية ظالمة تختلف كثيراً في معطياتها وتفاصيلها عن الحروب السابقة التي كان عدونا فيها معروفاً، فسورية التي تحمل في جعبتها حكايات وقصصاً فيها من الحب والشغف الكثير، محمية بإيمان شعبها بها وبطولات جيشها المرابط على كل الجبهات.. يسطر في كل يوم أسطورة جديدة للمجد، ولا تغيب من ذهني لحظة تجلّت فيها الحقيقة بكل بهائها على جباه طافحة بالبشر.
سلوى عباس

>  كنت منذ أيام مع صديقة عزيزة في ضيافة مجموعة من أبطالنا في أحد المواقع، شباب بعمر الزهور ، لكنهم بإقدامهم واستبسالهم كانوا بعمر التاريخ، هؤلاء الشباب المحلقون في أفق الروح، ينسجون للوطن الذي تعاهدوا معه على الوفاء وشاح النصر ولملمة الجراح لتنهض سورية من حومة الحرب قوية ومشرقة بمحبة أبنائها لها، الذين ظلوا يحملون رايتها بيرقاً موسوماً بالحلم، كان اللقاء بهم وجهاً آخر للحياة والنصر، يمثلّون الحقيقة التي تتجلى في إرادة لاتكل ولاتمل عن العطاء، فكانوا مثالاً للإقدام والعنفوان والإباء، يعطون ويجزون العطاء، وتنبت بطولاتهم شجرة من عبق الحياة، فمشاعر الأمل التي تشكل نبضنا وتتوسد أرواحنا، وتفتح نوافذها لنسائم السلام لتهب على قلوبنا المطبقة على أوجاعها تنتظر تبدل الفصول لتزهر على شفاهها أزاهير الربيع، لينشر نسغه في عروق يبّستها الفواجع والأوجاع.
كان يوماً سورياً بامتياز، حيث التقيت بأشخاص قلوبهم مشرعة على الحلم تتنشق رائحة الوطن، وتتمطى أرواحهم للشمس، تهمس للنوافذ المفتوحة على الحب والأمل حكاية ولعها بوطن متجذر في الوجدان، فكيف تغيب من الذاكرة اللحظة التي طلب فيها أحد الجنود من قائده -باسم رفاقه كلهم- أن يستمروا في مقارعة العدو الذي لايبعد عنهم سوى بضعة كيلو مترات، وكيف أنسى ذلك الجندي الذي سألته إذا كان خاطباً بسبب خاتم خطوبة يزين إصبع يده اليمنى، ليرد عليّ زميله الذي لم يتجاوز الثلاثين من عمره “أنا خاطب وعرسي كان بالأمس لكننا أجلناه لنزّف سورية للنصر، فهذا أولوية حياتنا”.

