اقتصادصحيفة البعث

الوزارات المقصّرة بحق المواطن..!

 

عوّدتنا وزارة التجارة الداخلية على نشر تقارير دورية تشيد فيها بضبط عشرات الآلاف من الضبوط التموينية سنوياً من دون أن تشير بكلمة واحدة عن تقديراتها لعدد المخالفات غير المضبوطة..!
وإذا أردنا وصف الواقع دون تجميل لقلنا: إن أرقام الضبوط الكبيرة ليست إنجازاً، وإنما فضيحة للجهات المعنية، وهو يؤكد تقصيرها في ضبط الأسواق والأسعار..!
صحيح أن وزارة التجارة الداخلية تتصدر الواجهة في العمل الرقابي، فهي بنظر المواطن المسؤول الوحيد عن حماية المستهلك، لكن الحقيقة أن هناك وزارات أخرى لا تقل مسؤولية عنها في ضبط الأسواق والأسعار، كوزارات المالية والصناعة والاقتصاد والصحة.. إلخ.
بل يمكننا الجزم أن وزارة المالية هي المسؤول الأبرز في عدم ضبط الأسواق والأسعار، فلو كانت هذه الوزارة جادة لألزمت التجار والمستوردين والصناعيين بتطبيق نظام الفوترة، ولأنجزت أتمتة الجمارك، فالفوترة والأتمتة وسيلتان فعاليتان، بل وحيدتان لضبط الأسواق والأسعار وحماية المستهلك..!
لاشك أن من صلب مهام وزارة التجارة الداخلية منع احتكار السلع الغذائية وانسيابها في الأسواق.. ولكن من يسمح أو يُسهل احتكار المواد والأسواق..؟
فعلياً من ينظّم ويمنح إجازات الاستيراد والاستثمار للمشاريع الصناعية هو المسؤول الرئيسي عن بروز قلة من رجال المال تشفط المليارات من احتكارها للسوق والأسعار..!
ومع أنه توجد بحدود 20 جهة رقابية ما بين رئيسية ومحلية.. فإن الاتهامات بالتقصير محصورة بأجهزة رقابة وزارة التجارة الداخلية فقط مع إهمال شبه مقصود لأجهزة الرقابة التابعة لوزارات أخرى.. فلماذا..؟!
وعندما نقرأ أن هذه الوزارة ضبطت آلاف المواد المخالفة للمواصفات القياسية السورية، أو أنها سحبت عشرات العينات من السلع للتأكد من مطابقتها للمواصفات.. فلماذا لا يشار إلى مسؤولية وزارة الصناعة في هذا المجال..؟
وزارة الصناعة مسؤولة عن التراخيص التي تمنحها للقطاع الخاص ومسؤولة عن مراقبة التصنيع فيها، وبما أنها تشرف على عدد من مراكز الاختبارات.. فلماذا تسمح بطرح أي منتج في الأسواق لا يحمل شارة الجودة السورية..؟
إن تجربة وزارة الصحة مميزة بتشددها ومنعها لطرح أي منتج دوائي قبل الحصول على موافقتها من خلال المراقبة المسبقة في معمل الدواء.. لماذا لا تفعل وزارة الصناعة مثلها وتمنع طرح أية سلعة قبل موافقتها أو منحها شارة الجودة..؟!
حتى وزارة التجارة الداخلية.. بدل أن تنشغل وتهدر وقتها في الأسواق وهي التي تعاني من قلة الكادر الرقابي.. لماذا لا تركز عملها على أسواق الهال؛ فهناك تتحدد الأسعار وانسياب السلع للأسواق..؟
بالمختصر المفيد: لا يمكن ضبط الأسواق والأسعار وسلامة السلع والمواد إلا بعد تطبيق الفوترة والأتمتة وإلزام المصنعين بوضع شارة الجودة على منتجاتهم.. وهذا يعني أن جميع الوزارات المعنية مقصّرة بحق المواطن..!

علي عبود