ثقافة

إبداع واندماج في ورشة عمل فنية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

في جو من التفاعل والإبداع اجتمع عدد من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع أطفال سليمين ضمن ورشة عمل فنية استمرت ثلاثة أيام منحتهم مساحة حرة للتعبير عن مكنوناتهم وتطوير شخصياتهم، وحققت مستوى عال من الاندماج فيما بينهم، حيث يثبت الأطفال ذوي الاحتياجات في كل مرة أنهم جزء فعال من نسيج المجتمع لا يمكن الاستغناء عنه، وفي اليوم الثالث والأخير لورشة العمل التي أقامتها وزارة الثقافة- مديرية الفنون الجميلة أشار مدير المديرية الأستاذ عماد كسحوت إلى أن هذه الورشة كانت تقام في  معهد الفنون التطبيقية، ولكن بسبب الأجواء الحارة وبسبب التأجيل أقيمت للمرة الأولى في مكتبة الأسد الوطنية.

ورشة دمج
وبين كسحوت أن الورشة هي لدمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع الأصحاء، لدعمهم والتأكيد على أنهم جزء فعال من المجتمع وقادرون على العطاء، ولكي يشعر الأطفال السليمين أن الأطفال ذوي الاحتياجات متشابهون معهم وقادرون مثلهم على الإبداع، ونوه إلى أن الرسومات تدل على وجود إبداع هائل وخيال خصب لدى الأطفال، لأن الطفل عندما يفرغ طاقاته فهو بحاجة إلى ورقة بيضاء للتعبير عما يشعر ويفكر، وأكد على أننا نحن من نحتاج إلى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ونحتاج أن يكونوا فاعلين وليسوا عالة على المجتمع، مع العلم أن هناك أصحاء وجودهم عالة على كل من حولهم، لافتاً إلى أن الوزارة تدعم كل نشاط يهتم بالفن البصري لعلاقته بتحسين الذوق وبناء مجتمع صحيح يحب الجمال، يبني لا يهدم.

أكثر تفاعلاً
من جانبها أوضحت رنا حسين رئيس دائرة المعارض والمقتنيات في المديرية أن الفعالية عبارة عن ورشة رسم تعتمد على اللون كقاسم مشترك بين جميع الأطفال على اختلاف حالاتهم (حيث توجد حالات توحد، وشلل دماغي، ومتلازمة داون) ونوهت إلى أن إنتاج هذه الورشة سوف يقدم ضمن معرض يحدد في يوم لاحق حيث سيتم توزيع هدايا رمزية للأطفال، وأشارت إلى وجود مشاركين من جمعيات مختلفة كجمعية الرجاء، هذا بيتي، وعصافير الجنة، وهم  يشاركون معنا للسنة الثالثة على التوالي، مع العلم أن الإقبال يزداد عاماً بعد عام في هذا النشاط السنوي الثابت، لافتة إلى أن الورشة ليست ورشة لتعليم الرسم، بل الهدف الرئيسي منها الدمج بين الأطفال، وإيجاد قواسم مشتركة بينهم وخلق روح تعاون وتأسيس علاقات اجتماعية مع المحيط، وهي بإشراف فنانات خريجات من كلية الفنون الجميلة في مختلف الاختصاصات، وأضافت: التفاعل رائع ويمكنني القول أن الأطفال ذوي الاحتياجات هم أكثر تفاعلاً ولديهم عملاً جدياً وحساً عالياً بالمسؤولية تجاه ما يقومون به ويتقبلوا التلميحات فيما يخص اللون بطريقة رائعة.

مركز إشعاعي
من جهته أوضح الأستاذ صالح الصالح مدير عام مكتبة الأسد الوطنية أنه في بداية العام وضعنا خطة عامة ضمن خطة وزارة الثقافة، لتشكيل رؤية وبرنامج لهذا الصرح في هذه الظروف وجزء منها هو تقديم الأطفال بصورة لائقة، لاسيما ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لابد من رعايتهم وإعطائهم الأهمية، ومحاولة دمجهم مع المجتمع، مضيفاً أن المكتبة لديها برنامج يضم نقاطاً متعددة تشمل كافة الشرائح والطفولة أحدها، ونحن واجبنا أن نقدم ما نستطيعه، لأن المكتبة مركز إشعاعي هام ونحن نقوم بعمل متواصل ومستمر.

مساحة حرية
الورشة التي تشرف عليها عدد من خريجات كلية الفنون بالإضافة إلى مشرفات من الجمعيات المشاركة، يبلغ عدد الأطفال المشاركين  فيها حوالي 60 طفلاً دون أن يقيد الإشراف حرية الأطفال أو خيالهم، حيث أكدت المشرفة رنيم اللحام وهي طالبة ماجستير في كلية الفنون أن مهمتها تقتصر على التشجيع وإعطاء دفع وحماس واقتراح بعض الألوان، فالأفضل للطفل أن يترك على حريته وسجيته، مضيفة أنها لا تحب أن تفرق بين الطفل السليم وأطفال الاحتياجات الخاصة، فالطفل لوحة بياض ونقاء، لاسيما أننا نتعامل مع حالة فطرية، وهذا شيء هام في الرسم ويساعدهم على التعبير عن أنفسهم بعفوية وحرية أكثر. كذلك تقول  طالبة الماجستير والمشرفة لوسين ديمرجيان: مجرد مشاركتي في الإشراف هو إنجاز وقيمة مضافة لي ويكسبني تطوراً وخبرة، وأنا سعيدة بهذه الورشة والتعامل مع الأطفال الذي يتم ضمن جو من الألفة والمحبة، وكذلك رأت تالا الشحيد أنه على الرغم من وجود تجربة سابقة لها مع الأطفال، إلا أن تجربتها الأولى مع أطفال ذوي الاحتياجات أعطتها الكثير، فهم يملكون موهبة وخيال واسع، وهم بحاجة للدعم فقط. أما زبيدة حديد من مديرية الفنون فقد لفتت إلى أن كل طفل رسم لوحتين في إطار الدمج بين الأطفال ليكونوا فاعلين، فأطفال ذوي الاحتياجات هم شريحة كبيرة يجب أن نخلق لهم جواً اجتماعياً، فهم أطفال لطيفون للغاية.
لوردا فوزي