اقتصادصحيفة البعث

من تحرير الإرادة.. إلى تحريرٍ للطاقات…؟

 

في بلادنا كل شيء يتغير.. لكنَّ هذا التغير، والتغيير في أجزاء منه لم يكن محموداً، لا بل فيه حيز لا يستهان به من المذموم والمرفوض…
ما سبق، نعم أنه سطر مؤلف من بضع كلمات، لكنه استغرق ما يناهز الخمسة عقود من الزمن، حتى أصبح عقداً معقوداً، أقرب للطوق، الذي يحكم كل رأي أو قرار أو تحديد مصير..!
هو رأي قد يشاطرني به الكثير، كما قد يخالفني فيه القليل.. مع أن كلا الطرفين يتفقا ضمناً وظاهراً على أن التغير والتغيير.. يجب أن يكونا للأفضل، وخاصة حين يكون الوطن هو الهدف.
الآن الآن وليس غداًً، وفي الذكرى الأحبُّ والأغلى على قلبي.. وصورها المخزونة في تلافيف عقلي، الحية بنبض قلبي وشراييني، تحضرني تلك الذكرى، ذكرى حرب تشرين التحريرية.. كحُلم لا يزال ينمو معي منذ نحو ثمانية وأربعين عاماً… يوم صدحت فيروز..، معلنة ليس فقط تباشير النصر..، وإنما الأهم وهو بدء التغير والتغيير على كافة الأصعدة والمستويات والقطاعات المادية وغير المادية…
يوم كان العدو والميدان والأدوات معرَّفة بأل..، وكان الثمن والكلفة معرفين ومدروسين..، جاء التغيير مدروساً وممنهجاً ومخططاً، واضح الرؤى والأهداف، وأصبح ما بعد السادس من تشرين الأول، ليس كقبله، دولة وحكومة والأهم شعباً واقتصاداً…
تحولات بنيوية وفكرية جوهرية، جعلت من سورية قلب وعقل العروبة النابض وأعادت لها مكانتها كقلب للعالم القديم والجديد…، وهذان “الأصغران” حجماً، كانا سبباً لاستهدافها وإخضاعها..، والدليل تلك المحاولات الدائبة، للنيل من كل مفردات تطورها وتقدمها ورُقيها منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي…
قيادة وشعباً..، دفعنا الغالي والرخيص- كما يقال – كي نؤسس ونعمل لسورية الحداثة والمستقبل، وفعلاً بدأنا واستطعنا وأنجزنا بالدم والعرق مراحل هامة..، وهكذا حتى حلت الأزمة النكبة التي نَعبرُ سنتها الثامنة اليوم…
فما الذي تغير..؟!، وكيف انقلب البعض على عقله وقلبه ونفسه.. وعلى أهله وأرضه ووطنه..!، الذي كان يشق درب آلامه بصبر وتصميم وعناد..نحو سوريتنا التي نطمح…!.
انقلاب خطير كاد يقوِّض أركان الدولة والمجتمع وحتى الوجود.. والأدهى أنه كان استجابة لأجندات خارجية..، لكن ما أشبه تلك العقول والقلوب التي قادت التحرير قبل خمسة وأربعين عاماً، بنظائرها اليوم التي أفشلت وبالسياسة والاقتصاد والفكر..، هذه الهجمة البربرية الرجعية…
هجمة شرسة..، لعل أول وأهم أسلحة مواجهتها ومجابهتها هو التحرر من تلك العقليات المدمرة للإنسان والبنيان..، ونكاد نجزم أن ما صنعناه من تحرير للإرادة في السادس من تشرين قبل خمسة وأربعين عاماً، لن يكتمل إن لم نرفده وندعمه بتحرير للطاقات البشرية والمادية السورية، وعلى أسس علمية واقتصادية..، حتى يكون التغيير والتحرير حضارياً لا رضائياً…
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com