صحيفة البعثمحليات

500 حصة درسية لم تشفع و32 ألف معلم قد يتقاعدون بالحسرة معضلـــة الوكــلاء تــؤرق العامليـــن.. و”التربيـــة” تــدرس إغـــلاق الملـــف بجــديـــة التثبيــــت

 

لم تعد معضلة تثبيت الوكلاء خافية على أحد، فهي مشكلة تؤرق المعلمين والحكومة، ممثلة بوزارة التربية التي تبحث عن مخرج يضمن حق آلاف الوكلاء الموزعين على المدارس، وأغلبهم زادت خدمته عن 500 حصة درسية، بل هناك من وصل إلى عمر التقاعد ومازال وكيلاً ينتظر بصيص أمل بعد أن توقفت التربية عن تثبيت الوكلاء نظراً للظروف الراهنة، ليكون عام 2011 وصدور المرسوم 62 القاضي بتثبيت العاملين المؤقتين والذي لم يشمل المعلمين الوكلاء، إضافة إلى أن أي قانون يصدر متعلق بالتثبيت يستثني الوكلاء؛ لأن قضيتهم تختلف عن موظفي الوزارات الأخرى، ولاسيما أن الوكيل يأتي مكان معلم مثبت في إجازة أو مفرغ لصالح جهة أخرى، لينتفي وجود الشاغر والملاك حسب القانون الأساسي للعاملين، وهنا تستمر معاناة آلاف الوكلاء مع القوانين والأنظمة التي عاندتهم وهددت مستقبلهم الوظيفي بعد رؤية زملائهم مغادرين السلك التدريسي وبجعبتهم سنوات من الخدمة وتخريج أجيال إلا أنهم خرجوا بخفي حنين وذهبت خدمتهم سدى دون مقابل، ليحمل متابعون للشأن التربوي وزارة التربية مسؤولية الوكلاء وخاصة مع الاجتهادات والطرق المتبعة في ترقيع المشكلة لا حلها، ليبقى صوت الوكلاء يصدح في كل محفل وخاصة عبر الإعلام يطالبون بحقهم من خلال إيصال صوتهم إلى مجلس الشعب واللقاءات المتكررة مع المعنيين وخاصة في وزارة التربية، ليختصر لقاء “يوم الخميس” في وزارة التربية قضية هؤلاء عندما ضجت واكتظت أروقة الوزارة بمئات الوكلاء والمكلفين، آملين لقاء وزير التربية عماد العزب الذي كلف معاونيه والمديرين المعنيين بلقائهم والاستماع لمطالبهم التي نقلوها للمعنيين بصوت مقهور ودموع “الحسرة” على العمر الضائع دون تثبيت وضمان مستقبل مجهول، حيث تحدثت مدرسة وكيلة عن 32 ألف وكيل ووكيلة جمعتهم مطالبهم عبر عريضة موجهة إلى وزير التربية، وتلخص المدرسة المذكورة أوجاع هؤلاء المدرسين بقراءة العريضة، مطالبة بإنصاف الوكلاء وإيجاد الحلول الناجعة وضمان سنوات خدمتهم بالشكل الذي تراه “التربية” مناسباً ولاسيما أنهم يأملون من الوزارة تقدير وضعهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

جدية تربوية ولكن !
ومع استماع معاوني الوزير والمديرين للوكلاء والمكلفين أكد معاون وزير التربية عبد الحكيم الحماد حرص الوزارة على مستقبل الوكلاء والمكلفين؛ وذلك من خلال تكليف مديريات التربية في المحافظات بحصر أعداد المعلمين الوكلاء في كل محافظة والشواغر والاعتمادات المتوفرة لديهم، لتقوم بدراسة إمكانية تعيينهم أو تعيين عدد منهم ضمن الشواغر والاعتمادات المتوفرة، لافتاً إلى موضوع تثبيت الوكلاء لا ينحصر في وزارة التربية، بل هناك جهات وصائية ورقابية لديها قوانين ناظمة، فلابد من دراسة إمكانية تعديل التشريعات والقوانين لكي تتمكن التربية من تثبيت الوكلاء، وخاصة أن الوزارة بصدد هذه الدراسة بشكل جدي من خلال إعداد مشاريع قوانيين معدلة تكفل إجراء التثبيت بما يتوافق مع ضمان الحقوق لجميع الجهات.
ولم يخفِ الحماد نية الوزارة باستمرار إجراء المسابقات حسب الشواغر والاختصاصات المطلوبة مما يضمن فرصة تقديم المكلفين من خريجي الجامعات إلى المسابقة، ولاسيما أن أفضلية النجاح بنسبة كبيرة لهم، مع الخبرة الكافية والطويلة في العمل التربوي.

