اقتصادزواياصحيفة البعث

إلى ماذا يرنو مجمعو “السيارات”..!

 

هاهي ذي إحدى شركات “تجميع السيارات” تطرح منتجاً جديداً من سياراتها الصينية، لتصبح سوق السيارات متخمة بأنواع سيارات ما أنزل الله بها من سلطان..!
وبمحاولة لتحليل واقع هذه السوق نجد أن التخبط هو العنوان الرئيس لها؛ إذ يستمر ضخ السيارات إليها بشكل يدعو للريبة ولاسيما في ظل تدني القدرة الشرائية للمستهلك الذي بالكاد يؤمن الحد الأدنى من احتياجاته المعيشية اليومية..!
فإذا ما اعتبرنا أن الهدف من إفساح المجال لشركات “التجميع” هو كسر حدة الأسعار وتوسيع خيارات المستهلك لاقتناء سيارة، نجد أن هذا الأمر غير محقق أبداً ولا حتى بحدوده الدنيا؛ إذ إن أقل سعر للسيارات المجمعة حوالى 10 ملايين ليرة سورية، وهو سعر خرافي بالنسبة للشريحة المستهدفة، ولا سيما إذا ما علمنا أن متوسط الرواتب والأجور للعاملين في القطاع العام هو 35 ألف ليرة، وفي القطاع الخاص نحو 50 ألف ليرة…!
المفارقة بالموضوع أن ذوي الملاءة المالية لا يقبلون على شراء هذه الأنواع من السيارات المفترض أنها موجهة إلى ذوي الدخل المحدود، أو الطبقة المتوسطة التي تشكل نقطة التوازن في المجتمع، إذ إن هذه الطبقة بدأت بالانحسار إلى مستويات مخيفة، وأضحى المجتمع أقرب ما يكون إلى طبقتين؛ قوام الأولى “ثراء فاحش”، تقبل على اقتناء أكثر من سيارة من طرازات وأنواع فارهة..! وقوام الثانية “فقر مدقع” همهما اليومي تأمين لقمة العيش..مع الإشارة هنا إلى أن سبب هذا الواقع يعود بالدرجة الأولى لانخفاض سعر الليرة السورية مقابل الدولار، وعدم قدرة الحكومة على تحسين واقع الدخل، نتيجة عدم قدرتها على تفعيل الإنتاج بالمستوى المطلوب..!
إن ما تعج به السوق السورية من أنواع وطرازات عديدة من السيارات الصينية، وبمواصفات لا تضاهي أدنى جودة نظيراتها الكورية واليابانية، وبأسعار فلكية بالنسبة لدخل الشريحة المستهدفة، يعكس ما تشهده سوق السيارات من تخبط يشي بأن “وراء الأكمة ما وراءها” من جهة، ويعكس كذلك تخبطاً واضحاً في الواقع الاستثماري من جهة ثانية..!
ليبقى السؤال العريض: إلى أين يمضي اقتصادنا الوطني بعد فقدانه التكتيك والاستراتيجية..؟!
حسن النابلسي
Hasanla@yahoo.com