تحقيقاتصحيفة البعث

بشهادة مزارعين ومعنيين.. تعويضات صندوق التخفيف من الكوارث الطبيعية ضعيفة ولا تتماشى مع ارتفاع مستلزمات الإنتاج!!

 

لم تفلح الاجتماعات ولا الأسعار التأشيرية التي توضع من قبل المعنيين قبل بدء تسويق المنتج الزراعي، كما لم تنجع التوصيات بدعم المزارع خلال الموسم، ويبقى دور مؤسسات التدخل الإيجابي “خجولاً” أمام صمود المزارع، ليأتي دور صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية “ضعيفاً”، فهو لا يعوض إلا من الجمل أذنه،/ حسب تعبير المزارعين والقائمين على العملية الزراعية/، ونسب تعويضه ضعيفة جداً لا تتناسب مع الضرر الحاصل، ومع ارتفاع تكاليف المستلزمات الزراعية، فمتى أحدث فرع الصندوق في طرطوس؟ وما الآلية التي يعمل بها؟ وبالمقابل ماذا يقترح المزارعون والمعنيون لتفعيل عمل الصندوق بشكل يدعم عملية الإنتاج الزراعي؟.

لا يؤمن الحماية!

جميع المزارعين الذين التقينا بهم أكدوا على أن الصندوق لا يعوض الجزء اليسير من تكاليف وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، والكثير من المزارعين تضرروا بمليون ليرة، ليعوض لهم الصندوق مئة ألف، ماذا تفعل؟!.. علاوة على البطء في التعويض مقارنة مع السرعة في إنجاز ملف حصر الأضرار؟!.

ومن جهته اعتبر لبيب قبرصلي، عضو المكتب التنفيذي المختص، أن الصندوق هام جداً لمواجهة حالات الكوارث الطبيعية، وحالات الجفاف، لكن ووفقاً لقبرصلي، فإن عمل الصندوق ضعيف، ونسبة تعويضه ضعيفة جداً لا تتناسب مع الضرر الحاصل، ومع التكاليف التي يقدمها المزارع لأرضه، ولا تستطيع أن تؤمن له الحماية من الجفاف والكوارث الطبيعية، وأكد قبرصلي على ضرورة أن يعوض المزارع تعويضاً عادلاً يرفع عنه الظلم الذي ناله من الطبيعة، ولإنصاف الفلاح ودعمه اقترح إنشاء صندوق التأمين على الحاصلات الزراعية يتكفل بالتعويض عن كامل الأضرار التي تلحق بالمزارعين.

 

التعويض على محاصيل محددة!

وبدوره أكد عزت أحمد، رئيس الرابطة الفلاحية في الدريكيش، على استمرار التصاق الفلاح بأرضه داعماً للإنتاج، معتبراً أن أنظمة وقوانين صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية لا تنسجم مع واقع الأضرار الناجمة عن العوامل الجوية من حيث القيمة، والتعويض للفلاح، والدليل على ذلك أن النظام الداخلي للصندوق يعوض على محاصيل محددة، وبنسبة 10% من قيمة الأضرار فقط، وحتى هذا التاريخ، وفي هذا الواقع الاقتصادي الصعب، لم يكن الصندوق لمصلحة الفلاح، وعلى سبيل المثال فإن الأضرار التي حصلت في 11/5 من هذا العام كانت متنوعة من حيث انجراف التربة، وانهيار الطرقات الزراعية، ولم تلحظ، والمفروض صيانتها بشكل دائم، وهذا الأمر لا يتم!.

 

إجحاف بحق المزارع!

