دراساتصحيفة البعث

ماذا سيفعل الجيش الأمريكي لو اندلعت حرب أهلية في الولايات المتحدة؟

 

ترجمة هيفاء علي
عن ديلي بيست 7/10/2019

أمضت باتريشيا رافالي 19 عاماً في واشنطن وشغلت مناصب مختلفة في الاستخبارات المركزية، وفي الكونغرس ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وكذلك في وزارة الأمن الداخلي، بما في ذلك مكتب مكافحة الإرهاب.

وكتبت في وقت سابق من هذا الأسبوع أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية، غرّد على تويتر بأن عزله سوف يضرم نيران حرب أهلية لن تستطيع البلاد إخمادها.
لم يقل ترامب فقط إن إقالته ستؤدي إلى هزيمة انتخابية كبيرة للديمقراطيين، أو حتى إلى الاحتجاجات الجماهيرية، بل قال “الحرب الأهلية”، أي إن الأميركيين سيحملون السلاح ضد بعضهم البعض!.
أوضحت باتريشيا أن الحروب الأهلية يُنظر إليها في العصر الحديث على أنها مشكلة البلدان النامية، أي الصراعات التي تقسم الأمم والمجتمعات حيث توجد انقسامات سياسية أو عرقية أو دينية. ولكن ماذا سيكون موقف الجيش الأمريكي إن حدث شيء من هذا القبيل في الولايات المتحدة كما تنبّأ ترامب؟.
في الواقع، إن إلقاء نظرة إلى الداخل تشير إلى أن القوات المسلحة ستنقسم مثل باقي البلاد، ذلك أن الدولة المقسّمة هي مكان خطير بالنسبة للجيش الأمريكي.
وتضيف باتريشيا رافالي: إن النظام السياسي الأمريكي يعتمد على مبدأ مهمّ من الدستور حول “السيطرة المدنية على جيش غير مسيّس”، لكن نظريات المؤامرة اليمينية والخطابات السياسية البغيضة تطوّرت أيضاً لدى جزء كبير من الجيش الأمريكي.
“فمنذ وقت ليس ببعيد، تمّ تقديم غالبية الجيش الأمريكي كأتباع لعهد ريغان الجمهوري، ولكن تمّ استبدال هذا النوع من الجمهوريين بالترامبيين وسط أنصار الحزب الجمهوري المدنيين أولاً، ومن ثم بدأ ينتشر بين أفراد القوات المسلحة أيضاً.. من وجهة النظر هذه، حتى رونالد ريغان سيعتبر اشتراكياً”.
أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن شعبية دونالد ترامب سجّلت نسبة أعلى وسط قدامى المحاربين في الجيش الأمريكي بالنسبة للمواطنين الذين شملهم الاستطلاع. لكن ووفقاً لخبرتها وتجربتها فهي تعتقد أن الجيش الأمريكي يجب أن يحتقر ترامب: “لقد هرب من الخدمة العسكرية، وهو معدوم الأخلاق وكسول وسمين وغير متعلم، وخلال حملته الانتخابية في عام 2016، قال ترامب: “أنا أعرف داعش أكثر من الجنرالات، فالجنرالات لا يعرفون شيئاً لدرجة أن وجودهم أصبح محرجاً لبلدنا”.
من شأن مثل هذه التصريحات المسيئة للجيش أن توجّه عادة ضربة قوية لأي حملة انتخابية وتحرم المرشح من دعم الجيش، لكن في النهاية، أصبح هذا أحد أبرز نقاط القوة في حملته. حتى قبل فوزه في الانتخابات الرئاسية، كان دونالد ترامب قادراً على تخويف جنرالات الجيش الأمريكي، فقرروا تقديم الولاء والطاعة له ودعمه كي لا يفقدوا مناصبهم.
اليوم، يمكن للمرء سماع كبار جنرالات الجيش في القيادة المركزية الأمريكية يكررون نظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة: “هيلاري قتلت الكثير من الناس.. كان أوباما مسلماً أسود من كينيا.. مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية معطوبان.. وسائل الإعلام تنشر معلومات كاذبة”.
وبالتالي، يبدو أن كبار قادة الجيش الأمريكي قبلوا فكرة ترامب بأن “الدولة العميقة” و”الإعلام الكاذب” يخطّطون للقيام بانقلاب ضده.
كما تشير الكاتبة إلى أنها سمعت في القيادة المركزية الأمريكية تعليقات سلبية في محادثات المحلّلين العسكريين حول الحلفاء العسكريين للولايات المتحدة في قلب الناتو مثل الكنديين والبريطانيين والفرنسيين والألمان وضد الناتو بشكل عام. ومع ذلك يقول الضباط العائدون من جنوب الخليج العربي إن زعماء الخليج سعداء ويقولون إن هناك “عمدة جديد في المدينة” بعد رحيل أوباما وهزيمة هيلاري كلينتون الانتخابية.
ممالك النفط في الخليج العربي لا تصدّق عيونها، لا أحد يزعجها بشأن قضية حقوق الإنسان، وتحصل على مساعدة عسكرية أمريكية دون أي شروط، وإذا لعبت أوراقها بشكل جيد فقد تقنع ترامب بمهاجمة إيران عسكرياً.
خلال الحرب الباردة، قضى محلّلو الاستخبارات حياتهم المهنية بأكملها يخطّطون لحرب ضد الاتحاد السوفييتي، إلا أنها لم تحدث أبداً، وهاهم أفراد القيادة المركزية الأمريكية يعملون بالمثل لشنّ حرب ضد إيران.
وأخيراً، الفجوة التي اتسعت بين العالم المدني والجيش الأمريكي تزداد عمقاً. خلقت فيتنام فجوة ثقافية هائلة في الولايات المتحدة استغلها ريتشارد نيكسون بنجاح لتحقيق النصر الانتخابي. بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية لعام 2020، يريد ترامب تحقيق ما لم يتمكن نيكسون من فعله. حتى الآن، تجنّب تحمّل أي مسؤولية أمام الكونغرس، وتمكن من طمس الخطوط الفاصلة بين الأكاذيب والحقيقة في أذهان الرأي العام الأمريكي، وقوّض المؤسسات التي ضمنت أمن الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.