دراساتصحيفة البعث

انتفاضة الجماهير الأردنية.. وهلوسة المرعوبين والمتآمرين

 

تتواصل انتصارات الجيش العربي السيوري على مختلف الجبهات في حربه على الإرهابيين ومشغليهم وتطهير العديد من المناطق من رجسهم, وكان آخرها الإنجاز الاستراتيجي في الغوطتين وكنس فلول الإرهابيين الذين عاثوا فسادا وقتلا وتدميرا وشكلوا أخطر تهديد لدمشق العروبة كانت تعول عليه قوى العدوان الإمبريالية والصهيونية والرجعية, وقد هزم مشروعها الذي أدارته واشنطن ونفذته تنظيمات إرهابية متوحشة وبدعم لا محدود من عملائها في عمان والرياض ومشيخات الخليج وبإسناد من العدو الصهيوني.

لقد فرض الجيش العربي السوري انتصاراته في الميدان التي وجهت صفعة قاسية ليس لواشنطن وحدها بل لدول الغرب الاستعماري وفشل مشروعها القذر رغم ما أنفقته من مليارات الدولارات النفطية وتجهيز مئات الآلاف من المرتزقة من مختلف أرجاء العالم وشنها حربا كونية ضد سورية العربية واعتداءاتها على الأراضي السورية لتفتيتها وتشريد شعبها وإلحاق دويلاتها المصنعة على قياسها بالحلف الصهيو – امبريالي المعادي لحريات الشعوب واستقلالها وسيادتها.

وبعد الفشل الذريع لمخططات غرفة الموك في عمان في تقسيم سورية ومع اندحار عواصف الجنوب التي شنتها المجموعات الإرهابية المدعومة من العدو الصهيوني والمخابرات الأردنية والربيبة وسحق الآلاف من فلولهم وحصرهم في مناطق محاذية لحدود الأردن والجولان المحتل والانتصارات التي حققها جيش سورية الباسل، تصاعدت هيستريا ترامب الأرعن وأخذت المساعي الأميركية الجديدة للتنسيق مع الأردن والضغط بشأن تدخل قواته في الجنوب وتوريطه أكثر مما هو مورط فيه ودوره المشبوه في دعم الإرهاب وفتح حدوده للمرتزقة الذين تم تدريبهم في معسكرات الشمال بإشراف مباشر من ضباط أمريكيين وبريطانيين وأردنيين وتمرير السلاح بمختلف أشكاله للإرهابيين ومعالجة جرحى الإرهابيين في مستشفيات الرمثا وإربد ليخفف عن مشافي العدو الصهيوني في طبريا والجولان المحتل والتي أقيم كثير منها إلى جانب الحدود المحتلة، وجاءت ادعاءات وزير الإعلام الأردني محمد المومني بعدم التدخل في الشأن السوري وعدم إقحام الجيش الأردني في الحرب الإرهابية على سورية ليست إلا محاولة يائسة للتغطية على جرائم وأفعال أزلام واشنطن في عمان ومحاولة لتغطية الشمس بالغربال كما يقولون وقد دحض ذلك إعلان وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا بأنها ستعمل مع عمان وتركيا والعدو الصهيوني والعراق ولبنان لتأمين حدودها مع الإرهابيين ”

كيف تفسر تلك التصريحات وقد جاءت بعد الانتهاء من تدريبات الأسد المتأهب بين القوات الأردنية والأميريكية والتدريب المشترك الآخر على كيفية التعامل مع الأسلحة الكيماوية , وهل نحن بحاجة لمزيد من الفهم للمخطط الجديد وقد جاء بعد يوم واحد من زيارة وزير الخارجة الأميركي مايك بومبيو للأردن والتي تدفع لتوريط الأردن أكثر في دعم الإرهاب وتدخل جيشه مباشرة إلى جانب الإرهابيين في الحرب على سورية لترجمة تصريحات ترامب بعزمه على استبدال قواته المحتلة بجيوش عربية..

ومن المضحك ادعاءات وزير الإعلام الأردني محمد المومني بأن الأردن لا يتدخل في الشأن السوري زاعما أن بلاده لن تستجيب للضغوط الأميريكة بإقحام جيشها في جنوب سورية وقد بدأت التحضيرات لانطلاق عملية تحريره من رجس الإرهابيين وهو يعرف أن حكومته لا تستطيع التملص من أوامر السي أي ايه وتوجيهات البيت الأسود رغم ما ستجره من ويلات وكوارث على شعبنا في الأردن أم أن التخوف الذي دفعه لهذا التصريح كون كثير من ضباط الجيش الأردني وعسكرييه يرفضون الانغماس في مساندة الإهابيين إلى جانب قوات العدو الصهيوني ومواجهة أشقائهم بواسل الجيش العربي السوري الذي صنعوا معجزة التاريخ الحديث وانتصارهم في الحرب الكونية التي شنت على بلادهم.