واثقون بالنصر
هو العيد يأتي على وقع انتصارات كثيرة حققها أبطال الجيش العربي السوري، هذه الانتصارات التي أورقت في قلوب الناس ربوة من ياسمين عبقت الدنيا وجمّلتها، وتبدّت كحزمة ضوء متألق في امتداد ساكن للظلمة، وكوريقة خضراء أينعت مرة على غصن غابة من شوك ويباس. وقد اغتنمت فرصة وجودي معهم وتحدثت وإياهم حول مناسبة عيد الجيش وعن إحساسهم بهذا اليوم، وقد خرجت الكلمات من أفواههم عفوية وبسيطة تعبر عن حبهم لوطنهم وشعبهم، وتأكيدهم على الاستمرار في النضال حتى تحرير آخر شبر من أرض سورية. ويؤكد المقاتل صالح هذا الكلام بقوله:
“همنا أن نحرر أرضنا من رجس الظلاميين والإرهابيين، وإن شاء الله سورية كلها ستتحرر وتنتصر، وباسمي واسم رفاقي المقاتلين جميعاً نهنئ أفراد جيشنا العربي السوري المتواجد على امتداد الأراضي السورية ونحن واثقون بانتصارنا. وعيد الجيش يوم عظيم وبهجة تمنحنا القوة والصلابة لنكون أقوى”.
ولاتختلف رؤية المقاتل محمد ونوس لهذا العيد عن رؤية زميله فيقول:
“إنه يوم وطني يعيشه جيشنا بعزيمة وثبات أكثر، وهذا عيد للشعب السوري كله، وبهذه المناسبة نهنئ القائد الرئيس بشار الأسد، وقادتنا العسكريين، وبإذن الله نحن منتصرون وسنبقى نقاتل حتى تحرير آخر شبر من أرضنا”.
وأسأله إلى أي مدى اختلف الاحتفال بهذا العيد بين اليوم والأمس فيتابع:
“هو لم يختلف، بل مهمتنا ومسؤوليتنا تجاه وطننا وأهلنا زادت وزدنا إيماناً بأن سورية يليق بها الفرح والحياة، وهذا مانعمل عليه وسنحققه بإذن الله، وهذا العيد تكريم لنا ولإنسانياتنا وتقدير لجهودنا.
وبكثير من الفخر تحدث المقاتل أحمد الأحمد عن عيد الجيش قائلاً:
“كنا نحتفل من قبل بهذا اليوم، مثل أي عيد يمر علينا، لكن في ظروف هذه الحرب الظالمة يأخذ العيد بعداً جمالياً وإنسانياً أكبر، فهو يوم عظيم بالنسبة لنا نغتنمه مناسبة للتعبير لقائدنا وقادتنا الذين يعيشون معنا كأخوة لنا عن محبتنا، ونعاهدهم أن نكون الجند الأوفياء لرسالة حمّلنا إياها الوطن، ونحن سنكون أكثر إصراراً على استرداد كل شبر من أرضنا الحبيبة، ونحن جميعاً فداء للوطن، وأعاده علينا جميعاً بالخير”.

الشهداء قبس من نور
في هذا اليوم نقف جميعاً في محراب عظمة الشهداء نقلّب الذكريات والصفحات لنقتبس من نورهم الساطع الذي أضاء سماء الوطن.. ذلك النور الذي جدد عزائمنا وغرس فينا حب التضحية والفداء أنتم الأكرم والأنبل، وقد خاطب المقاتل مهدي كاسر علي رفاقه الشهداء الذين قضوا في سبيل تحرير الوطن ورفعة الأمة وأن يبقى علمنا مرفوعاً ببعض الكلمات الوجدانية قائلاً:
“غادرتنا كالشمس لم تغب
مازال ذكرك أغلى من الشهد
غادرتنا مسافراً على عجل
يرد لنا الدمع بالآه والتوق
توابيت المرّ محملّة
بالموت فالله كيف الموت يلتهب
وطننا العظيم تصدعت منابته
فعلينا بالعمل الجاد الدؤوب”
ثم وجه تهنئة للقائد الرئيس باسمه واسم رفاقه معاهدينه على الاستمرار في النضال
حتى آخر نقطة دم في عروقنا.

