تحقيقاتصحيفة البعث

لنساعدهم!

لا شك أن تعامل الأطفال مع الأجهزة الالكترونية يتيح لهم التزود بالكثير من المعرفة والعلم فيما لو تم استخدامها بشكل صحيح، لكن الخطأ الأكبر في استخدام هذه الأجهزة يعود إلى الأهالي بغياب حضورهم الدائم بين الأطفال، والحرية المبالغ بها التي يمنحونها لهم، وخاصة أن الطفل يولد ولديه شخصية وطباع خاصة، ويكمّل ما ينقصه من محيطه، وبذلك يبدأ بتكوين شخصيته الأساسية، لكن الخلل يبدأ هنا، فالأهالي يهربون من مسؤولياتهم على حساب حياة أطفالهم بإعطائهم الأجهزة الالكترونية دون مراقبة، وتركهم يقعون في غياهب التعلّق المفرط بالعالم الافتراضي.

الغريب أنه رغم الإجماع على أن الطفل عالم متكامل بحد ذاته يقوم بكل وظائفه السيكيولوجية والحيوية بشكل أولي، ويتأثر بكل نسمة قد تهب وتثير تغيراً ما في محيطه، ومن ثم نفسه، إلا أن الواقع يؤكد أن هذه  الصفحة البيضاء التي تنتظر من يأتي ويكتب على أسطرها الفارغة تتم لوسائل الاتصال (الافتراضية) لتملأ هذا الفراغ ظاهرياً، وتخلق فراغاً عميقاً أشد منه سوءاً، وتجعله يعيش في عالم خيالي لا يرى نفسه في ثناياه، ومن أبرز الوسائل والسبل لحل هذه المشاكل الناجمة عن سيطرة وسطوة الحاسوب على الأطفال، حتى الصغار منهم، حثّهم على المطالعة، ما يحقق لهم المتعة (الفائدة، والتسلية)، وذلك من خلال المجتمع، والأسرة، والمدرسة.

ومن المناسب الآن، وخاصة في هذه المرحلة المتشنجة والمتأزمة من جميع النواحي الحياتية، تسجيل الأطفال، وحثّهم على الذهاب للنوادي التي تعنى بترسيخ ثقافة الطفل، وتحريض مواهبه الكامنة والمتصلة بالمطالعة كالشعر، والقصص القصيرة، ولابد من أن يمارس الأهل في المنزل دوراً إيجابياً بتشجيع بنيهم على المطالعة لتكون شأنها في ذلك شأن باقي النشاطات النافعة والمفيدة كالرياضة، والرسم، فالأسرة كنواة أولى لأفراد المجتمع، عليها ألا تكتفي بالموقف السلبي بالترقب من بعيد، أو الحث اللفظي وحسب، بل لابد لها من أن تزرع بذرة حب المعرفة للإجابة عن الأسئلة الطبيعية التي يشعر الطفل بحاجته للإجابة عنها، وأن تلعب الدور الأكثر فعالية من حيث النقاش الهادىء والمتزن والفعال لئلا يضطر الطفل للجوء للحاسوب كوسيلة للهروب من واقعه المحسوس والملموس بأن يشعر بالاهتمام الخاص به، فيكون مع أسرته كجزء من هذا الكل، وليس كشخص غريب لا يعرف أقرانه إلا بالمقدار الذي يريدون هم أن يعرّفوه عليه كما بالحاسوب، فهل نساعدهم؟.

بشير فرزان