الصفحة الاولىصحيفة البعث

الثلاثي العدواني “واشنطن وباريس ولندن” يحبط جهود روسيا في مجلس الأمن لإطلاق آلية تحقيق مستقلة حول “الكيماوي” الجعفري: سنصد أي عدوان مهما كان مصدره.. ولن نسمح لأحد بتكرار سيناريو العراق أو ليبيا في سورية

 

أسقطت روسيا، وعبر استخدامها حق النقض “الفيتو” للدفاع عن القانون الدولي والأمن والسلام العالميين، مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي يدعو لتشكيل آلية خاصة للتحقيق في مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في سورية، وأحبط الثلاثي “واشنطن وباريس ولندن” جهود روسيا لإطلاق آلية مستقلة تعمل بطريقة احترافية، وتسهم في التوصل إلى خلاصات ذات مصداقية، فيما أكد الدكتور بشار الجعفري، مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة، أننا لن نسمح لأحد، كبيراً كان أم صغيراً، دائم العضوية أو غير دائم العضوية، أن يكرّر في سورية ما فعلوه في العراق وليبيا، وأن تهديد الغرب بالعدوان ومناوراته وتضليله وكذبه وإرهابه لن يحيّدنا، كدولة مؤسسة لهذه المنظمة الأممية، عن ممارسة واجبنا وحقنا، بموجب الميثاق وبموجب دستورنا الوطني، في الحفاظ على سيادة بلدنا ووحدة أراضينا، وفي صد أي عدوان مهما كان مصدره.
وأكد الجعفري، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، أن انتهاك نظام عدم انتشار السلاح الكيميائي اختصاص تفرّدت به الدول الغربية، لافتاً إلى أن وزارة الخارجية والمغتربين وجّهت دعوة رسمية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإرسال فريق من بعثة تقصي الحقائق لزيارة مدينة دوما والتحقيق في الادعاءات المتعلقة بحادثة الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية فيها، مشيراً إلى أن سورية تؤكّد حرصها على التعاون الكامل وتقديم كل أوجه المساعدة اللازمة لقيام بعثة تقصي الحقائق بعملها ولضمان سلامة أعضاء فريقها بما في ذلك تسهيل اجراء المقابلات وأخذ عينات وفقاً لوثيقة الشروط المرجعية.
وقال الجعفري: إن مقدمي مشروع القرار الأمريكي لا يسعون وراء إجلاء الحقيقة لأنها بكل بساطة ستدينهم مع وكلائهم الإرهابيين على الأرض، وهم يدفعون بمشاريع قرارات غير توافقية لا تهدف إلى توضيح الحقيقة وإنما لإنشاء آليات غير موضوعية تخرج بنتائج مسبقة تؤيد أجنداتهم واتهاماتهم السياسية، وأضاف: إن إعادة استنساخ تجربة ما كان يعرف بـ “آلية التحقيق المشتركة” لن يكون مقبولاً من قبل الدول التي تسعى فعلاً داخل هذا المجلس إلى الوصول لحقيقة من يستخدم المواد الكيميائية السامة ضد المدنيين السوريين.
وقال الجعفري: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أفشلوا ما كان يعرف بـ “آلية التحقيق المشتركة”، وهم من أسقطها نتيجة إصرارهم على تسييس عملها وممارستهم الضغط والابتزاز على قياداتها، فأصدروا تقارير مفبركة تتهم الحكومة السورية استناداً إلى شهادات مزوّرة وأدلة مفبركة، وأضاف: “إن ما نشهده اليوم في مجلس الأمن هو سيناريو مشابه لما حصل قبل عام تماماً عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بشن عدوان غاشم على قاعدة الشعيرات الجوية بناء على حجج واهية وذرائع مفبركة عن استخدام الجيش العربي السوري للسلاح الكيميائي في خان شيخون ثبت زيفها، مؤكداً أن النهج العدواني للولايات المتحدة الأمريكية وشركائها بقي قائماً عبر التاريخ على التضليل والكذب والهيمنة وعلى قانون القوة، وهذا النهج بطبيعته الوحشية لم ولن يحترم في يوم من الأيام قوة القانون، وهو لم ولن يقيم وزناً أو اعتباراً للشرعية الدولية.
وكانت روسيا استخدمت حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي لتشكيل آلية خاصة للتحقيق في مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في سورية، وعارضت بوليفيا مشروع القرار الأمريكي، في حين امتنعت الصين عن التصويت.
وقبيل التصويت على مشروع القرار الأمريكي أكد مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن موسكو سترفض مشروع القرار الأمريكي لأنه يتضمّن جميع أوجه القصور في آليات التحقيق المشتركة السابقة، وأشار إلى أن الولايات المتحدة حاولت تضليل المجتمع الدولي مجدداً، وقامت بخطوة أخرى نحو المواجهة، حيث وضعت مشروع قرار بشأن مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في سورية دون دعم كامل من أعضاء مجلس الأمن الدولي للمشروع.