إن انطلاق عشرات الألوف من جماهير شعبنا في الأردن في التظاهرات العارمة التي عمت مدينة عمان ومختلف المحافظات الأردنية رفضا لسياسات السلطة الفاسدة والمتآمرة ومطالباتها برحيل رموز التآمر التي رهنت البلاد والعباد لصندوق النقد الدولي وسلمت زمامها للامبرياليين والصهاينة وأفقرت البلاد والعباد وسرقت الوطن وحولته إلى مغرفة لتراكم أرصدتها في بنوك الخارج، وضاعفت الديون التي لم تجد وسيلة لسدها إلا بسن قوانين مجحفة برفع ضريبة الدخل على المواطن الذي لم يعد يمتلك القدرة على توفير الحد الأدنى لمعيشته وخاصة أن رواتب الموظفين في القطاع العام والخاص بالكاد تسد الرمق وتوفر سبل العيش، وهل هناك دولة في العالم ترفع ضريبة الدخل على مواطنيها أربعة مرات في غضون ثمانية سنوات في الوقت الذي يضيع فيه أكثر من مليار دينار على ضريبة الدولة من التهرب والتغاضي عن الرأسماليين وأصحاب الشركات الكبرى وكبار التجار والموظفين من حكومة الملقي, وما كشف مؤخرا عن تهرب وزير المالية نفسه عمر ملحس من دفع ضريبة على أمواله قدرت حسب ما أفصحت عنه حسابات مديرية الدخل شمال عمان بمئتي ألف دينار كان نتيجته فصل عدد من المحظيين ونقل آخرين وإحالة البعض إلى لجنة تحقيق خاصة بقرار من الوزير نفسه المتهرب من دفع ما يستحق عليه من ضريبة لخزينة الدولة.

وهذا الفوران الشعبي المتفجر وبمشاركة كافة أطياف المجتمع الأردني لم يكن بشأن ضريبة دخل فقط، وإنما رفضا مطلقا لنهج سياسات حكومات سلمت لجامها للإدارات الأمريكية المتعاقبة، وخاصة في عهد الأرعن ترامب الذي طعمها بصقور متطرفة تجاهر بدعمها الكامل لإسرائيل ومشروع الفدرلة الصهيوني.

ورغم الوضع الاقتصادي المتردي ما زال أزلام واشنطن في عمان يغلقون معبر جابر مع الجارة الشقيقة ويدعمون عصابات النصرة وتفريخاتها المسيطرة على معبر نصيب الحدودي الذي قطع شريانا حيويا لأبناء شعبنا في الأردن وسد بابا اقتصاديا واجتماعيا وحياتيا وحرم مئات الطلبة الفقراء من تحصيلهم العلمي في الجامعات السورية التي لا تكلفهم رسومها ثمن وجبة في مطعم عادي في عمان فيما كلفة طالب هندسة مثلا في الجامعات الأردنية تتطلب 4500 دينار، أي ما يعادل ثلاثة ملايين ونصف مليون ليرة سورية تقريبا.

وفي الوقت الذي تعد فيه العدة لحسم معركة الجنوب وكنس الإرهابيين والقضاء عليهم سارعت الخارجية الأردنية لدعوة ممثلي روسيا والولايات المتحدة لاجتماع عاجل في عمان يأمل من خلاله المحافظة على الوضع كما هو عليه وما يلبي رغبات واشنطن أيضا ويتوافق تماما مع مشروع الفدرلة الصهيوني الذي لن يكون إلا أضغاث أحلام ستتبخر بإرادة وتصميم وإيمان بواسل الجيش العربي السوري، وعندما تتدحرج كرة اللهب عبر الحدود ستقع الكارثة التي تمهد الطريق لمخطط مرسوم في أقبية المخابرات الأميركية والصهيونية وعملائهم من عربان السعودية والخليج لإقامة إمارة وهابية ووطن بديل للفلسطينيين. وما يبعث على السخرية والضحك تغريد وزير الإعلام الأردني محمد المومني الذي تربى في حضن الإخونجية معبرا عن حقده بأن الحملات الإعلامية الواسعة التحريضية ضد الحكومة الأردنية 49% منها من السوريين؛ أليس هذا منتهى الزيف والدجل والهروب إلى الأمام أمام رعبه وأمام أقرانه من هدير المنتفضين جعله يهلوس ويرغي ويزبد يا حرية هلي هلي – خلي عدو الشعب يولي – مطالبنا شرعية بدنا نعيش بحرية.. بعضا من هتافات الجماهير الغاضبة التي ستتحقق تطلعاتها مهما اشتدت عمليات القمع ضدها.

تيسير دبابنة

كاتب من الأردن