ولفت أحمد إلى أن نسبة التعويض في الصندوق لم ترتفع تماشياً مع ارتفاع قيمة المستلزمات الزراعية، فمثلاً كان سعر كيس سماد اليوريا 500 ليرة قبل الأزمة، والآن 8750 ليرة، قياساً بجميع أنواع الأسمدة والمستلزمات من أدوية، ومبيدات زراعية، ومازال الصندوق يعطي 10%، وهذا إجحاف كبير بحق المزارع، مبيّناً أن الضرر على محصول التفاح إذا بلغ 40% لا يعوض المزارع، مضيفاً: رفعت الطلبات إلى المحافظة، والفلاح بانتظار التعويض، آملاً ألا يتأخر ليؤمن مستلزمات الإنتاج للموسم القادم، وطالب أحمد باسم الفلاحين برفع نسبة الضرر من 10% إلى 40-50%، على أن يدعم الصندوق كافة المحاصيل والأشجار المثمرة، والإسراع بدفع قيمة التعويض.

التعويض بشروط معينة

وبناء على أحكام المرسوم التشريعي رقم (114) لعام 2011، ولقرار وزير الزراعة والإصلاح الزراعي رقم /5316/ تاريخ 9/10/2011، أحدثت في وزارة الزراعة مديرية صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية في المحافظات وسهل الغاب، ومنها فرع الصندوق في طرطوس، حيث باشر عمله بشكل فعلي منذ مطلع عام 2012، وتابع المهام الموكلة إليه، حسب ما أفاد به المهندس تيسير بلال، مدير زراعة طرطوس، حيث بيّن أن الصندوق يقوم بالتعويض على المزارعين المتضررين عن الخسائر المادية، والأضرار التي تصيب إنتاجهم الزراعي بسبب الجفاف والكوارث الطبيعية، أو الأحوال المناخية، البيئية، الحيوية من صقيع، وبرد، وعواصف، وسيول، وفيضانات، كذلك موجات الحر الشديدة، والعواصف الغبارية، والآفات الحشرية، والجوائح المرضية على الزراعات، أو الثروة الحيوانية، إضافة للعواصف الترابية والرملية، والعواصف الثلجية، وانهيارات أرضية وانزلاقات التربة، وفق شروط ونسب معينة، وتنجم عنها خسائر تزيد عن 50% في الإنتاج الزراعي، وتجاوز المساحة المتضررة 5% من مساحة الوحدة الإدارية (القرية) بالنسبة للإنتاج النباتي، ويحسب التعويض من تكلفة الإنتاج فقط، ولا يشمل ذلك المناطق المعلنة أضراراً عامة.

أهداف ومهام

تمكين الفلاحين من الاستمرار بالإنتاج والعمل الزراعي في حال تعرّضهم لخسائر مادية كبيرة، نتيجة الظروف المناخية، والأحوال الجوية السيئة، من خلال التعويض عليهم بشكل يخفف عنهم الأعباء المادية، وبما يسهم في تحقيق الاستقرار للفلاح، هي أهداف الصندوق، لخصها لنا مدير الزراعة، وبيّن مهام دائرة صندوق الكوارث الطبيعية في زراعة طرطوس، وذلك بتقديم التعويضات المالية للمزارعين الذين تضرر إنتاجهم الزراعي بسبب الكوارث الطبيعية، وفقاً للقوانين والتعليمات النافذة، وتنفيذ خطط وبرامج عمل مديرية الصندوق المركزية بوزارة الزراعة، والسياسة العامة المقررة لتحقيق مهام الصندوق، وتحديد المزارعين المتضررين من آثار الكوارث الطبيعية على الإنتاج الزراعي، وحجم التعويضات المطلوبة، وفقاً للقانون والتعليمات النافذة، ومتابعة وتنسيق النشاطات المتعلقة بإدارة الكوارث الطبيعية الزراعية، بالتنسيق مع الجهات المعنية في المحافظة، ويعمل الصندوق أيضاً على متابعة وتنفيذ نشاطات الإنذار المبكر عن الجفاف، والتغير المناخي، والكوارث الطبيعية الزراعية الناتجة عنها في جميع مناطق الاستقرار الزراعي في المحافظة، واقتراح التدخلات المطلوبة من الجهات المعنية لمواجهة الكوارث الطبيعية الزراعية وفق المراحل المعتمدة في نظام الإنذار المبكر، وإعداد الخرائط والوثائق اللازمة لدراسة آثار الجفاف، والتغير المناخي، والكوارث الطبيعية الناتجة عنها، والتقارير والنشرات الدورية المطلوبة.