ولفت نيبينزيا إلى أن إجراء تحقيق أولي في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية بدوما لا يتطلّب تشكيل آلية خاصة، مشدداً على أن الوثيقة الأمريكية لم تأخذ بعين الاعتبار مطالب الطرف الروسي حول التحقيق، وأكد أن المعطيات الأولية تدل بوضوح على أن الأسلحة الكيميائية لم تستخدم في دوما ولا أثر لذلك على الإطلاق، لافتاً إلى أن واشنطن تريد أصلاً عدم اتخاذ قرار في مجلس الأمن حول دوما لمواصلة نهجها، وأوضح أن الولايات المتحدة تعمل حالياً بالتوافق مع النموذج الذي التزمت به عام 2017 عندما اعتدت على سورية، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة كانت منذ البداية تسعى للحصول على ذريعة لتطبيق هذا النهج، وهو ما قدّمته لها ما تسمى “الخوذ البيضاء” المعروفة باستفزازاتها السابقة.
وأشار المندوب الروسي الى أن روسيا ستستخدم الفيتو ضد الوثيقة الأمريكية، بسبب غياب أي ضمان لاستقلال لجنة التحقيق، وشدد على أن موسكو تلجأ لممارسة هذا الحق للدفاع عن القانون الدولي والأمن والسلام العالميين.
وعقب التصويت على مشروع القرار الأمريكي أشار مندوب بوليفيا الدائم لدى الأمم المتحدة ساشا سيرجيو إلى أن بلاده صوّتت ضد هذا المشروع لأنه يخالف ميثاق مجلس الأمن الدولي، مبيناً أن أي آلية للتحقيق في استخدام المواد الكيميائية يجب أن تكون حيادية حتى تقوم بتحقيقات مستقلة وموضوعية وعلى الجميع ضمان عدم تسييسها، وأعرب عن رفض بلاده لأي خطوات عسكرية أحادية الجانب ضد سورية لأنها ستكون غير قانونية إطلاقاً وتتنافى تماماً مع ميثاق الأمم المتحدة، ومن شأنها انتهاك سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها والتأثير سلباً في المسار السياسي وفي الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها برعاية الأمم المتحدة.
من جانبه أوضح مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة ما تشاو شيو أن بلاده امتنعت عن التصويت على مشروع القرار الأمريكي لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار تحسين أساليب عمل آلية التحقيق السابقة، مبيناً أن بلاده “تدعم القيام بتحقيقات مستقلة وموضوعية في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية.. لكن قبل ذلك لا يمكن التوصل إلى استنتاجات سابقة لأوانها”، ولفت إلى أن الصين أيدت البنود المدرجة في مشروع القرار الروسي لأن الآلية الجديدة المقترحة من قبل روسيا كانت ستعمل بطريقة احترافية وستسهم في التوصل إلى خلاصات ذات مصداقية.
وأشار المندوب الصيني إلى أن بلاده دعت مرارا إلى احترام سيادة واستقلالية ووحدة الأراضي السورية والسعي للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في سورية بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2254.
ولاحقاً عطلّت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا و4 دول أخرى مشروع قرار روسي في مجلس الأمن يقضي بفتح تحقيق جديد حول مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في سورية، فيما صوّتت 6 دول، بينها الصين، لصالح القرار، وامتنعت دولتان عن التصويت.
وفي تطرّقه إلى مشروع القرار الروسي حول التحقيق في الكيميائي، أشار نيبينزيا إلى أن هذه الوثيقة تنصّ على تشكيل آلية مستقلة حقاً ستضمن محاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية.
كما لم يتبن مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الروسي الثاني، الذي نصّ على توجيه بعثة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سورية لإجراء تحقيق في الهجوم المزعوم بدوما، وصوّت 5 دول، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ضد الوثيقة الروسية، التي وصفها نيبينزيا سابقاً بأنها مشروع غير سياسي يهدف فقط إلى دعم عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وتعليقاً على هذا التصويت الثالث، أكد نيبينزيا أن الجانب الأمريكي وحلفاءه لا يريدون أي تحقيق حقيقي، مضيفاً: “إحباط مشروع القرار الروسي يدل على أشياء كثيرة تثير قلقنا البالغ”، واتهم الولايات المتحدة، بما في ذلك وفدها في مجلس الأمن، بـ”إجادة توجيه التهديدات” للدول الأخرى، معتبراً أن التصرفات الأمريكية “تضع العالم على وشك أحداث محزنة ومأساوية”.
وجدد المندوب الروسي دعوته للولايات المتحدة للتخلي عن مخططاتها الحالية حول سورية، كما أعرب عن استغرابه من معارضة عدد من الدول لهذه الوثيقة، لافتاً إلى أنها تضم نفس المبادئ التي شملها مشروع قرار تقدّمت به السويد، وحظي بدعم أعضاء المجلس خلال مناقشته.