اقتصادزواياصحيفة البعث

نقص عمالة!؟

ربما يستغرب البعض عندما يسمع أن الكثير من الشركات العامة تحتاج إلى عمالة لتتمكن من تشغيل خطوطها الإنتاجية وفق الخطط الموضوعة والتي هي غالباً متواضعة..!
والحديث عن فائض عمالة في القطاع العام كان دائماً نظرياً على مدى العقود الماضية، وتحديداً عمال الإنتاج..!
ولطالما شبّهنا شركات النسيج بمراكز تدريب للعمال المبتدئين الذين يغادرونها فور اكتسابهم للمهارة للعمل في ورشات القطاع الخاص..!
نعم.. هناك فائض عمالة في الإدارات والمفاصل غير الإنتاجية، ولكن ما من شركة إلا وتفتقر للعمالة الفنية والماهرة لأسباب متعددة، أبرزها التعيين على خطوط الإنتاج دون خبرة..!
واللافت أن أعداداً كبيرة من العمال المهرة ليست أصيلة، أي غير مثبتة تعمل منذ سنوات بعقود سنوية أو مؤقتة أو بـ”المياومة” إلى حد أن العمال غير المثبتين تحولوا إلى مشكلة يطرحها اتحاد العمال في كل المناسبات..!
والغريب أن العمال المياومين أو المؤقتين يعملون في وظائف طبيعتها دائمة لا مؤقتة ولا يومية، ويتقاضون نفس الراتب والتعويضات، ولم يكن ينقصهم في السابق عن المثبتين سوى التسجيل في التأمينات، ومع ذلك كانت وزارة المالية ـ ولا تزال ـ تعترض على تثبيتهم مع أنهم لن يحمّلوا الخزينة قرشاً واحداً..!
وهاهي ذي وزارة الصناعة تعد اتحاد العمال (بتسوية أوضاع العمال المؤقتين، وخاصة خلف خطوط الإنتاج الذين مضى على تعيينهم عدة سنوات من أجل إعطائهم حقوقهم المالية والقانونية وحتى الإدارية ولاسيما فيما يتعلق بالعلاوات والترفيع الدوري وغيرها من الحقوق)..!
تصوروا الأعداد الكبيرة من العمال خلف خطوط الإنتاج تعمل منذ سنوات بصفة مؤقتة على عمل دائم..!
لو كانت الإدارات غير محتاجة لهم لأنهت عقودهم، بل على العكس فمعظم الإدارات تطالب دائماً بمزيد من العمالة الفنية لسد النقص في خطوط إنتاجها..!
وزير الصناعة أكد أن شركات الوزارة تحتاج إلى أكثر من ستة آلاف عامل وخاصة في الصناعات النسيجية والغذائية والتبغ وتسعى لتعيينهم خلال هذا العام..!
وهذا يعني أن الوزارة كان بإمكانها تثبيت المؤقتين خلف خطوط الإنتاج طالما تعاني من نقص “لا فائض” عمالة..!
وكانت فعلتها لولا الاعتراض الدائم والمزمن من وزارة المالية التي توحي دائماً من خلال رفضها لسد النقص في العمالة وتثبيت العمال أنها ضد العمال..!
وقد استغربنا أن يصل عدد العمالة المؤقتة في شركات الوزارة إلى 1800 عامل فقط موزعين في المحافظات كافة، أي إن تثبيتهم لن يرهق خزينة الدولة، ومع ذلك تعترض وزارة المالية على التثبيت.. فلماذا..؟
لفتنا أيضاً أن عدد العمال الذين سيعينون على خطوط الإنتاج لا يتجاوز 2000 عامل من الفئة الخامسة، أي أن الحصة الأكبر من تعيين ستة آلاف عامل جديد هم “إداريون”.. فهل فعلاً تعاني وزارة الصناعة من نقص في عمال الإدارة..؟!
الجانب المهم يبقى في تحفيز العاملين سواء المثبتين أو المؤقتنن، ودون هذا التحفيز لا يمكن تحسين الإنتاج طالما أوضاع العمال النفسية غير مستقرة بسبب الأحوال المعيشية الصعبة..!
ومن أهم عوامل التحفيز فتح سقف الحوافز والمكافآت، ومنح العمال نسبة من الأرباح.. فهل هذا مستحيل..؟!
علي عبود