تحقيقاتصحيفة البعث

قانون الشجرة؟!

 

واقع حال المحميات الطبيعية، وغيرها من المناطق التي باتت جرداء نتيجة الاعتداءات المستمرة على أشجارها، يثير التساؤلات حول مدى فاعلية الجهات البيئية المعنية بتطبيق المعايير والضوابط التي وضعتها لحماية الأشجار الموجودة، ومدى التزام الآخرين بها، خاصة ما يتعلق بضرورة الحصول على موافقتها قبل قطع الأشجار، وهنا الحديث يخص عمليات القلع والقطع في العديد من المناطق التي يفرض واقعها التنظيمي ذلك، فلم يعد مقبولاً سكوت أو تغاضي الجهات المعنية عن مئات المخالفات التي ترتكب أمام أعين الجميع دون أية محاسبة.
طبعاً هذا الكلام ينطبق على بعض ضعاف النفوس الذين ركبوا موجة الأزمة للوصول إلى مأربهم وغاياتهم الشخصية دون أي اعتبار لمصلحة الوطن والمواطن، ونحن هنا نتكلم عن أولئك الذين يرتكبون في كل يوم مخالفة جديدة بحق الأشجار والمساحات الخضراء، خاصة بعد أن وفرت الأزمة المناخ المناسب لاستمرار ممارساتهم في سلبنا ذلك الكنز الحي المسمى (شجرة)، فالعديد من المناطق المشجرة في طريقها إلى الزوال خلال فترة بسيطة ما لم تتحرك الجهات المعنية لإنقاذها.
وبحضور آلاف الأشجار المقطوعة في مختلف أنحاء القطر، تبرز تلك التساؤلات الباحثة عن دور الوحدات الإدارية والجهات الحراجية والبيئية في المراقبة والمحاسبة في ظل حزمة من القوانين التي تحمي الشجرة وتكسبها حصانة ضد مسننات المنشار، والبلطات القاطعة، وشفرات التركسات القاتلة التي التهمت آلاف الأشجار بحجج مختلفة، وتحت غطاء الظرف المعيشي، وعدم توفر المحروقات، وغيرها من الذرائع التي استباحت الطبيعة وخربتها.
ورغم الاعتراف بضخامة الخسائر، وتعدد الارتكابات والمخالفات، إلا أن الاختلاف الكبير ما بين الواقع الموجود فعلاً، وتصريحات الجهات المعنية، وخاصة لناحية التخفيف من حجم الأضرار التي نراها الآن في كل مكان، يؤكد الفارق المتصاعد بين المشاهد المأساوية للمجازر المرتكبة بحق المناطق المشجرة، والأرقام التي ترصدها الجهات المعنية في تصريحاتها، والإجراءات التي تقوم بها في مجال الحماية والمحافظة على البيئة الشجرية بكائناتها المختلفة.
إن جميع المؤشرات تنبىء بكارثة بيئية، وخسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة، فهل تقوم الجهات المعنية بمهامها بشكل فعلي، أم يبقى دورها حبيس الممارسات الورقية الخلبية؟ وهل ستشهد الفترة القادمة ولادة تشريعات صارمة تحمي المناطق المشجرة أياً كان موقعها (داخل أو خارج المخططات التنظيمية )، أم سيترك هذا الكائن الشجري ضحية للمسننات والشفرات القاطعة بحضور تلك البصمات التي تستثمر البشر والحجر والشجر في معادلة التخريب، وبناء ممالك الثروة، في غفلة من القانون؟!.

بشير فرزان