دراساتصحيفة البعث

الصين ومحادثات “ستارت”

عناية ناصر
لن يمدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة (ستارت) بين الولايات المتحدة وروسيا، والتي تنتهي في عام 2021، ما يعني أن إدارة ترامب، بعد الانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، تعتمد التكتيك ذاته تجاه معاهدة ستارت.
إن الهدف الرئيسي لهذا التكتيك الأمريكي هو منع الصين من تطوير قواتها النووية الاستراتيجية، حيث تأمل واشنطن في ممارسة الضغط على بكين بمساعدة موسكو والرأي العام الغربي، لكن روسيا رفضت هذا العرض من خلال ما يتعلق بمعاهدة إزالة القذائف المتوسطة والأقصر مدى، حيث رفضت عرض الولايات المتحدة بإدراج الصين في المحادثات، لأن مطلب الولايات المتحدة كان غير مبرر على الإطلاق، وأن الأمر سيكون مدعاة للسخرية إذا ضمت الولايات المتحدة الصين إلى معاهدة ستارت الجديدة، كون ذلك سيقيد عدد الرؤوس الحربية، وقاذفات الصواريخ النووية التي تملكها الولايات المتحدة وروسيا.
لم تتم الإشارة إلى عدد الرؤوس الحربية التي تملكها الصين على الإطلاق، لكن أعدادها، كما هو معروف للجميع، لا تضاهي ما تملكه الولايات المتحدة وروسيا، ووفقاً لتقديرات اتحاد العلماء الأمريكيين، تمتلك الصين 280 رأساً حربياً، بينما تمتلك الولايات المتحدة 6450 رأساً، وروسيا 6490 رأساً، ولهذا يتعين على الصين أن ترفض كل تحرك من جانب الولايات المتحدة لمتابعة هذه الاستراتيجيات، ويجب أن تواجه الصين الضغط الذي قد تفرضه الولايات المتحدة، بل يجب أن تكون مصممة على تنفيذ برنامجها النووي الاستراتيجي.
لقد شهدت الصين في السنوات الأخيرة تطوراً سريعاً لقوتها العسكرية، ولديها المزيد من الخيارات في صندوق أدواتها الاستراتيجي، خاصة أن القوة النووية لاتزال الأداة الاستراتيجية الأساسية للقوى الكبرى، ولاتزال القوة النووية الاستراتيجية للصين في أدنى مستوى ممكن للحفاظ على الأمن القومي للبلاد، وبمجرد إضعافها سيتم إضعاف الأمن الاستراتيجي للبلاد.
من حيث المبدأ، يختلف الردع النووي الذي تعتمده الصين عن الدول التي لديها العدد نفسه من الرؤوس الحربية النووية، ووسائل النقل، والتي لم تقدم مثل هذا الالتزام، ومن الجشع الاستراتيجي للولايات المتحدة أن تدفع الصين للمشاركة في نزع السلاح النووي بين الولايات المتحدة وروسيا، وينبغي أن يكون واضحاً للشعب الصيني أن الاستراتيجية المتعجرفة للولايات المتحدة تجاه الصين تكمن أساساً في اختلاف الحجم بين القوة النووية الاستراتيجية للولايات المتحدة والصين، ولو كانت الرؤوس النووية الصينية بالآلاف، فإن الولايات المتحدة لم تكن لتقوم بمثل هذا الاستفزاز لبحريتها في بحر الصين الجنوبي، وستكون تحركاتها في مضيق تايوان أكثر تقييداً.
إذاً يجب على الصين أن تعزز حجم ونوعية قوتها النووية الاستراتيجية، لأن الوضع الأمني​​ لا يسمح بأي تأخير، كما يتعين على الصين ألا تعتبر الولايات المتحدة مثالاً في مجال الأسلحة النووية، وهو أمر غير واقعي أيضاً، فالقوة النووية الصينية يجب أن تكون كافية لردع أفكار الصقور الأمريكيين عن القيام بتهديدات استراتيجية نحو الصين، وهذا ما يجب أن يكون الحد الأدنى للقوة النووية الصينية.