صحيفة البعثمحليات

حرائق الغابات صورة قاتمة تهدد مستقبل الأرض والبيئة.. وطرق الحد منها قاصرة

 

حماة – محمد فرحة

ما لحق بغاباتنا الحراجية طوال السنوات الثماني الماضية يشكل تهديداً لمستقبل الأرض والنظم البيئية، حيث طالت هذه الحرائق مئات الآلاف من الهكتارات في مختلف المحافظات الحراجية وخاصة الساحل وحماة منها، وصلت لدرجة كان يستمر فيها الحريق لعدة أيام من جراء ضعف إمكانات الإخماد وغياب الطواقم البشرية العامة في هذا المجال بسبب ضعف أجورها من جهة، وعدم توافر خطوط نار وفواصل طرقية بين الغابات للحد من اتساع رقعتها.
حيث تمثل هذه الغابات نظماً طبيعية غنية بالتنوع الحيوي، فهي في الوقت ذاته خط دفاع هش ضد تغيير المناخ، لاسيما أنها تتعرض لأضرار متزايدة قد لا تستطيع التعافي منها في مرحلة ما؛ لذلك يخشى كثيرون أن تكون الحرائق الواسعة التي طالت غاباتنا منذ سنوات بداية الأزمة أحداثاً مفصلية في تغيير النظم البيئية وهذا ما نشهده حقيقة.
تقول مصادر الهيئة العامة لإدارة تطوير سهل الغاب: يواجه عمال الحراج وفرق الإطفاء سنوياً موجة من الحرائق المتلاحقة تطال مساحات أوسع، وتدوم لفترات أطول ملحقة بالغابات والأشجار الحراجية الطبيعية منها أضراراً لا تقدر بثمن لمن يدرك قيمتها ودورها؛ لما لها من دور في اختلاف درجات الحرارة وارتفاعها والهطولات المطرية.
في ذات الوقت تعد مصدر رزق لكثير من البشر والمجتمعات، وتمثل نظماً طبيعية بالتنوع الحيوي، فليس من المنطق والموضوعية بمكان أن يكون لدينا غابات يتعدى عمرها مئة سنة فيها كل التنوع الحيوي، وبين ليلة وضحاها أمست في خبر كان، كما هي الحال في السلسلة الجبلية الممتدة من غربي مدينة مصياف وصولاً إلى قرية الرصافة غرباً وشمالاً وشرقاً.
ونستشهد هنا بما قالته المفوضة السامية للأمم المتحدة ميشيل باشيليت: إن أخطر ما يشهده العامل في وقنا الراهن هو تهديد الغابات بهذا الحجم والاتساع ما سينعكس سلباً على واقعنا البيئي والهطولات المطرية، مضيفة بأن من يحرق غابة يحرق مستقبله ومستقبل أجيال أمته.
وقال مدير حراج غابات زراعة حماة المهندس عبد المعين اصطيف: إن زيادة خطر الحرائق الذي يلحق بغاباتنا سنوياً يتطلب تغييراً في طريقة التعامل معه وإدارته، وخاصة إذا ما علمنا أن الزيادة في حجم الحرائق بمقدار كبير يستلزم زيادة في ميزان مكافحته وإخماده بأكثر من الضعف الذي هو عليه الآن، فمن هو الذي يبقى بين خطوط النار يومين متواصلين مشاركاً في إخمادها بأجر لا يتعدى 15 ألف ليرة.
الخلاصة: قد لا تبدو الصورة واضحة للعيان للجميع، لكن من يزور المواقع التي طالتها هذه الحرائق خلال السنوات الماضية يدرك جيداً حجم الخسائر والكارثة البيئية والطبيعية والبشرية أيضاً، ومع ذلك ما زال لدينا العديد من الخيارات المعقولة الأخرى، وهي انتقاء أنواع من الغطاء النباتي المزروع بالقرب من المناطق الحضرية، وتحفيز الأهالي للأشراف على المواقع القريبة منهم وحمايتها، بدلاً من تركهم يعبثون فيها قطعاً وتحطيباً وحرائق، كما يمكن تقسيم الغابات إلى مساحات منفصلة لمنع انتشار الحرائق وتوسع رقعتها خلال دقائق وساعات.