أما المقاتل محمد خليل فقال:
“الجيش يعني الوطن.. والوطن يعني كل شيء، عيد الجيش مناسبة جميلة حتى نتذكر الإنسان الجندي الواقف على خط النار الأول، وكل جندي في أي موقع، خدمة العلم أسمى عمل يقوم به الإنسان سواء كان عسكرياً أم موظفاً أو طالباً”.
ويختلف إحساس المقاتل علي خليل بهذا العيد عن باقي رفاقه لأنه التحق بالجيش تلبية لنداء الواجب كخدمة احتياطية فتحدث:
“يشرفنا أننا نقاتل من أجل بلدنا سورية الذي يمتد آلاف السنين في التاريخ والحضارة، وسنبقى نحن أبناء هذا البلد نشكل سياجه وحماته من أي شيء يمكن أن ينال منه أو يمس ذرة من ترابه”.
ويضيف المقاتل أحمد إسماعيل من القوات الرديفة للجيش العربي السوري:
“نعاهد أهالي الشهداء أن نكون أمينين لدماء رفاقنا ونهنئهم على نيلهم الشهادة التي كتبت أسماؤهم على رايات المجد، ونعدهم أننا لن نستكين حتى نثأر لرفاقنا وتعيد البسمة لوجوه أطفالنا الذين يتمتهم الحرب وسلبتهم براءتهم وفرحتهم”.
ويهنئ المقاتل أحمد ياسين رفاقه بالعيد قائلاً:
“كل عام وقائدنا ووطننا بألف خير، ونعاهد الله والوطن أن نبقى الجند الأوفياء حتى تطهير آخر شبر من أرض سورية الحبيبة، التي ستكون مقبرة لكل من يحاول المساس بأمنها وكرامتها وسيادتها وكل عام وجميع أفراد جيشنا وشعبنا بألف خير”.
وتمنى المقاتل يامن بربور من الله أن يعيد العيد على الجيش وسورية بكل الخير وإن شاء الله السنة القادمة ، نحتفل بهذه المناسبة ونحن أكثر أماناً واستقراراً.
ويعتز المقاتل أحمد حسن شحود بهذا اليوم مؤكداً أنه: “يوم عظيم جداً ، وهو إحساس جميل وعظيم أن يحتفي الوطن ويكرمنا، ونحن المكرمين دوماً أننا أبناء سورية هذا البلد العظيم. أعاده الله على سورية وجيشها وشعبها بكل الخير والأمان.
وبوجه بشوش تحدث المقاتل أبو عبد الله قائلاً: “نهنئ الرئيس والجيش كله والشعب السوري بهذه الانتصارات، والرحمة لأرواح الشهداء.. والحمد لله نحن سعداء بما ننجز من أعمال وتقدمنا من نصر إلى نصر، وإن شاء الله سنحتفل العام القادم في كل سورية.

سورية لا تنسى أبناءها
ويرى المقاتل غسان القُمش أن “عيد الجيش انتصار لسورية التي لا تنسى أبناءها وتحتفي بهم رغم جراحها، ندعو الله أن يديم لنا السيد الرئيس وقادتنا في كل المواقع والنصر حليفنا إن شاء الله”.
وبكثير من الثقة والتفاؤل قال المقاتل جمال أبو علي:
“العيد يأخذ قيمة أكبر عندما نكون على خط النار في الخطوط الأمامية للجبهة، ونعرف أن هناك من يحتفي بنا، ويعنيه أن يقول لنا “كل عام وأنتم بخير وأبناء تليقون بهذا الوطن” من قلب صادق وان شاء الله تعالى قريباً سيتحقق النصر”.
أبطالنا الميامين.. صباحكم سكينة وهدوء وأنتم تغزلون لنا الحياة وشاحاً من سلام وطمأنينة. فيا من تحتضنون الوطن في وجدانكم، أنتم الحقيقة التي تجلت بعظيم تضحياتكم، وكلنا ثقة بأن وطننا سـالماً مـنـعـماً ومـكرماً طالما أنتم سياجه المنيع.. صباح الابتسامة المشرقة من أرواحكم قبل عيونكم ترسم لنا أفق الحياة الأبهى، أجدد دعائي لكم أن تبقوا شمعة تضيء سماء بلادنا..
وأنتم رياحيننا الطاهرة نتوجه إليكم بهذه المناسبة التي نعيشها على وقع الانتصارات المتواصلة، نحتفي بكم بكلماتنا المكتوبة بفرح القلب وألق الذاكرة لأن أعناقنا مطوقة بياسمين طهارتكم نغزل منها وشاحاً جديداً للحياة، ننهض من أحزاننا وآلامنا نرسم لقلوبنا فضاءات تليق بنقاء بياضكم، ونفتح في الحياة نوافذ تطل على أمل رسمتموه بدمائكم.. أنتم ستبقون أنشودة الخلود، بدمائكم الزكية وأياديكم الفتية صُنعت الحضارة، وبمجدكم رفعتم لواء الأمة فكانت قوتكم أمام ضعف الأعداء وشجاعتكم أمام جبنهم.