اقتصادصحيفة البعث

على خطا بلورة المسؤولية الاجتماعية لقطاع المال والأعمال.. تخصيص صناديق للمشروعات المتناهية الصغر

لم يتبلور إلى الآن آلية التعاطي الحقيقي للقطاع الخاص مع المسؤولة الاجتماعية المترتبة عليه تجاه المجتمع، فرغم أن تقرير الحوكمة الصادر عن هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية، تضمن إشارة واضحة لزيادة اهتمام الشركات المساهمة العامة بمفاهيم المسؤولية الاجتماعية وتطبيقاتها بالتوازي مع تطور نظرياتها التي فرضت رؤية جديدة لموقع الشركة المساهمة في المجتمع وعلاقاتها المختلفة مع العديد من الأطراف أصحاب المصالح فيها، ورغم أن التقرير أيضاً أقر بوجود سياسات المسؤولية الاجتماعية لدى 27 شركة من الشركات التي شملها التقرير، إلا أن تطبيقات هذه السياسات خلال العام اقتصرت على عدد ضئيل من الشركات، مشيراً إلى أن ممارسات المسؤولية الاجتماعية خلال العام 2016 توزعت ما بين رعاية الأنشطة والأحداث الاجتماعية في 9 شركات، والتبرعات والمنح في 8 شركات، مقابل عام 2015 ما بين رعاية الأنشطة والأحداث الاجتماعية في 15 شركة، والتبرعات والمنح في 10 شركات، لافتاً في السياق ذاته إلى أنه يوجد ممارسات اجتماعية بيئية في 21 شركة تتمثل في استخدامات الطاقة البديلة وتحقيق شروط السلامة البيئية.

طي الكتمان

ما سبق هو توثيق شكل رسمي للشركات المساهمة العامة تحديداً، أما بالنسبة لباقي الشركات والفعاليات الاقتصادية الخاصة الأخرى، فليس هناك أي معطى أو رقم يعكس مدى مساهمتها في الجانب الاجتماعي، إذ إن أبرز ما يمكن الحديث عنه في هذا السياق هو ما يرشح من معلومات عن مساهمات لعدد من رجال الأعمال لإعانة بعض الأسر الفقيرة، والتي غالباً ما تكون في طي الكتمان نزولاً عند رغبة المُعِينين. ما يعني أن المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال – في إطارها العام – لا تزال مجرد حالات فردية غير منظمة، وبالتالي غير مبنية على أسس ومعايير تفضي بالنتيجة إلى أهداف تنموية حقيقية..!

مشاريع أفكار

ونسوق هنا مشاريع أفكار يمكن توظيفها ضمن سياق العمل على تنظيم المسؤولية الاجتماعية لقطاع أعمالنا، منها إحداث صناديق على مستوى اتحادات الغرف مخصصة لإقامة مشاريع إنتاجية متناهية الصغر موجهة لتوظيف المحتاجين، من خلال العمل على إنشاء قاعدة بيانات على مستوى كل منطقة يوجد فيها فروع لهذه الاتحادات ترصد عدد المحتاجين للعمل والمساعدات الإنسانية، على ألا يقتصر تقديم هذه المساعدات بشكل عيني ونقدي إلا في حالات خاصة جداً، وإنما تتم المساعدة في إطارها العام من خلال توسيع قاعدة المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، أي على مبدأ “أعلمه الصيد خير من إطعامه السمك”..! ومع إقرارنا وتقديرنا لبعض الفعاليات الاقتصادية الخاصة التي تتكفل بمساعدة العديد من الأسر المحتاجة، إلا أن على كل من القطاعين العام والخاص والجمعيات الأهلية وخاصة الخيرية منها، رصد ومتابعة باعة البسطات البسيطة والمتسولين، ليس لتقديم معونة مالية لهم، وإنما لتأهيلهم وإمدادهم برأس مال – ولو بالحدود الدنيا – يساعدهم على النهوض بعملهم المتواضع وتخصيص مكان مناسب يمارسون فيه نشاطهم التجاري المحدود، حتى لا يقعوا بين براثن ومكائد من يتربص بهم من المستغلين.

وبقي للحكومة دورها

ويبقى دور الجهات الحكومية لرسم خارطة تنموية ترسخ العناقيد الصناعية ولاسيما تلك المرتبطة ارتباطاً مباشراً بالإنتاج الزراعي، لتصب منتجاتها في نهاية المطاف ببوتقة مستلزمات إنتاج المصانع والشركات الإنتاجية الكبرى وتدخل ضمن مكونات إنتاجها النهائي، فبذلك يمكن رفد اقتصادنا الوطني بتوظيفات استثمارية صغيرة تنعكس بالضرورة على نظيرتها الكبيرة من جهة، ونستثمر خاماتنا المجتمعية بما يخدم التنمية الاقتصادية كلها من جهة ثانية.

حسن النابلسي