صحيفة البعثمحليات

“في حال”؟!

مصطلح جديد استخدمه بحنكة عالية وزير المالية ليؤكد على أن تحسين الواقع المعيشي وزيادة الرواتب في مقدمة الأولويات التي ليس لها مكان في أجندة التجيير من عام إلى آخر، ولن تعدم الحكومة الوسيلة لتحقيق هذا الهدف الذي سيكون كما كان دائماً، وكما أكد عليه أمام مجلس الشعب بأنه الهاجس الأكبر للحكومة، وهو قيد المعالجة وقال: في حال زيادة الرواتب في العام القادم فإنها ستغطى من وفورات الموازنة..
وإذا أردنا ترجمة “في حال” مالياً فإنها تعني أن حياة الناس ستكون مستقرة بعد تحديد سعر الصرف في مشروع قانون موازنة عام 2019 بمبلغ وقدره 435 ليرة سورية للدولار الواحد، وهذا مؤشر على أن الأسعار ستحافظ على مستواها دون إلغاء فرضية تعرضها لموجات ارتفاع عالية نتيجة لتذبذبات نقدية عاصفة بالليرة، وبالتالي غياب عنصر المفاجأة السعرية التي عاني منها المواطن كثيراً خلال السنوات الماضية، وهذا منحى إيجابي وقراءة مالية يستطيع المواطن التخطيط والبناء عليها.
أما تفسير عبارة “في حال” معيشياً فهي تعني انزياح حقيقي في سياسة العصا والجزرة وحشد أمال جديدة على جبهة تحسين الحياة المعيشية، خاصة مع التعزيزات الموعودة لإيلاء عائلات الشهداء والجرحى اهتماماً خاصاً وتأمين فرص العمل وإيصال الدعم لمستحقيه ومكافحة التهرّب الضريبي وإيجاد نظام ضريبي عادل، وبصيغة أصح وأكثر وضوحاً تتلاشى مخاوف الناس من الأعباء والضغوط المالية وترتاح الجيوب المنهكة من اللهاث وراء بضعة أوراق نقدية في نهاية كل شهر ليس لها أي قيمة معيشية أو شرائية، وهذا مايدعم المنظومة الاقتصادية للناس عبر مجموعة إجراءات داعمة أشبه بحالة من العصف الفكري والجيبي غير مسقوفة ببرامج عمل حكومية مطاطية.
وبالنسبة لمعنى “في حال ” في اعتمادات مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019 وتحديداً فيما يخص الزيادات الحاصلة في بند الرواتب والأجور والمخصصة لتغطية فرص العمل والزيادات الناجمة عن التعويضات فهي تعني عودة أكيدة إلى المربع المعيشي الأول وهي عودة محمودة كونها تحافظ على معدل الثبات المعيشي ودليل على عدم التراجع وتمنح الناس فرصة استرجاع شريط التصريحات الطويل بكل حصاده الرقمي المناور في حقول الأمل والصمود الشعبي الباحث عن حقيقة الاختلاف في السياسة المالية عن سابقاتها رغم اختلاف الظروف، فاعتمادات مشروع الموازنة المحددة بمبلغ إجمالي قدره 3882 مليار ليرة تضع بنودها المعيشية في معادلة احتمالية أو افتراضية ليس لها اعتماد حقيقي وهذا ضروري ومهم في الظروف الاستثنائية.
وما يدعو للتفاؤل أكثر أن مارسمه الحديث الوزاري المالي من معالم معيشية ليس غارقاً بالشمولية والعمومية على الإطلاق بل كان خلاقاً ومولداً للمتواليات الحسابية، وإن كان بعضها مستحيل الحل وصعب النفاذ إلى ساحة الواقع، إلا أنه يثير المخيلة وينشط الادرنالين لدى العاطلين عن العمل، فالحلول الموضوعة لمشكلة البطالة مبشرة من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وعبر منح القروض وتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة للقطاع الخاص وما يحقّقه مشروع موازنة عام 2019 هو 69747 فرصة عمل جديدة منها 42280 فرصة عمل بالقطاع الإداري و 27467 فرصة عمل بالاقتصادي.. يهيئ لحالة تسحب البساط من تحت المتشائمين والمراهنين على فشل الوزارات في امتحان تحسين الواقع المعيشي وهذا هو النجاح المطلوب ولكن “في حال” نجاته من التنظير والخطط والموازنات الورقية و”غداً لناظره لقريب”؟!.
بشير فرزان