الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

أورسولا.. الفنانة التي أحبت دمشق حتى الموت

 

 

نعت وزارة الثقافة الفنانة الألمانية أورسولا باهر التي عرفت بمناصرتها للشعب السوري ووقوفها إلى جانب أبناء الجالية السورية في برلين خلال الوقفات الاحتجاجية، منددة معهم بما يتعرض له الشعب العربي السوري من حرب إرهابية ظالمة.
لم تكن أورسولا تعلم أن أمنيتها ستتحقق، وأن دمشق التي لطالما أحبتها وعشقتها ودافعت عنها ستكون آخر محطاتها، وأن جسدها سيعبق برائحة الياسمين الدمشقي عندما يلاقي موعده مع الموت، هي التي قالت في آخر تصريح لها “إذا وافتني المنية هنا، وصيتي أن أدفن في تراب سورية لأنها بلد الشهداء” فكان لها ما تمنت، إذ غيبها الموت في أكثر البلدان قرباً إلى قلبها واختار لها دمشق مكاناً للرحيل إلى السموات، وهي بالفعل تستحق أن يضمها التراب السوري الضمة الأخيرة، لأنها لطالما دافعت عنه في كل المجالس حتى في وطنها ألمانيا، وهي التي عرفت بمواقفها الجميلة مع أبناء الجالية السورية في برلين، ووقفت مع الشعب السوري ضد كل ما يتعرض له من آلام وتعديات.
وقد قضت التشكيلية أورسولا آخر لحظات حياتها في أرجاء دمشق، حيث احتضنت أروقة دار الأوبرا السورية معرضاً فنياً للراحلة تم افتتاحه قبل يوم واحد من وفاتها حاولت من خلاله نقل حقيقة ما يجري من عدوان على سورية عبر 46 عملاً فنياً أوصلت من خلاله رسائل للعالم أجمع ما عرفته من تشويه وتضليل للأحداث السورية، ولعل كرم القدير جعلها تتمكن قبل مفارقتها للحياة من مشاهدة لوحاتها معلقة في فضاء أهم أمكنة دمشق الذي حلمت أورسولا على الدوام بأن تعلق أعمالها فيه، تلك الأعمال التي لابد ستشعر من بعد رحيل سيدتها بـ”اليتم” لكن احتضان الدمشقيين لها سيطيب خاطرها وسيجعلها خالدة في القلوب وفاء لتلك الفنانة التي أحبت دمشق حتى الموت، فأي عشق كبير تحمله في داخلها حتى جاءت من موطنها الأصلي لكي تدفن مع من أحبت فهي التي قالت “أيها السوريون لقد قدمت إليكم لأنني أحبكم”.
أورسولا.. السكينة والرحمة والسلام لروحك، أيتها الفنانة التي كان الجمال رفيقاً لدربك وعمرك، ولذلك من البديهي أن رحيلك جاء “مشبعاً بالجمال”، فحتى في رحيلك حملت الكثير من المحبة إلى دمشق وإلى العالم كله، سيبقى ذكرك مخلداَ في قلوبنا.. وستروى حكايتك الجميلة لكل محب لسورية.
لوردا فوزي