حقوق مهدورة
ومع العودة لأوجاع ومعاناة الوكلاء والمكلفين الذين تفاءلوا بنقل همهم عبر الإعلام، حيث إن مشكلة التثبيت لم تك وحدها وخاصة مع حرمانهم من أبسط حقوق العاملين بالنسبة للمدرسات من إجازة أمومة ولا ساعات إرضاع أو حتى إجازات مرضية، حيث اعتبرت إحدى المدرسات وبحرقة أنهن تعبن وهلكن، ولايوجد تقدير للتعب أوالسن، ويمكن أن يتم نقل أية مُدرسة ولو خدمت في مدرستها 10 سنوات متتالية إلى مدرسة أخرى، لشغل مكان معلمة أصيلة بإجازة مهما كان سببها، أو إنهاء خدمتها في حال عودة أي معلمة أصيلة من إجازتها.
وتتابع: «نحن منسيون في هذا القطاع رغم الجهد الذي بذلناه ونبذله، وللأسف التربية لا تنظر بحالنا»، وعلى حد تعبيرهن، فإن عدم وجودهن يعني عشرات آلاف الشواغر، كونه لا يوجد مدرسون خريجون جامعيون من كليات التربية، بعدد كافٍ يسد الحاجة، لتسأل “مين بدو يحمي كبرتنا عند التقاعد؟”، أيعقل أن يتم الاستغناء عن خدماتنا بأية لحظة بعد 23 سنة من العمل، دون أي تقدير لما تم تقديمه في مجال بناء الأجيال؟ في الوقت الذي أكدت معاون الوزير مها كنعان على عدم النظر إلى الوراء؛ فالوزارة جادة وباهتمام كبير لحل مشكلة الوكلاء والمكلفين، معتبرة أن التربية لم تتجاهل أو تغفل عن وضعهم، لكن القوانين كانت تحكم الوزارة عند اتخاذ أي خطوة، ولفتت إلى أن الوزارة تعمل من خلال لجان مشكلة لدراسة جميع التشريعات والقوانين ليصار إلى تعديلها بما يضمن المصلحة العامة وخاصة حسن سير العملية التربوية.
ولم يغب عن اللقاء تساؤل الوكلاء والمكلفين واستغرابهم عن سبب النظرة الدونية مقارنة مع المعلمين والمدرسين الأصلاء الخريجين من الجامعات، وخاصة أنهم تم الاعتماد عليهم لسنوات طويلة، ومنهم لأكثر من 25 عاماً في عملية التدريس وتخريج عدد لا بأس من نفس هؤلاء الخريجين الذين صاروا زملاء في التدريس معهم؟ واعتبر البعض أن خبرة الوكلاء في بعض الأحيان تفوق الأصلاء نتيجة الخبرة العملية بالتعامل مع الطلاب وآلية تقديم المعلومة، ولم تقتصر همومهم عند مشكلة التثبيت وغياب الحقوق والنظرة الدونية، حتى الراتب الشهري يشكل مشكلة بحد ذاتها ولاسيما أن الوكيل لا يتجاوز راتبه 20 ألف ليرة فقط، وقد تتأخر الرواتب لأكثر من شهر.

تعديل قانون 38
ومع إصرار وعزم “التربية” على البحث ودراسة إمكانية التثبيت كشف مدير الشؤون الإدارية في وزارة التربية علي عبود عن دراسة لإمكانية تعديل بعض مواد القانون 38 المتعلق بالوكلاء لضمان فرصة تثبيت الأغلبية من الوكلاء، مؤكداً أنه لا يمكن لاستغناء عنهم نهائياً، فهناك إجازات وحالات معينة للأصلاء يجب أن يحل الوكلاء محلهم فيها، وفي ذات الوقت لا يمكن اعتبار الأصيل الحاصل على إجازة أو تفريغ في مكان ما أو ندب مكانه شاغر وذلك حسب القانون الذي يكفل حق المثبت؛ مما جعل وزارة التربية تدرس ضرورة تعديل القوانين والتشريعات لضمان حقوق الجميع.
والجدير ذكره أن وزارة التربية قد وجدت حلولاًَ سابقة في السنوات الماضية بالنسبة للوكلاء لم تجدِ نفعاً ولم تلقَ أي تفاعل ورضا من الوكلاء؛ حيث طلبت آنذاك أن يعيد هؤلاء دراسة الشهادة الثانوية حتى يحققوا شرط الالتحاق بالجامعة قسم معلم صف، وبعدها التخرج والتثبيت.

التثبيت ضرورة
يأتي ختام الكلام بضرورة ملحة وحسم هذا الموضوع الشائك مع وجود العدد الكبير من المعلمين الوكلاء، مع الحاجة لتعديل القوانين والتعليمات التي تكفل حقوق الوكلاء والمكلفين، خاصة أن غالبيتهم أثبتوا التزامهم ومواظبتهم، مع تقديم خبرات عملية يجب تقديرها وحسن استثمارها، ولاسيما خلال فترة الحرب، في ظل النزيف الجاري على مستوى العمالة بالقطاعات كلها، وبالتالي فإنه من الهام إعادة النظر بتشميل المعلمين الوكلاء بالقطاع التعليمي بالتثبيت، أسوة بغيرهم من العاملين المؤقتين في القطاعات الأخرى.
يشار إلى أن قانون 38 ينص على جواز بناء على ترشيح من قبل لجان انتقاء يشكلها وزير التربية لهذا الغرض تعيين المعلمين الوكلاء بوظيفة (معلم في التعليم الابتدائي) على أن تتوفر في المعلمين شروط: أن يكون حائزاً على الشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، وأن تتوفر فيه شروط التوظيف، وأن يكون قد مارس مهنة التعليم وكالة في المدارس الابتدائية الرسمية في الجمهورية العربية السورية بشكل متقطع أو مستمر مدة لا تقل عن خمسمئة يوم، وألا يكون منتسباً إلى إحدى الجامعات أو المعاهد العالية أو المتوسطة.
ويتم التعيين الجاري وفق المادة الأولى في الدرجة الثانية من المرتبة التاسعة بقرار من وزير التربية، ويخضع المعين إلى التمرين المنصوص عليه في المادة 12 من قانون الموظفين الأساسي وتعديلاته.
كما يخضع المعينون وفق أحكام هذا القانون إلى دورة تدريبية مدتها ستة أشهر تقيمها وزارة التربية على مراحل، وتحدد مراحل الدورة المذكورة ومواعيدها ومناهجها وسائر الأمور التنظيمية المتعلقة بها بقرار من وزير التربية. على أن يمنح الناجح في الدورة المشار إليها درجة إضافية بقرار من وزير التربية، وذلك مع احتفاظه بقدمه المكتسب في درجته من أجل الترفيع المقبل.

علي حسون