دراساتصحيفة البعث

محاولة عزل ترامب تهز السياسة الأمريكية

ترجمة: عناية ناصر

عن موقع غلوبال تايمز 13/10/ 2019

عمّق انتخاب الرئيس الأمريكي ترامب في عام 2016 الصدع في السياسة الأمريكية، ومما  لا شك فيه  أن التحقيق الرسمي لمقاضاة ترامب الذي بدأه مجلس النواب في 24 أيلول الماضي سيصعّد المنافسة السياسية الشرسة في البلاد.

يريد الحزب الديمقراطي الكشف عن الحقيقة من خلال إجراءات عزل الرئيس، لكن هذا لا يستبعد احتمال أن العديد من الديمقراطيين سيحاولون إضعاف  قبضة الحزب الجمهوري على السلطة من خلال استخدام العزل، واضعين في الاعتبار الانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2020. وفي هذا السياق سيستمر تحقيق المساءلة مع استمرار الحزب الجمهوري في الدفاع عن مواقعه، وسيستمر الصدام، وقد تتصاعد حدّته خلال الانتخابات الأمريكية  عام 2020، وخاصة بين آب وتشرين الأول 2020، حيث يرغب الجانبان بالحصول على أفضل النتائج بعد بذل كل المحاولات.

وفقاً لإجراءات العزل، فإن مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون حالياً، سيجري أخيراً تصويتاً لإدانة الرئيس، فالجمهوريون يشغلون الآن (53) مقعداً في مجلس الشيوخ، بينما يحتاج الديمقراطيون ثلثي أصوات أعضاء مجلس الشيوخ على الأقل (67) صوتاً لإدانة ترامب وإزاحته من منصبه. وإذا تمكّنت اللجان المعنية بالتحقيق مع ترامب من اكتشاف أدلة كافية، فقد يغيّر بعض الجمهوريين في مجلس الشيوخ الولاءات خلال التصويت، وسيحدّد عدد الجمهوريين الذين يغيّرون مواقفهم النتيجة.

وسواء تمّ عزل ترامب في نهاية المطاف من منصبه أم لا، فإن تحقيق العزل هو الأكثر أهمية في هذه المشاحنات السياسية، وسوف يؤثر إلى حدّ كبير على الانتخابات في عام 2020. يجب القول إن الولايات المتحدة منقسمة بعمق في السياسة والمجتمع، وكان انتخاب ترامب  انعكاساً لهذا الانقسام بطرق مختلفة، وقد عمّق انقسام البلاد بشكل أكبر.

في 25 أيلول الماضي أصدر البيت الأبيض سجلات مكالمات شهر تموز الهاتفية بين ترامب والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي، والتي نعت ترامب خلالها ماري يوفانوفيتش السفيرة الأمريكية السابقة في أوكرانيا بالأوصاف السيئة. وقد أفاد تقرير لشبكة “سي إن إن” أن المكالمة الهاتفية بين ترامب وزيلنسكي قدّمت مصداقية إضافية للادعاء بأن إقالة يوفانوفيتش من منصبها في أيار الماضي كانت بدوافع سياسية. وهذا يعني أن سياسة ترامب الخارجية تتجاهل البروتوكول الدبلوماسي وخريطة الطريق والممارسات التي تتبعها الإدارة الأمريكية، ما يعني أن على الزعماء الأجانب أن يكونوا أكثر حرصاً أثناء التحدث مع ترامب، لأن أي شيء ناقشوه يمكن كشفه بسبب الطبيعة المعقّدة للسياسة الأمريكية، وبالتالي وضعهم في مأزق، وخير مثال على ذلك زيلنسكي الذي علق في مثل هذا المأزق.

بعد أن استحوذت عملية الإقالة على عناوين الصحف قال بعض المحلّلين إن التحقيق يمكن أن يعطي ترامب فرصة للادعاء بأنه ضحية السياسة، وبالتالي كسب المزيد من الدعم من الناخبين وحتى الفوز في إعادة انتخابه، والواقع هو أن تحقيق العزل يهدف إلى الكشف عن الجانب المظلم في السياسة الأمريكية، وطالما أن ترامب انتهك اللوائح والقوانين، فمن المحتمل أن يؤدي التحقيق إلى إدانته، وتكثيف المنافسة السياسية. وسواء كانت نتيجة التحقيق هي ضد ترامب أو تمّ إجراؤها على ما يبدو لأسباب سياسية سيكون لها بالتأكيد تأثير عليه. ونظراً لأن تحقيق المساءلة له دوافع سياسية بلا شك، فمن غير المرجح أن يكون ترامب قادراً على إيجاد مخرج وإثبات أنه بريء. إن التحقيق ونتيجته -المسمّاة الحقيقة- ستجعل الجو السياسي في النهاية أكثر عداء، وسيزيد من انقسام الأمريكيين.