زواياصحيفة البعثمحليات

صورة باهتة

لا شك أن بناء الصورة يقوم على التوافق الدقيق بين الشكل بكافة عناصره مع المضمون الذي تحدده الرؤية النهائية والمكتملة؛ ولذلك نجد أن متلازمة الشكل والمضمون تشكل قيمة إيجابية مهمة داخل الصورة وخاصية المشهد المرتبط والمنسجم مع حركة الحياة اليومية بكل أبعادها وتفرعاتها، وخلافاً لذلك نجد أن أي اختلال في هذا التوافق من شأنه أن يفسد الصورة ويعكر ألوانها ويشوه ملامحها ويفقدها صدقيتها وشفافيتها وحقيقتها.
والدلالة هنا على صورة الواقع غير المتوازن والمغاير لحقيقة الواقع المعيشي والخدمي المتردي في كثير من مفاصله وجوانبه، والذي يحاول البعض في حلب ممن هم في سدة المسؤولية والقرار تجميله وتدوير زواياه من منظور اللون الواحد، دون النظر إلى باقي ألوان الصورة التي تبدو في حقيقتها باهتة ومتفرقة ومتباعدة وأكثر ضبابية ورمادية، وهنا تكبر الأسئلة حول واقع عدد كبير من أحياء حلب المهملة والمنسية منها: حي الجابرية والأحياء المجاورة التي تعاني من مشكلات وأزمات خانقة لجهة رداءة النظافة وفوضى الأسواق ومخلفاتها وسوء الخدمات المقدمة، والانتشار العشوائي للورش الصناعية ومكاتب ومحال إصلاح السيارات، ناهيك عن النزف اليومي الحاصل في شبكة الصرف الصحي المهترئة والتي تهدد مياهها المسالة في الشوارع وداخل الأبنية والأقبية بحدوث كوارث بيئية وإنسانية قد لا يحمد عقباها، وهو ما ينسحب أيضاً على الكثير من الأحياء في حلب وتحديداً المكتظة والشعبية والتي تفتقد إلى الحد الأدنى من الخدمات الضرورية.
مما تقدم وأمام هذا الكم الكبير من الصور الحية والمباشرة والتي لا تشبه الصور التجميلية على المواقع الإلكترونية والصفحات الشخصية والرسمية في “السوشال ميديا” نجد لزاماً على مجلسي المحافظة والمدينة وعلى كافة المؤسسات الخدمية والإنشائية إجراء عملية مسح لهذه الأحياء، والوقوف على واقعها الحقيقي، والقيام بالمهام المنوطة بها بعيداً عن سياسة الترقيع والتأجيل والمداورة، ونعتقد أن واقع الحال غير المرضي يفرض على الجميع تكثيف الجهود وتنسيقها لتكون الصورة صادقة وحقيقية، وألوانها أكثر ترابطاً وانسجاماً مستقبلاً.
معن الغادري