الصفحة الاولىصحيفة البعث

بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي ميركل: انتهى زمن الحماية الأمريكية

يبدو أن انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وعدم احترام رغبة شركائه الأوروبيين في المحافظة عليه، قد كشف مع مجموعة من القرارات التي اتخذها منذ وصوله إلى الكرسي البيضاوي، عن موقف متململ بقيادة ألمانيا يرفض الإملاء الأمريكي بحجة الحماية، ويدعو إلى انتهاج موقف آخر يحقق ما تريده وتصبو إليه دول القارة العجوز، حيث قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: “انتهى الزمن الذي كانت الولايات المتحدة تحمينا فيه بكل سهولة، ويجب على أوروبا أن تأخذ مصيرها بيدها”، وفي موقف أول من نوعه إفريقياً أكد الاتحاد الإفريقي عبر رئيسه تأييده للاتفاق ورفضه القرار الأمريكي، فيما جددت موسكو موقفها الرافض لأي تعديل على الاتفاق النووي، في وقت شددت القوى والشخصيات الإيرانية على أن تكون نهايات المشاورات مع الأوروبيين تأمين الضمانات الدولية التي تكفل العمل بعيداً عن العقوبات الأمريكية التي أعاد ترامب فرضها، وإلا فإنه يجب الخروج من الاتفاق النووي فوراً.

وأكد نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني العميد حسين سلامي أن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي هو محاولة لممارسة الضغوط على الشعب الإيراني، موضحاً أن أوروبا لا يمكنها الخروج من التبعية السياسية لأمريكا مستبعداً في الوقت نفسه إمكانية نجاح الدبلوماسية في الحفاظ على الاتفاق النووي.

بدوره قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني مجتبى ذو النور في تصريح صحفي: إنه على أوروبا تقديم ضمانات عملية إذا أرادت بقاء الاتفاق النووي، وإلا فهي تحاول كسب الوقت لتقاسم الأدوار مع أمريكا، وتمهيد الأرضية للتفاوض حول قدرات إيران الصاروخية ودورها بالمنطقة.

ولفت إلى أن إيران ستعلق العمل بالبروتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي، وأي تعاون طوعي في المجال النووي في حال حاولت واشنطن فرض الحظر على أوروبا والدول الأخرى لتخرج بدورها من الاتفاق النووي.

من جهته أشار نائب رئيس منظمة تعبئة المستضعفين في إيران العميد محمد حسين سبهر إلى أن ترامب انسحب منذ فترة طويلة من الاتفاق النووي ولم ينفذ التزاماته بالاتفاق، إلا أنه أعلن مؤخراً انسحابه بشكل رسمي، لافتاً إلى أن الأوروبيين سيحذون حذوه على ما يبدو.

وفي السياق ذاته أكد عضو البرلمان الإيراني سيامك مره صدق أن أمريكا ومنذ اليوم الأول من دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ لم تنفذ أغلب التزاماتها، ومن الناحية العملية لم يعد بالنفع الكثير على الشعب الإيراني.

ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي ادعاءات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول نشاط ودور إيران الإقليمي بأنها كاذبة وعدائية، وقال قاسمي في تصريح له: إن ترامب يتهم إيران بالإرهاب في الوقت الذي لم يعد خافياً على أحد دعم أميركا للإرهاب والمجموعات الإرهابية بالاعتماد على المصادر المالية لبعض الحلفاء الرجعيين وصولاً إلى تأمين مصالحها في الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن الساسة الأميركيين أنفسهم اعترفوا بدورهم في إيجاد تنظيمي القاعدة وداعش وغيرهما من المجموعات الإرهابية، وأضاف: إن ترامب يزعم كذباً أن الاتفاق النووي يسهم في سباق التسلح في المنطقة، في حين تعتبر بلاده من أكبر مصدري الأسلحة الفتاكة لبعض دول المنطقة والتي تسهم في عدم الاستقرار، وتشن العدوان على اليمن.

وأشار قاسمي إلى أن ترامب وبعد انقضاء عام على انتخابه رئيساً لأميركا مازال يعيش في حالته السابقة كتاجر، ولم يستطع تطبيع شخصيته مع الظروف الجديدة على أنه سياسي، كما أنه خفّض من مكانة وكرامة الشعب الأميركي في العالم، وأوجد تحديات مختلفة على الصعيد الدولي ليحرف الرأي العام الأميركي عن أزماته السياسية والأخلاقية التي تطارده.

