ثقافةصحيفة البعث

“عطر الشام” ودعم الإرهاب بجهات داخلية

 

الترميم ينسحب إلى الدراما أيضاً وهذا ما حدث في مسلسل عطر الشام بجزئه  الثالث بحضور الفنان رشيد عساف زعيم الحارة وعدد من الممثلين في الحلقات التسع الأولى التي كانت ضمن الجزء الثاني ولم تعرض، وحملت نهايات الأحداث السابقة بضمها إلى الجزء الثالث مما حافظ على الزخم القوي لمسار العمل الدرامي، وعلى المتابعة الكبيرة له في الموسم الحالي في ظل قلة أعمال البيئة ذات التأثير على المشاهدين، بوقع خاص يثير مشاعر الحنين إلى الماضي، لتبدأ الأحداث الفعلية بخبر استشهاد الزعيم (أبو عامر) رشيد عساف الحامل الأساسي للعمل، فيتابع كاتب السيناريو مروان قاووق بناء أحداثه الجديدة على إسقاطات قوية تتعلق بفنية مباشرة بالحرب الإرهابية التي حدثت على أرض سورية وطالت كل شيء، مظهراً إملاءات القوى الخارجية وتعاملها مع الجهات الداخلية بدعم الإرهاب وخيانة الوطن من خلال استغلال الخائن (أبو الرجا) قاسم ملحو الذي جسد أبعاد الشخصية السلبية ببراعة والذي يعمل على جمع لفيف من الرجال الخونة المرتزقة ليستخدمهم بالهجوم على حارات الشام، وسرقة المنازل والقتل، ودعم الإرهاب برمزية تعامله المباشر مع الفرنسيين وفي الوقت ذاته بتحقيق مآربه بجمع المال وخطف النساء، وكذلك بامتداد شخصية مظهر بيك –الفنان وائل رمضان- بعد كشفه من قبل رجال الحارة وتحويله إلى المحاكمة، وتجنيد حامد –يحيى بيازيد -مع الفرنسيين، وإيضاح إحدى مظاهر الإرهاب ظاهرة خطف الشباب مقابل الفدية لإعادتهم إلى أهلهم.

وقد تمكّن المخرج محمد زهير رجب من شدّ المشاهد بالإسقاطات والترميز والإيحاءات لمن يخون أهله ووطنه ويتعامل مع الغرباء بالاعتماد على البطولة الجماعية لشباب الحارة مركزاً على شخصية صياح –يزن خليل- ودوره في العمل مع الثوار ضد الفرنسيين وحماية الحارة وإدارة مصالح شهيرة خانم- سلمى المصري- سيدة الحارة وأخت الزعيم أبو عامر، وفي الوقت ذاته على تفاقم روح الانتقام من دعاس –علاء قاسم – الذي هجم على حارة القصب، لكن التأثير الأكبر كان من خلال الانعطافات القوية السلبية والإيجابية للشخصيات الرئيسة بالعمل لإيجاد خطوط درامية تنم عن أحداث جديدة مثل دور شهيرة بتمويل الثوار وحثّهم على متابعة النضال والثأر لأخيها من الفرنسيين، ويبدو الانعطاف السلبي بشخصية (أم مظهر بيك) الفنانة نادين خوري التي تريد أن تنقذ ابنها الذي حرّض على قتل رجال الحارة من حبل المشنقة، فتتعامل مع الكومندان الذي جسد دوره –علي صطوف- بإخباره عن تحركات رجال الحارة وعن كل ما يحدث من خلال تواصلها مع نساء الحارة ومن خلال استدراج ابنتها فهمية خطيبة صبري الذي ينقل لها دون قصد أخبار الثوار بدافع الحبّ، هذا الانعطاف وجد طريقه إليها بسهولة لاسيما أنها تحقد على الحارة اعتقاداً منها بأن رجال الحارة ظلموا زوجها المذنب وكانت السبب المباشر بتحريض ابنها على القتل والانتقام، وفي المنحى ذاته وظّف المخرج هذا الانعطاف لطرح جزء من مقولة العمل فهل من الممكن أن يتم التسامح مع من عمل على المشاركة بسفك الدم؟ وقد حافظ العمل على متابعته بروحه الجديدة القائمة على البطولة الجماعية الشبابية بعيداً عن شخصية البطل المتمركزة بزعيم الحارة فهل سيكون الجزء الثالث من عطر الشام مدخلاً جديداً لأعمال البيئة.

ملده شويكاني