أخبارصحيفة البعث

نداء تونس: حكومة الشاهد عنوان أزمة سياسية

 

اعتبرت حركة “نداء تونس” في بيان لها الحكومة الحالية، والتي نتجت من اتفاق قرطاج كمرجعية سياسية جامعة، بأنها “تحوّلت إلى عنوان أزمة سياسية أفقدتها صفتها كحكومة وحدة وطنية”، وأكدت رفضها تلقي “أي دروس من أي كان في الحرص على المصلحة الوطنية واستقرار البلاد”، مشيرة إلى استعدادها الكامل لخوض الاستحقاقات السياسية المقبلة ورفضها المطلق أن تكون “أداة لضرب التوافق الاجتماعي والسياسي”.
وندد البيان بما وصفه الحملة المركزة التي “تستهدف دور رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي كراع للتوافقات السياسية والاجتماعية ومرجع للشرعية الشعبية الانتخابية والدستورية”.
وأعلنت “نداء تونس” عن إبقاء اجتماعاتها مفتوحة ودعت كتلتها البرلمانية إلى الاجتماع على نحو استثنائي.
يذكر أنّ السبسي قد اجتمع بالأطراف الموقّعة على اتّفاق قرطاج للمصادقة على وثيقة قرطاج 2 التي تتضمّن أولويات الإصلاحات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلى جانب إمكانية النظر في تركيبة الحكومة.
وكانت مؤسسات حركة النهضة الإخونجية عبّرت عن عدم ممانعتها من تغيير موقفها بشأن تمسّك الحركة بالشاهد، غير أن راشد الغنوشي فاجأ الأطراف التي اجتمعت بإشراف السبسي بتمسكه بالشاهد، مما أثار جدلاً حاداً في الأوساط السياسية.
وقالت مصادر من داخل الاجتماع: إن “الحزب لن يتردد خلال الأيام القليلة القادمة في حال استمرار ابتزاز النهضة في اتخاذ قرار يقضي بسحب وزرائه من الحكومة”، وأضافت: “لم نحسم بعد موقفنا من الانسحاب من الحكومة وتمّ إرجاء المسألة إلى اجتماع قادم لكن الموضوع مطروح والنداء الذي ينتصر لمفهوم الوحدة الوطنية لن يفاضل ابتزاز النهضة على حالة الإجماع والوحدة الوطنية”.
ووفق محمد الكيلاني رئيس الحزب الاشتراكي فإن “موقف الغنوشي يعكس المساومة والابتزاز السياسي وهو يسعى إلى فرض النهضة على جميع التونسيات والتونسيين”، وأضاف: “إن اجتماع النداء في ظل إمعان الغنوشي على اختراق حالة الإجماع يعد مهماً لأنه سيقود أولاً إلى فك التحالف وثانياً إلى سحب وزرائه من الحكومة الفاشلة”.
ويرى مراقبون أنه من المفارقة أن يطالب النداء برحيل الشاهد، وهو أحد أبرز قياديه، وأن تتمسك به النهضة، لافتين إلى أن “ذلك يؤكد أن النهضة تسعى إلى فرض قوتها الاستعراضية على الرغم من توجس التونسيين من مواقفها وأجنداتها ومشروعها.
وكانت الرئاسة التونسية قد علّقت العمل رسمياً بوثيقة “قرطاج 2” إلى موعد لاحق، بسبب الخلاف الحاصل على النقطة الرابعة والستين المتعلّقة بمصير حكومة يوسف الشاهد.
وفي أعقاب تعليق العمل بالوثيقة قال نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل: إن “الاتحاد لم يعد ملزماً بشيء”، ما يعني ضمنياً أن الاتحاد سيستمر في معارضته ولن يعترف بأي حكومة مرتقبة تتركز من خارج وثيقة قرطاج.
وفي تعليقه على هذه التطوّرات الدراماتيكية لم يتردد الكيلاني في تحميل المسؤولية للنداء، مشدداً على أنه ما كان للنهضة أن تشق عصا الطاعة أمام الإجماع الوطني لولا تحالفها معها وتهميش القوى السياسية والمدنية الديمقراطية الذي استفادت منه النهضة”، وشدد قائلاً: “الطبقة السياسية الديمقراطية على وعي بأن النهضة لم تغيّر لا من مرجعيتها العقائدية ولا من أجندتها الإخوانية”، مضيفاً: “إن مسألة فصلها العمل الدعوي عن النشاط السياسي هو مناورة”.
وتوقّع الكيلاني أن تأخذ الأزمة السياسية نسقاً تصاعدياً تقود إلى “نفق سياسي” في ظل إمكانية سحب النداء وزراءه من الحكومة مالم تحدث تطورات جديدة”.
ويرى مراقبون الأزمة السياسية تتجاوز تمسك النهضة بالشاهد لتلامس أهداف أخطر ملاحظين أن موقف الحركة يستبطن التمهيد لخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في 2019 من خلال فرض نفسها على المشهد السياسي.
ويستحضر المراقبون هنا استخدام الغنوشي لمفردات حربية خلال حملة الانتخابات البلدية حيث لوّح بأنه ما لم يتمّ قبول النهضة فإن البلاد مرشحة للدخول في حرب أهلية، كما وصف المنافسة مع النداء بالحرب الباردة، منتهجاً خطاباً مشحوناً بالعنف السياسي.
وتضاف الأزمة السياسية التي عمقها موقف النهضة إلى الأزمة الهيكلية إذ لا تتجاوز نسبة النمو في تونس 2 بالمئة وتصل عجز موازنة الدولة إلى 6 بالمئة مما رفع من نسبة الدين الخارجي إلى 69.9 بالمئة فيما بلغت نسبة التضخم 6.9 بالمئة وسط هشاشة اجتماعية تترجمها نسبة فقر تصل في الأرياف والقرى إلى أكثر من 50 بالمئة ونسبة بطالة عامة تبلغ 15 بالمئة وفق إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء.
وشدد زعيم الحزب الاشتراكي أنه في حال ما اتخذت الأزمة نسقاً تصاعدياً فإن الأمور ستنفلت في ظل تفكك مؤسسات الدولة ولا أحد بإمكانه حماية المسار الديمقراطي من النهضة التي يبقى مشروعها واحداً وإن كانت غيّرت الأساليب.