بدوره بحث مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية عباس عراقجي مع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في طهران أحدث التطورات المتعلقة بالاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية.

من جانبه اعتبر قائد القوة البرية للجيش الإيراني العميد كيومرث حيدري أن عداء أميركا للجمهورية الإسلامية الإيرانية قائم منذ انتصار ثورتها وأن خروج أميركا من الاتفاق النووي هو تكتيك جديد، مؤكداً جهوزية القوة البرية للرد على أي تهديدات معادية، لافتاً إلى أن خروج أميركا من الاتفاق النووي ليس موضوعاً جديداً بدأ به العدو، فأميركا ومنذ اليوم الأول من انتصار الثورة الإسلامية أطلقت عداءها وأن ما تغير هو التكتيكات فقط، والتكتيك الآن هو الاتفاق النووي.

إلى ذلك قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل: إن أوروبا لم تعد قادرة على الاعتماد على الولايات المتحدة في مسألة الحماية، ودعت الدول الأوروبية إلى الشروع في تقرير مصيرها بنفسها، وأضافت: انتهى الزمن الذي كانت الولايات المتحدة تحمينا فيه بكل سهولة، ويجب على أوروبا أن تأخذ مصيرها بيدها، وفي ذلك تكمن مهمتنا في المستقبل.

إلى ذلك اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن انسحاب واشنطن من اتفاق إيران النووي يتناقض مع قرارات مجلس الأمن الدولي، داعياً إلى ضرورة دراسة عواقب هذه الخطوة.

وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الألماني هايكو ماس، أمس: نشعر بقلق بالغ إزاء قرار واشنطن الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة، وبذلك تكون واشنطن قد انتهكت قرار مجلس الأمن 2231، وأضاف: نشيد برد الفعل المتوازن للقيادة الإيرانية على هذا القرار، لأنه كان من الضروري تقييم كل عواقب هذه الخطوة من قبل واشنطن، والعجلة هنا ستكون غالباً غير مجدية، وعلينا وعلى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين وإيران إجراء مثل هذا التقييم، ونحن نعمل على ذلك بالفعل، وفي المستقبل القريب سنقوم بمقارنة آرائنا.

من جانبه، شدد وزير الخارجية الألماني على أهمية أن تواصل إيران التمسك بالتزاماتها ضمن الاتفاق النووي، لافتاً إلى أن موسكو وبرلين اتفقتا على أنه ينبغي الحفاظ على الاتفاق النووي مع طهران.

بدورها أعربت وزارة الخارجية السلوفاكية عن قلقها حيال قرار ترامب، مشيرة إلى أن سلوفاكيا تدعم هذا الاتفاق الذي جرى تأكيده بقرار من مجلس الأمن الدولي، وأوضحت الوزارة في بيان لها أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت عدة مرات التزام إيران بتعهداتها في إطار الاتفاق النووي، مشيرة إلى أن سلوفاكيا مقتنعة بأن هذا الاتفاق هو تأكيد على فعالية الدبلوماسية الدولية في حل القضايا الأمنية.

من جهته أكد رئيس اللجنة الأوروبية في البرلمان السلوفاكي لوبوش بلاها أن الولايات المتحدة أظهرت من جديد غطرستها التي لا نهاية لها، معتبراً الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي صفعة كالصفعات الأخرى التي تلقتها أوروبا من واشنطن، وأوضح بلاها في تعليق له نشره على صفحته على موقع فيسبوك أنه ليس لدى واشنطن أي قيم سوى القوة والغطرسة والكراهية، وعدم احترام الثقافات الأخرى والقانون الدولي، مشدداً على ضرورة أن تعي أوروبا أهمية الحفاظ على السلام في العالم.

وفي السياق ذاته دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه محمد جميع الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد إلى الالتزام بتعهداتها بموجبه والعمل على الحفاظ عليه، وذلك في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب منه، ولفت إلى التأكيدات المكررة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ملتزمة بتنفيذ جميع تعهداتها، وقال: إن  الاتفاق النووي الإيراني وثيقة حظيت بتأييد مجلس الأمن الدولي بالإجماع، وأوضح محمد أن قرار ترامب من شأنه تصعيد التوتر وزعزعة الأمن في المنطقة والمساس بالتعهدات الدولية، مشيراً إلى أن الاتحاد لن يألو جهداً في التعاون مع أعضاء المجتمع الدولي في دعم الاتفاق.

وكالات