وتابع المهندس بلال: من مهام دائرة الصندوق المساهمة في تحديد المناطق المتأثرة بالكوارث الطبيعية الزراعية، وتحديد التدخلات المطلوبة بالتنسيق والتعاون مع اللجان الفرعية في المحافظة، وتقويم الأوضاع بعد الكوارث الطبيعية الزراعية، وجمع وتوثيق البيانات المتعلقة بها، والنشاطات والإجراءات المتخذة لمعالجة الأوضاع الناجمة عنها، والمساهمة في تعزيز قدرات المجتمعات المحلية على مواجهة آثار التغيرات المناخية، والكوارث الطبيعية الزراعية الناجمة عنها، وضمان مشاركة ممثّلي هذه المجتمعات في تنفيذ نشاطات الإدارة.

119 مليون ليرة.. التعويض

وحول الأعمال المنجزة خلال الموسم الزراعي الحالي لدائرة صندوق التخفيف من آثار الكوارث في زراعة طرطوس، أوضح المهندس بلال، بأنه تم إنجاز جميع الإحصائيات، وإعداد البيانات الخاصة بالأضرار والمتضررين، ومبالغهم، وبياناتهم، وقوائم اسمية بالمزارعين الذين تضرر إنتاجهم الزراعي من الكوارث الطبيعية التي حدثت لغاية تاريخه من موسم 2018، ومؤخراً في 1/7/2018 اجتمعت لجنة المحافظة الخاصة بالأضرار والمتضررين من الكوارث الطبيعية على الإنتاج الزراعي برئاسة المحافظ، وأقرت التعويضات المالية لـ 4251 مزارعاً متضرراً بمبلغ يصل إلى  119 مليون ليرة سورية تقريباً، على محاصيل  التبغ والتفاح والكرز والحمضيات، وبلغت المساحة المتضررة /1186/ هكتاراً، وقيمة الأضرار في تلك المساحات ما يقارب/ 2/ مليار ليرة سورية.

معالجة الشكاوى

وحسب مدير الزراعة فقد تمت معالجة جميع شكاوى المواطنين واستفساراتهم حول استحقاقاتهم من خلال المتابعة والتنسيق مع لجان المناطق، والقيام بأعمال الرصد والمتابعة لدرجات الحرارة العظمى والصغرى اليومية، ولكميات الهطول المطري، وتخازين السدود والموارد المائية، ومتابعتها مع المديريات والجهات ذات الشأن، ورصد الحالات العامة للمحاصيل، والإنتاج الزراعي، وللثروة الحيوانية في المحافظة، ومتابعة الهجرات السكانية من وإلى المحافظة، وإعداد التقارير الدورية نصف الشهرية الخاصة بذلك، كما يتم العمل والتطوير باستمرار والمتابعة مع الجهات والمديريات ذات الشأن لإعداد قاعدة بيانات على مستوى المحافظة ككل، والوحدات الإدارية “القرى” فيها، وعلى مستوى جميع المحاصيل والمنتجات الزراعية النباتية، والحيوانية، والمنشآت الزراعية: /مداجن، ومباقر، ومناحل/.

المتضرر الأول

وفي معركة الثبات والصمود لتحقيق الأمن الغذائي التي سجل فيها المزارع رقماً متقدماً،  نجد أنه المتضرر الأول، وفي الحالتين تنوبه الخسارة، فعندما يكون لديه موسم وفير، ولم تنل الظروف الجوية من محصوله، يصطدم بعقبات التسويق، وإن أثرت الظروف الجوية على محصوله لا يعوض له من الصندوق إلا الجزء اليسير من تعبه وكده طيلة عام كامل، ويبقى رفع نسبة التعويض بشكل عادل، على أن يشمل كافة المحاصيل والأشجار المثمرة، والإسراع بدفعه، مطلب المزارعين “الملح”، فهل سيؤخذ بالحسبان، ويجبر خاطر المزارع بعد أن كسرته الطبيعة؟!.

 

دارين حسن