اقتصادصحيفة البعث

هل “الطاسة ضايعة” أم “مُضيَّعة”..؟!

تحت عنوان “الإنتاج” أولاً وثانياً وثالثاً.. لا تفتأ التصريحات الحكومية، التركيز على ذلك العنوان الكبير والهام..، للحد الذي قد يُخال فيه المتابع أن الحل لكل مشاكلنا الاقتصادية والمالية معلقة به، بدءاً من عودة التوازن لليرة السورية، مروراً بتأمين فرص العمل والتشغيل، وليس انتهاء بالعودة إلى الحراك الاستثماري الحقيقي، فالتموضع من جديد على مَدْرَج التعافي الاقتصادي بأدوات وأساليب وخطط واستراتيجية مختلفة، وصولاً إلى القدرة على تحسين الوضع المعيشي…
لكن التصريح شيء، والفعل والتنفيذ لتحقيق ما سقنا آنفا شيء آخر، ولعل من الأوجه الدالة على هذا، مؤشر تأجيل انعقاد المؤتمر الصناعي الرابع في دمشق، بذريعة عدم إيفاء الحكومة بأغلب مخرجات المؤتمر الثالث الذي عقد في حلب..، حسبما صرح رئيس اتحاد غرف الصناعة نفسه..!
التأجيل برأينا يعني وجود الكثير من الخلاف والاختلاف ما بين الحكومة والقطاع الصناعي الخاص، أو أن لكل طرف رؤيته وأجندته المُتكتَّم عليها لأهداف خاصة..، لا يُصرح بها هذا لذاك وبالعكس، رغم عديد الجلسات والحوارات والمناقشات المتكررة بينهما على مدار أعوام؛ ما يسمح لنا بتوقع أن هناك تعمداً في عدم إظهار الخلاف وبالحدِّية الحقيقية، لغايات دفينة..!
ولعلنا لا نوارب الحقيقة إن ادعينا أن كل ما يندرج تحت عنوان “الإنتاج”..، لا يدلل على “أننا” نسعى لخدمة هذا العنوان الصعب، في هذه الظروف الأصعب، وبما يُستحق من جرأة المصارحة ما بين الأطراف أنفسهم، وبمسؤولية كل منهم..!
فالـ 50% (أي نحو 65 منشأة) من عدد المنشآت الصناعية التي كانت موجودة قبل الأزمة وعادت للعمل والإنتاج خلالها، وفقاً للتصريحات الرسمية، نتيجة لما قدمته الحكومة من إعادة تأهيل ما يمكن من البنى التحتية والخدمية، بعد استعادة المدن والمناطق الصناعية..، لم يعكس الرضا والتفاؤل عند “الخاص” حتى لو تم التعبير خلافاً لذلك..، إذ هو في حقيقته تعبير لفظي لا أكثر، والدليل أن هناك من العارفين بالمضمر من الأمور، يستغرب الوضع الحقيقي لتلك المنشآت ومشاكلها ومعاناتها بإعادة تشغيلها، وفق القول: “أسمع كلامك أصدقه…؟!”.
وبحسب مستشار صناعي (مسؤول سابق) يمتلك أرشيف الطرفين، أن ليس هناك رضا.؛ لأن الواقع يشير إلى أن الغالبية العظمى من المنشآت التي تمت إعادة تأهيلها وتشغيلها لا تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية ولا حتى بنصفها لأسباب عديدة، في مقدمها ضعف الطلب ونقص الطاقة واليد العاملة الفنية، وارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبة التمويل والاستيراد، إضافة إلى الفساد والتهريب وغيرها..
وبناء عليه، فالسؤال الذي يفرض نفسه هو: ما الحل..؟
فهل يكون الاجتماع الذي عقد في رئاسة مجلس الوزراء حول “تقييم سياسة الإقراض” هو الحل..؟ قد يكون، لكن ليس كل الحل..، أو الأصح، أن الحل في حلحلة جملة من العقد: (القانونية والمالية والنقدية والاستثمارية..) التي ولحد الآن يُختلف حولها، رغم اتفاق الكل على عنوان “الإنتاج”..!
من هنا تغدو عملية معالجة مشاكل المنشآت الصناعية التي عادت للتشغيل، مهمة هامة وضرورية، لا تقف عند الوعود والإشادة بما تم، والكلام الطيب الذي يتكرر في كل لقاء رسمي، وإنما في معالجة حقيقية للصعوبات التي تواجهها هذه المنشآت وفق برنامج زمني محدد يرافقه اعتماد برامج دعم فني لهذه المنشآت، يعزز قدرتها التنافسية: إنتاجياً ومالياً وتسويقياً وإدارياً.
بما سبق وفقط، يؤكد الخبراء، أن بإمكان تلك المنشآت مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجهها، ويعوض التراجع الحاصل لديها بسبب الظروف الراهنة؛ وبالتالي يجعل عملية إعادة تأهيلها وتشغيلها عملية متكاملة وفعالة، وتحقق الأهداف المرجوة منها صناعياً ووطنياً.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com